الحمد لله ، نحمده و نستعينه ، و نستغفره ، و نعوذ بالله
من شرور انفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له
و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا
عبده و رسوله صلى الله عليه و على آله و أصحابه و من تبعهم
بإحسان الى يوم الديـــن و سلم تسليما كثيرا ، أما بعد ...
فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في سفره وعبادته فيه
كانت أسفاره صلى الله عليه وسلم دائرة بين أربعة أسفار : سفره لهجرته ، وسفره للجهاد وهو أكثرها ، وسفره للعمرة ، وسفره للحج .
( وكان إذا أراد سفرا ، أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها سافر بها معه ) ولما حج سافر بهن جميعا .
وكان إذا سافر خرج من أول النهار ، وكان يستحب الخروج يوم الخميس ( ودعا الله تبارك وتعالى أن يبارك لأمته في بكورها )
وكان
إذا بعث سرية أو جيشا ، بعثهم من أول النهار ( وأمر المسافرين إذا كانوا
ثلاثة أن يؤمروا أحدهم ) . ( ونهى أن يسافر الرجل وحده ) ، وأخبر أن (
الراكب شيطان ، والراكبان شيطانان ، والثلاثة ركب )
وذكر عنه أنه كان
يقول حين ينهض للسفر ( اللهم إليك توجهت ، وبك اعتصمت ، اللهم اكفني ما
أهمني وما لا أهتم به ، اللهم زودني التقوى ، واغفر لي ذنبي ، ووجهني للخير
أينما توجهت )
- ص 446 - ( وكان إذا قدمت إليه دابته ليركبها ، يقول
بسم الله حين يضع رجله في الركاب ، وإذا استوى على ظهرها ، قال : الحمد لله
الذي سخر لنا هذا - دعاء ركوب الدابة - وما كنا له مقرنين ، وإنا إلى ربنا
لمنقلبون ، ثم يقول : الحمد لله ، الحمد لله ، الحمد لله ، ثم يقول : الله
أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، ثم يقول : سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي ،
إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )
وكان يقول : ( اللهم إنا نسألك في سفرنا
هذا البر والتقوى - أذكار السفر - ، ومن العمل ما ترضى ، اللهم هون علينا
سفرنا هذا ، واطو عنا بعده ، اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في
الأهل ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر
في الأهل والمال وإذا رجع قالهن وزاد فيهن آيبون تائبون عابدون لربنا
حامدون )
وكان هو وأصحابه إذا علوا الثنايا ، كبروا ، وإذا هبطوا الأودية ، سبحوا .
وكان
إذا أشرف على قرية يريد دخولها يقول : ( اللهم رب السماوات السبع وما
أظللن ، ورب الأرضين السبع وما أقللن ، ورب الشياطين وما أضللن ، ورب
الرياح وما ذرين ، أسألك خير هذه القرية وخير أهلها ، وأعوذ بك من شرها ،
وشر أهلها وشر ما فيها ).
وذكر عنه أنه كان يقول : ( اللهم إني أسألك من
خير هذه القرية وخير ما جمعت فيها ، وأعوذ بك من شرها وشر ما جمعت فيها ،
اللهم ارزقنا جناها ، وأعذنا من وباها ، وحببنا إلى أهلها ، وحبب صالحي
أهلها إلينا )
وكان يقصر الرباعية ، فيصليها ركعتين من حين يخرج مسافرا
إلى أن يرجع إلى المدينة ، ولم يثبت عنه أنه أتم الرباعية في سفره البتة ،
وأما حديث عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان يقصر في السفر ، ويتم
، ويفطر ، ويصوم ) فلا يصح . وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : هو كذب
على رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى ، وقد روي كان يقصر وتتم ، الأول
بالياء آخر الحروف ، والثاني بالتاء المثناة من فوق ، وكذلك يفطر وتصوم ،
أي : تأخذ هي بالعزيمة في الموضعين ، قال : شيخنا ابن تيمية : وهذا باطل ما
كانت أم المؤمنين لتخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم وجميع أصحابه ،
فتصلي خلاف صلاتهم ، كيف والصحيح عنها أنها قالت : ( إن الله فرض الصلاة
ركعتين ركعتين ، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، زيد
في صلاة الحضر ، وأقرت صلاة السفر ) فكيف يظن بها مع ذلك أن تصلي بخلاف
صلاة النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين معه .
