معاملة الموظف غيره بمثل ما يحب أن يُعامَل به
النصيحة شأنها في الإسلام عظيم، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم "الدِّين النصيحة، قالوا: لِمَن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم " رواه مسلم (55) عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه، وقال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: "بايعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكلِّ مسلم" رواه البخاري (57) ومسلم (56) .
وكما أنَّ كلَّ موظف أو عامل إذا كانت له حاجة عند غيره يحب أن يعامله غيرُه معاملة حسنة، فإنَّ عليه أن يُعامل غيرَه معاملة حسنة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "فمَن أحبَّ أن يُزحزح عن النار ويدخل الجنَّة فلتأته منيَّتُه وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحبُّ أن يُؤتى إليه" رواه مسلم (1844) في حديث طويل عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، والمعنى: عامِل الناسَ بمثل ما تحبُّ أن يُعاملوك به، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدُكم حتى يُحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه" رواه البخاري (13) ومسلم (45) عن أنس رضي الله عنه وقد ذمَّ الله مَن يُعامل غيرَه على خلاف ما يحبُّ أن يُعامَل به في قوله: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} ، وقال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله عزَّ وجلَّ حرَّم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعاً وهات، وكره لكم ثلاثاً: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال" أخرجه البخاري (2408) ومسلم (593) عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، وفي هذا الحديث ذم الجَموع المنوع الذي يأخذ ولايُعطي، وقد ذكَّرَ اللهُ أولياءَ اليتامى بأنَّهم يخشون على ذريَّتهم الصغار لو تركوهم، فقال تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً} ، والمعنى: كما أنَّهم يُحبُّون أن يُحسَن إلى ذريَّتهم الضعاف من بعدهم، فإنَّ عليهم أن يُحسنوا إلى اليتامى الذين لهم ولاية عليهم