الحمـدُ لله وبـعـد :
أخرجَ مُسلم في كتابِ الإيمان من حديث حُذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه : قال : قال النبي صلى الله عليه وسلّم : تُعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً فأي قلب أشربها نُكت فيه نُكتة سوداء وأي قلب أنكرها نُكت فيه نُكتة بيضاء حتى تصير القلوب على قلبين : على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مرباداً كالكوز مجخياً لا يعرف مَعروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه .
يقول شيخنا خالد المصلح حفظه الله تعليقاً على الحديث " بيّن هذا الحديث أثر الذنوب على القلب وأنه يطمسها ويختم عليها وأثر التوبة في تصفية القلب وتطهيره وتنقيته " أ.هـ كلامـه .
للقلب الأثر البالغ على سائر جوارح الإنسـان وتصرفاتهِ وأفعالهِ ، فلا يستقيم حال أي إنسان إلا بصلاح قلبهِ وسلامتهِ من الآفات والأمراض ، والعجبُ كُلّ العجب من أناس يسعون السعي الحثيث لمُعالجة أجسادهم ويتناسون علاج قلوبهم هذا إن كانوا يعلمون أنهم مرضى قلوب ..!
أما أمراض القُلوب .. فحدِّث ولا حرج :
أولها الشرك بالله صغيرهِ وكبيرهِ والتعلّق بغير الله ، والبدع واتباع الأهواء والشُبُهات ، وكذا الشَّهوات التي تُمرضها كالنفاق والرياء والكذب والذنوب صغيرها وكبيرها سلّمنا الله وإيـاكم من كل سوء وبلاء .
يقول ابن القيـِّم :
" والقلب يمرض كما يمرض البدن وشفاؤه في التوبة والحمية، ويصدأ كما تصدأ المرآة وجلاؤه بالذكر ؛ ويعرى كما يعرى الجسم وزينته التقوى، ويجوع ويظمأ كما يجوع البدن، وشرابه المعرفة والمحبة والتوكل والإنابة والخدمة. "
ويقول أيضاً
" فإذا عزمت التوبة وصحت ونشأت من صميم القلب أحرقت ما مرت عليه من السيئات حتى كأنها لم تكن فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له " أ.هـ كلامه رحمـه الله .
وحريٌ بكل مُسلم ومُسلمة أن يَسعى في صلاح قلبهِ ومن أهم الطُرق هو هجر المعاصي والإلحاح بالدعاء ومُلازمـة القـُرآن ففيه شفاء قلبك قال الحق " يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ "
وليكن في المُخيلة هذا الحديث :
" ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب "
وليُعلم أن سفر الدار الآخرة
والسير إلى الله تبارَكَ وتعالى يُقطع بالقلوب لا بالأقدام :
قطع المسافة بالقلوب إليه لا ** بالسير فوق مقاعد الركبان
أصلح الله قلوبنا وأحوالنا ،،
أتمنى أن أجد في تعقيباتكُم فوائـد حول الحديث أو حول الموضوع ككل
أجزل الله لكُم الأجر والثواب ..
وصَلَّى اللهُ عَلَى نبيِّنا مُحمَّد وعلى آلهِ وصَحْبِهِ وسلَّمْ تسليماً كثيراً