شبكة منتديات هواره منتدي هواره
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شبكة منتديات هواره منتدي هواره

نبدأ من الصفر حتي نصل إلي المليون
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولاتصل بنا
لمشاهدة  اسهل  طريقه  للربح  من الانترنت  اضغط هنا

 

  قصة عائشة المجنونة_بقلم فاطمة زكى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
تنين الأبداع
مرشح لفريق الابداع
مرشح لفريق الابداع



المهنه : صياد
المزاج : رايق
الجنس : ذكر بلدي : عربي وكفي
محافظة : المحرق
عدد المساهمات : 241
نقاط : 723
تاريخ الميلاد : 16/11/1998
تاريخ التسجيل : 18/06/2013
العمر : 25

	قصة عائشة المجنونة_بقلم فاطمة زكى Empty
مُساهمةموضوع: قصة عائشة المجنونة_بقلم فاطمة زكى   	قصة عائشة المجنونة_بقلم فاطمة زكى I_icon_minitimeالجمعة يونيو 21, 2013 3:13 pm


منذ اليوم الأول الذي ذهبت فيه إلى المدرسة الابتدائية،كنت أرى تلك المرأة العجوز التي تبدو في السبعين من عمرها ،شعرها ابيض منكوش يصل حتى كتفها،وعينيها غائرتين في محجريهما،والتجاعيد تملا وجهها النحيل المصفر،وشفتيها رقيقتين متشققتين،كان جسمها ضئيل جدا،وكأنها خيال مآته،واذكر جيدا يديها ذات العروق النافرة اللتان تنتفضان من شدة البرد ،ولا استطيع أن أنسى الجلابية القذرة المهترئة التي كانت ترتديها ،لم أميز لونها من كثرة الأوساخ والبقع التي عليها، كانت تجلس منكمشة عند سور مدرستى وتضم ساقيها إلى صدرها حافية القدمين، وأحيانا أراها عند مجرى مياه النيل تبكي وتنتحب ، لا تستجدى او تطلب مال ولا تؤذى أحد من المارة......هذه هي (عائشة)....او بالعامية المصرية(عيشه)،وعرفت اسمها من أطفال مدرستى عندما كانوا يهتفون ... عيشه المجنونة....عيشه المجنونة.... ويلطخونها بالحجارة حتى تبتعد بعيدا وتهرب منهم.



طوال خمس سنوات وأنا أراها وأراقبها لأنها تثير فضولي،وتدور براسي أسئلة عديدة ما هي قصتها وكيف وصلت إلى هذه الحالة المزرية ؟ لماذا تبكي وتنتحب ؟ وما سر هذه النظرة الحزينة في عينيها ؟ هل كان لديها عائلة وأطفال؟هل كان لديها بيت ؟


وفى إحدى الأيام أثناء مرورنا أنا وأمي بجانب المدرسة كانت عائشة تمشي أمامنا بثيابها الممزقة فقلت لأمي أن التلاميذ في المدرسة يجرون خلف عائشة ويقذفونها بالحجارة وينادونها يا عيشه يا مجنونه فما يكون منها سوى الابتعاد عنهم وأنا احزن عليها كثيرا فأخبرتني قصتها التى عرفتها أمي بدورها من إحدى الأمهات خلال انتظارها لي أمام باب المدرسة عندما كنت في بداية المرحلة الإبتدائية.

كانت قصة مأساوية كئيبة إلى أبعد الحدود،جعلتني اكتشف أن استمرار السعادة ما هو إلا كسحابة صيف،وان حلم الكمال مجرد وهم قرمزي جميل ، وخلف كآبة عائشة وقذارة جلابيتها،كانت لديها الحياة الكاملة التي تحسدها عليها جميع النساء ، فعائشة كانت طبيبة مشهورة،ثرية،متزوجة من زوج ناجح،وأم محبه لطفلين توأمين رائعين ،وكان لها ما تريد فيكفى أن تطلب من زوجها،فيلبى أمنياتها في غمضة عين،وكالعادة وقت السعادة قصير،وكما تعطي الدنيا ،تأخذ بقسوة،مرت السنوات سريعا،وكبر التوأمين ،وأصبحا يذهبان إلى المدرسة الابتدائية ،يملاءن قلب أمهما سعادة، كانت تمشي بالقرب من مياه النيل مع التوأمين،كان يركضون منها،وهى تحاول السيطرة على نشاطهم الزائد،تمسك بأياديهم ،وهم يضحكون ،كانت تمشي معهم مزهوة،فخورة بهم،لا تسعها الفرحة،فكل الأمهات تحسدها على طفليها الجميلان،اللذان يتمتعان بالذكاء والفطنة.

