اننا نتحدث عن صفات النبي صلي الله عليه وسلم عما نقل لنا ولكن صفة النبي صلي الله عليه وسلم اعظم من ان تكتب وتحصر بين كلمات .
فقد
مدح صفته الله سبحانه وتعالي في كتابه العزيز وذلك لعظم مقامه ورفعة شأنه ،
واصدق الشعراء الذين ارادوا مدح النبي صلي الله عليه وسلم وعلموا ان صفاته
لا تحصر بين كلمات الشعر وحسوا بضالة ما يكتبون ، فقد قال سيدنا حسان ابن
ثابت مادحا النبي صلي الله عليه وسلم :
و اجمل منك لم تر قط عينى ****و اكرم منك لم تلد النساء
خلقت مبرأ من كل عيب **** كأنك قد خلقت كما تشاء
النبي لا تنقطع عبادته وذكره لله
تنام عيناه ولا ينام قلبه
عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشةَ-رَضيَ اللهُ عنهُا-: كيف كانت صلاة رسولالله
-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- في رمضان؟ قالت: ما كان يزيد في رمضان ولا
غيره على إحدى عشرة ركعة، يُصلِّي أربعَ ركعات فلا تسألْ عن حُسنهن وطولهن.
ثم يُصلِّي ثلاثاً. فقلتُ: يا رسولَ الله تنامُ قبل أن تُوتر؟ قال:" تنامُ
عيني ولا ينام قلبي".
وفي رواية أنس بن مالك:
(والنَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-نائمةٌ عيناه ولا ينام قلبه،
وكذلك الأنبياءُ تنام أعينُهم ولا تنام قلوبُهم) البُخاريّ – الفتح (6/670)
رقم (3570)
قال الكلاباذي في بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخيار »
الأنبياء صلوات الله عليهم
وسائط بين الله تعالى وعباده يبلغونهم عن الله عز وجل أوامره ونواهيه
فظواهرهم موافقة لأوصاف البشر ، قال الله تعالى : قل إنما أنا بشر مثلكم
سورة الكهف آية 110 ، وبواطنهم محمولة بأوصاف الحق عن أوصاف البشرية ، إذ
لو كانت ظواهرهم بخلاف أوصاف البشرية لم يطق الناس مقاومتهم والقبول عنهم ،
ألا ترى أنه لما قال المشركون : لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا قال
الله تعالى : يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين سورة الفرقان آية
22 ، أي أنهم إن رأوهم ماتوا ، وإذا ماتوا على شركهم فلا بشرى لهم يومئذ ،
وقال : لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا
رسولا سورة الإسراء آية 95 ، فأخبر أن البشر لا يطيق مقاومة الملك فكيف
يطيق أوصاف الحق وتجليه ، وكيف يطيقون كلامه قال الله تعالى : لو أنزلنا
هذا القرءان على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله سورة الحشر آية 21 ،
وقال : إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا سورة المزمل آية 5 ، فلو كانت أسرار
الأنبياء صلوات الله عليهم كظواهرهم لتلاشت وانحلت من قواها عند تجلي أوصاف
الحق لها ، ولو كانت ظواهرهم كبواطنهم لم يقاوم البشر أوصافها ولم يطق
القبول عنها ، فجعل الله تعالى ظواهرهم بشرية جنسية ليطيق البشر القبول
عنهم لمشاكلة الجنس ، وبواطنهم خفية وملكية عرشية علوية يطيق حمل ما يرد
عليها ويكاشف لها ، قال الله عز وجل : ما كذب الفؤاد ما رأى سورة النجم آية
11 ، وقال : ما زاغ البصر وما طغى سورة النجم آية 17 ، فوصف عز وجل باطن
نبيه صلى الله عليه وسلم ، صفة القوة لرؤية ما عجز البصر عنه .
اللهم صل وسلم علي حبيبك محمد صلي الله عليه وسلم .