قلت : وقد أتمت عائشة
بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم ، قال ابن عباس وغيره : إنها تأولت كما
تأول عثمان ، وإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر دائما ، فركب بعض
الرواة من الحديثين حديثا ، وقال : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصر
وتتم هي ، فغلط بعض الرواة ، فقال : كان يقصر ويتم ، أي هو .
والتأويل
الذي تأولته قد اختلف فيه ، فقيل ظنت أن القصر مشروط بالخوف في السفر ،
فإذا زال الخوف زال سبب القصر ، وهذا التأويل غير صحيح ، فإن النبي صلى
الله عليه وسلم سافر آمنا وكان يقصر الصلاة ، والآية قد أشكلت على عمر وعلى
غيره ، فسأل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابه بالشفاء ، وأن هذا
صدقة من الله وشرع شرعه للأمة ، وكان هذا بيان أن حكم المفهوم غير مراد ،
وأن الجناح مرتفع في قصر الصلاة عن الآمن والخائف ، وغايته أنه نوع تخصيص
للمفهوم أو رفع له ، وقد يقال : إن الآية اقتضت قصرا يتناول قصر الأركان
بالتخفيف ، وقصر العدد بنقصان ركعتين ، وقيد ذلك بأمرين : الضرب في الأرض
والخوف ، فإذا وجد الأمران أبيح القصران ، فيصلون صلاة الخوف مقصورة عددها
وأركانها ، وإن انتفى الأمران فكانوا آمنين مقيمين انتفى القصران فيصلون
صلاة تامة كاملة ، وإن وجد أحد السببين ترتب عليه قصره وحده ، فإذا وجد
الخوف والإقامة قصرت الأركان واستوفي العدد ، وهذا نوع قصر ، وليس بالقصر
المطلق في الآية ، فإن وجد السفر والأمن قصر العدد واستوفي الأركان ، وسميت
صلاة أمن ، وهذا نوع قصر ، وليس بالقصر المطلق ، وقد تسمى هذه الصلاة
مقصورة باعتبار نقصان العدد ، وقد تسمى تامة باعتبار إتمام أركانها ، وأنها
لم تدخل في قصر الآية ، والأول اصطلاح كثير من الفقهاء المتأخرين ،
والثاني يدل عليه كلام الصحابة ، كعائشة ، وابن عباس وغيرهما ، قالت عائشة :
( فرضت الصلاة ركعتين ركعتين ، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى المدينة ، زيد في صلاة الحضر ، وأقرت صلاة السفر ) فهذا يدل على أن
صلاة السفر عندها غير مقصورة من أربع ، وإنما هي مفروضة كذلك ، وأن فرض
المسافر ركعتان .
وقال ابن عباس : ( فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في
الحضر أربعا ، وفي السفر ركعتين ، وفي الخوف ركعة ) متفق على حديث عائشة ،
وانفرد مسلم بحديث ابن عباس .
وقال عمر رضي الله عنه : ( صلاة السفر
ركعتان ، والجمعة ركعتان ، والعيد ركعتان ، تمام غير قصر على لسان محمد
صلى الله عليه وسلم وقد خاب من افترى ) . وهذا ثابت عن عمر رضي الله عنه ،
وهو الذي ( سأل النبي صلى الله عليه وسلم : ما بالنا نقصر وقد أمنا ؟ فقال
له رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة تصدق بها الله عليكم ، فاقبلوا صدقته
)
ولا تناقض بين حديثيه ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما أجابه بأن
هذه صدقة الله عليكم ودينه اليسر السمح ، علم عمر أنه ليس المراد من الآية
قصر العدد كما فهمه كثير من الناس ، فقال : صلاة السفر ركعتان ، تمام غير
قصر . وعلى هذا ، فلا دلالة في الآية على أن قصر العدد مباح منفي عنه
الجناح ، فإن شاء المصلي ، فعله ، وإن شاء ، أتم .
وكان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يواظب في أسفاره على ركعتين ركعتين ، ولم يربع قط إلا شيئا
فعله في بعض صلاة الخوف ، كما سنذكره هناك ، ونبين ما فيه إن شاء الله
تعالى .
وقال أنس : ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة
إلى مكة ، فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة ) متفق عليه .
(
ولما بلغ عبد الله بن مسعود أن عثمان بن عفان صلى بمنى أربع ركعات قال :
إنا لله وإنا إليه راجعون ، صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى
ركعتين ، - ص 451 - وصليت مع أبي بكر بمنى ركعتين ، وصليت مع عمر بن الخطاب
بمنى ركعتين ، فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان ) متفق عليه . ولم
يكن ابن مسعود ليسترجع من فعل عثمان أحد الجائزين المخير بينهما ، بل
الأولى على قول ، وإنما استرجع لما شاهده من مداومة النبي صلى الله عليه
وسلم وخلفائه على صلاة ركعتين في السفر .
وفي " صحيح البخاري " عن ابن
عمر رضي الله عنه ، قال : صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان في
السفر لا يزيد على ركعتين ، وأبا بكر وعمر وعثمان . يعني في صدر خلافة
عثمان ، وإلا فعثمان قد أتم في آخر خلافته ، وكان ذلك أحد الأسباب التي
أنكرت عليه . وقد خرج لفعله تأويلات
أحدها : أن الأعراب كانوا قد حجوا
تلك السنة ، فأراد أن يعلمهم أن فرض الصلاة أربع ، لئلا يتوهموا أنها
ركعتان في الحضر والسفر ، ورد هذا التأويل بأنهم كانوا أحرى بذلك في حج
النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانوا حديثي عهد بالإسلام ، والعهد بالصلاة
قريب ، ومع هذا فلم يربع بهم النبي صلى الله عليه وسلم .
التأويل الثاني
: أنه كان إماما للناس ، والإمام حيث نزل ، فهو عمله ومحل ولايته ، فكأنه
وطنه ، ورد هذا التأويل بأن إمام الخلائق على الإطلاق رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان هو أولى بذلك ، وكان هو الإمام المطلق ولم يربع .
التأويل
الثالث : أن منى كانت قد بنيت وصارت قرية كثر فيها المساكن في عهده ، ولم
يكن ذلك في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل كانت فضاء ، ولهذا قيل
له : يا رسول الله ألا نبني لك بمنى بيتا يظلك من الحر ؟ فقال : ( لا . منى
مناخ من سبق ) . فتأول عثمان أن القصر إنما يكون في حال السفر . ورد هذا
التأويل بأن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة عشرا يقصر الصلاة .
التأويل
الرابع : أنه أقام بها ثلاثا ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يقيم
المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا ) فسماه مقيما ، والمقيم غير مسافر ورد هذا
التأويل بأن هذه إقامة مقيدة في أثناء السفر ليست بالإقامة التي هي قسيم
السفر ، وقد أقام صلى الله عليه وسلم بمكة عشرا يقصر الصلاة ، وأقام بمنى
بعد نسكه أيام الجمار الثلاث يقصر الصلاة .
التأويل الخامس : أنه كان قد
عزم على الإقامة والاستيطان بمنى ، واتخاذها دار الخلافة ، فلهذا أتم ، ثم
بدا له أن يرجع إلى المدينة ، وهذا التأويل أيضا مما لا يقوى ، فإن عثمان
رضي الله عنه من المهاجرين الأولين ، وقد منع صلى الله عليه وسلم المهاجرين
من الإقامة بمكة بعد نسكهم ، ورخص لهم فيها ثلاثة أيام فقط ، فلم يكن
عثمان ليقيم بها ، وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ، وإنما رخص
فيها ثلاثا وذلك لأنهم تركوها لله وما ترك لله فإنه لا يعاد فيه ولا يسترجع
، ولهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم من شراء المتصدق لصدقته ، وقال لعمر
: ( لا تشترها ولا تعد في صدقتك ) . فجعله عائدا في صدقته مع أخذها بالثمن
.
التأويل السادس : أنه كان قد تأهل بمنى والمسافر إذا أقام في موضع ،
وتزوج فيه ، أو كان له به زوجة ، أتم ، ويروى في ذلك حديث مرفوع عن النبي
صلى الله عليه وسلم . فروى عكرمة بن إبراهيم الأزدي ، عن ابن أبي ذباب ، عن
أبيه ، قال : صلى عثمان بأهل منى أربعا ، وقال يا أيها الناس لما قدمت
تأهلت بها ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا تأهل
الرجل ببلدة فإنه يصلي بها صلاة مقيم ) . رواه الإمام أحمد رحمه الله في "
مسنده " ، وعبد الله بن الزبير الحميدي في " مسنده " أيضا ، وقد أعله
البيهقي بانقطاعه، وتضعيفه عكرمة بن إبراهيم . قال أبو البركات بن تيمية :
ويمكن المطالبة بسبب الضعف ، فإن البخاري ذكره في " تاريخه " ولم يطعن فيه ،
وعادته ذكر الجرح والمجروحين ، وقد نص أحمد وابن عباس قبله أن المسافر إذا
تزوج لزمه الإتمام ، وهذا قول أبي حنيفة ومالك وأصحابهما ، وهذا أحسن ما
اعتذر به عن عثمان .
وقد اعتذر عن عائشة أنها كانت أم المؤمنين فحيث
نزلت كان وطنها وهو أيضا اعتذار ضعيف ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أبو
المؤمنين أيضا ، وأمومة أزواجه فرع عن أبوته ولم يكن يتم لهذا السبب . وقد
روى هشام بن عروة عن أبيه أنها كانت تصلي في السفر أربعا ، فقلت لها : لو
صليت ركعتين ، فقالت : ( يا ابن أختي إنه لا يشق علي )
قال الشافعي
رحمه الله : لو كان فرض المسافر ركعتين ، لما أتمها عثمان ، ولا عائشة ،
ولا ابن مسعود ، ولم يجز أن يتمها مسافر مع مقيم ، وقد قالت عائشة : كل ذلك
قد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أتم وقصر ، ثم روى عن إبراهيم بن
محمد ، عن طلحة بن عمرو ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن عائشة قالت : كل ذلك
فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، قصر الصلاة في السفر وأتم .
قال البيهقي
: وكذلك رواه المغيرة بن زياد عن عطاء ، وأصح إسناد فيه ما أخبرنا أبو بكر
الحارثي ، عن الدارقطني ، عن المحاملي ، حدثنا سعيد بن محمد بن ثواب ،
حدثنا أبو عاصم ، حدثنا عمر بن سعيد ، عن عطاء ، عن عائشة أن النبي صلى
الله عليه وسلم ( كان يقصر في الصلاة ويتم ويفطر ويصوم )
قال الدارقطني :
وهذا إسناد صحيح . ثم ساق من طريق أبي بكر النيسابوري ، عن عباس الدوري ،
أنبأنا أبو نعيم ، حدثنا العلاء بن زهير ، حدثني عبد الرحمن بن الأسود عن (
عائشة أنها اعتمرت مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة ، حتى
إذا قدمت مكة ، قالت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، قصرت وأتممت ، وصمت
وأفطرت . قال أحسنت يا عائشة )
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : هذا
الحديث كذب على عائشة ، ولم تكن عائشة لتصلي بخلاف صلاة رسول الله صلى الله
عليه وسلم وسائر الصحابة وهي تشاهدهم يقصرون ثم تتم هي وحدها بلا موجب .
كيف وهي القائلة : ( فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فزيد في صلاة الحضر ، وأقرت
صلاة السفر ) فكيف يظن أنها تزيد على ما فرض الله ، وتخالف رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأصحابه .
قال الزهري لعروة لما حدثه عنها بذلك : فما
شأنها كانت تتم الصلاة ؟ فقال : تأولت كما تأول عثمان . فإذا كان النبي صلى
الله عليه وسلم قد حسن فعلها وأقرها عليه ، فما للتأويل حينئذ وجه ولا يصح
أن يضاف إتمامها إلى التأويل على هذا التقدير ، وقد أخبر ابن عمر أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يزيد في السفر على ركعتين ، ولا أبو بكر ،
ولا عمر . أفيظن بعائشة أم المؤمنين مخالفتهم ، وهي تراهم يقصرون ؟ وأما
بعد موته صلى الله عليه وسلم فإنها أتمت كما أتم عثمان ، وكلاهما تأول
تأويلا ، والحجة في روايتهم لا في تأويل الواحد منهم مع مخالفة غيره له ،
والله أعلم .
وقد قال أمية بن خالد لعبد الله بن عمر إنا نجد صلاة الحضر
، وصلاة الخوف في القرآن ، ولا نجد صلاة السفر في القرآن ؟ فقال له ابن
عمر : يا أخي إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم ولا نعلم شيئا ، فإنما
نفعل كما رأينا محمدا صلى الله عليه وسلم يفعل
وقد قال أنس : ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة )
وقال
ابن عمر : ( صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان لا يزيد في السفر
على ركعتين ، وأبا بكر ، وعمر ، وعثمان رضي الله عنهم ) وهذه كلها أحاديث
صحيحة .