لكن القدر لم يمهلها وقتا طويلا،وأفاقت على صدمة عمرها، ففي إحدى الأيام قررت أن تجعل أولادها يعتمدون على أنفسهم ،ويأتون بمفردهم من المدرسة إلى البيت،خاصة وأن البيت قريبا من المدرسة، فالمسافة تستغرق عشرة دقائق فقط، جاء وقت الانصراف من المدرسة ،وجلست عائشة فى البيت تنظرهما، ولكن الدقائق مرت ،ولم يصل الطفلين ،شعرت بقبضة غريبة في صدرها ،وقلق رهيب جعلها تهرع إلى غرفة نومها ،وترتدي ملابسها على عجل ،وتمشى فى الشارع مهرولة،وصلت فى وقتا قياسي على الشارع الرئيسي حيث حافة النيل،من بعيد لاحظت تجمهر الناس إلى جانب حافة النيل،خفق قلبها بشدة،فقد شعرت أن شىء سيء للغاية قد حصل لطفليها،سرت القشعريرة في جسدها ،وهى تخطو نحو جموع الناس،تقدمت نحو أحد الأشخاص،وسألت عما حدث،أشار الرجل بيده نحو حافة النيل الأسمنتية القصيرة،وأخبرها عن سقوط طفلين صغيرين فى مياه النيل، فقد سقط احدي الطفلين في النيل، وحاول توأمه أن ينقذه،فمد يده ليجذب أخيه الذي سقط، ،فجذبه معه إلى النيل.

أخذت تصرخ كالمجنونة وتستغيث بالناس حتى ينقذوا ولديها ،ولكن الناس لم يستطيعوا فعل شيء سوى الاتصال بالنجدة،فلا احد يعرف السباحة،حاولت أن ترمى نفسها في النيل كى تنقذهم لكن الجموع منعتها،كان الطفلين يستغيثان ويصرخان،وبعد لحظات كان رأسيهما اختفى تحت الماء،لا يظهر سوى الفقاعات الصغيرة التي تظهر على سطح الماء،كانت الأم تبكى بحرقة يعتصرها الألم ،وهى تقف مكتوفة الأيدي تشعر بالعجز والشلل،لا تعرف ماذا تفعل،مرت الدقائق الثقيلة وكأنها دهر في انتظار المساعدة،و أخيرا وصلت النجدة،ولكن بعد فوات الأوان ،وبعد أن تم انتشالهما ، فالطفلين فارقا الحياة, أصبحا جثتين هامدتين ،بلا حراك ،ورأتهم أمهم ،انهارت...وصرخت... لم تتصور على الإطلاق أن ضحكاتهم التي كانت ترن في أذنيها هذا الصباح كانت الضحكات الأخيرة،وسقطت مغشية عليها،فالموقف قاتم للغاية،لا يحتمله قلب أي أم .


أفاقت في اليوم التالي في المستشفى،وهى تهذى باسم طفليها،وتبكى وتنتحب،كان زوجها وعائلته حولها،يحاولون تهدئتها،لكن هيهات، ف" عيشه " تطاردها عقدة الذنب ،فلو أنها كانت معهم وقتها ،لكانوا على قيد الحياة ،لما كان كل هذا حدث،أنها عديمة المسئولية،لذلك هي لا تستحق أطفالها، كم تتمنى لو الوقت يعود إلى الوراء ،كان هذا ما يدور بخلدها.

خضعت "عيشه" للعلاج النفسي،ولكنه باء بالفشل الذريع،فالصدمة زلزلتها،وكسرت شيء ما بداخلها،ومع الوقت فقدت عقلها ،وكأن أصابتها عقدة من الماء، فلا تغتسل بالماء مطلقا ،بل وترفض أن يمس الماء بشرتها ،لان الماء كان السبب في غرق اعز الناس على قلبها،وكان فقدان عقلها سببا في هجر زوجها لها ... والعائلة....و خسارة وظيفتها كطبيبة مشهورة،وفقدان الأمل إلى الأبد.


وهكذا ،انتهى بها الأمر،تجلس عند سور مدرستي التي كانت في يوم من الأيام مدرسة طفليها الجميلين،تراقب الأطفال من بعيد،وترى في كل طفل، طفليها الصغيرين،وتحوم ناحية النيل،وتقف عند الحافة ،تبكيهم بدموع من دم،وتحرق صدرها زفرات من نار.


مع تحياتى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة عائشة المجنونة_بقلم فاطمة زكى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فاطمة بنت أسد
»  قصة أحلام_بقلم فاطمة زكى
» أم المؤمنين عائشة بنت أبى بكر
» قصة عظم الله أجركم_بقلم فاطمة زكى
»  قصة يا فرحة ما تمت_بقلم فاطمة زكى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة منتديات هواره منتدي هواره :: المنتدي الأدبي ::  :: قسم القصص والروايات-
انتقل الى: