بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيفكم أحبتي الكرام ؟
عساكم بخير وصحة بأذن المولى تعالى
أعجبتني محاضرة جميلة للأستاذ الشيخ محمود محمد غريب
وأحببت أن أضعها بين أيديكم
بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للهِ وسلامٌ على عبادهِ الذينَ اصطفى ، وسلامٌ على النَّبيِّ المُصطفى
أما بعد:-
نعيشُ اليوم ، مع قصةِ القرآنِ الكريمِ ، وتبدأُ القصةِ ، بالمرحلةِ الأولى ، وأعني بها ، المرحلةِ التي ، قضاها القرآن ، في الملأِ الأعلى ، قبلَ أنْ ينزل على رسول اللهِ صلِّ ياربِّ عليهِ وآلهِ وباركْ وسلَّمْ ، فالقرآن ، قديم ، لأنهُ كلامُ اللهِ تعالى ، وقدْ أودعهُ اللهُ ، في خزينةِ الأسرارِ ، في ـ اللوحِ المحفوظِ، يوم ، خلقَ السَّمواتِ والأرض ، وظلَ القرآن ، هناكَ ، تنتظرُ الدُّنيا على شوقٍ ، الإنسان العظيم ، الذي سينزلُ عليهِ ، حتى بُعثَ النَّبيّ الكريمِ ، صلِّ ياربِّ عليهِ وآلهِ وباركْ وسلَّمْ ، كما ، تُحبهُ وترضاهُ ، آمين ، وهذهِ المرحلةِ ، هي التي عنتها النصوص القرآنية الآتية { فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ . وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ . إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ . فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ . لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ . تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ }الواقعة 75 – 80 ، واللهُ تعالى ، عندما ، يُقسمُ على كرمِ القرآنِ ، بمواقعِ النُّجومِ ، فهذا القسم ، يحكي ، دقة تنظيم ، النُّجومِ في السَّماءِ ، كما يحكي دقة تنظيم الآياتِ في القرآنِ ، انهُ لقرآن كريم ، لأنَّ الذي نزلَ من عندهِ كريمٌ ، ونزلَ على نبيٍّ كريمٍ ، ونزلَ بدينٍ كريمٍ ، كما أنهُ ، كريمٌ ، لأنهُ ، يجودُ على كلِّ سائلٍ ، ويُعطي كلّ قاصدٍ ، في كتابٍ مكنونٍ ، هذا الكتابِ المكنونِ ، هوـاللوح المحفوظ ـ قال تعالى : { بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ . فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ }البروج 21 – 22 ، وظلَ القرآن ، في لوحٍ محفوظٍ
لا يصل إليهِ ، سوى الملائكة المُطَّهَّرونَ ، وهم الذينَ عناهم ، اللهُ بهذا الوصفِ العظيمِ ، لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ، وقد أكدتْ هذا القولِ ، سورة عبس ، قال تعالى : في وصفِ الملائكةِ الذينَ ، تصلُ أيديهم الطَّاهرةِ ، إلى القرآنِ ، في اللوحِ المحفوظِ ، { كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ . فَمَن شَاء ذَكَرَهُ . فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ . مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ . بِأَيْدِي سَفَرَةٍ . كِرَامٍ بَرَرَةٍ }عبس 11- 16، ولعل هذا هو السِّر ، في أنَّ الرَّسولَ الكريم ، اخبر أنَّ : قارئ القرآن ، المُتقن لقرأته ، مع السّفرةِ الكرامِ البررة ، وهذا البيان القرآني ، يبطل دعوى المُشركينَ ، التي يقولون فيها : أنَّ مُحَمَّداً يُعلمه شيطان !!!، حاشا للهِ تعالى :{ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ . فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ }التكوير 25 – 26 ، وذلكَ ، لانَّ الشّياطين ، لا تمس اللوح المحفوظ ، ثُمَّ لانَّ الشّياطين ، لا تستهدف الإصلاح ، والقرآن كلّه إصلاح ، قال تعالى :{ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ . وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ . إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ }الشعراء 210 – 212 ، ولعلَّ هذا : ((أي اطلاع الملائكة على اللوحِ المحفوظِ )) ، والذي أعلم الملائكة ، أنَّ بني ادم : سيسفكونَ الدِّماء ، ويفسدونَ في الأرضِ ، مما جعلهم يتساءلون – بحثاً عنْ سرِ الخلافةِ ، وليسَ اعتراضاً على اللهِ تعالى – { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }البقرة 30 ، وأقولُ : ( بحثاً عنْ السِّرِ ، وليسَ اعتراضاً على اللهِ تعالى ) ، لانَّ الملائكة ، لا يسبقون الله ، بإعلان رأيهم ، قال تعالى فيهم :{ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ . لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ }الأنبياء 26 – 27 ، هكذا كانَ القرآن ، في الملأِ الأعلى ، إلى أن نزلَ على النَّبيِّ العظيمِ ، صلِّ ياربِّ عليهِ وآلهِ وباركْ وسلَّمْ ، كما تحبه وترضاه آمين ، فلما بدأَ ، نزولهُ على النَّبيِّ …. - المرحلة الثانية - من القصةِ ، نزلَ القرآن ، بكلِّ ما لهُ من خصائصِ ، فهو في كتابٍ مكنونٍ لا يصل إليهِ الفساد ، ولا يؤثر فيه الزَّمن ، قال تعالى :{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9 ، لا يمسه إلا المطّهّرون ، فلا يجوز لغير المُتوضئ ، لمسهُ إلا بغلافٍ ، وهذا الحكم ، أسَّسَّتهُ السُّنة المُطّهّرة ، حتى يبقى للقرآن ، في المرحلةِ الثانيةِ ، خصائص ، المرحلةِ الأولى ، كاملة ، وظل القرآن ، في الأرض ، يُعلِّم ، ويربي ، ويقود مسيرة الدُّنيا كاملة ، يحكم فيطاع ، ويأمر فتلبي النفوس ، وينهى فتنزجر الضمائر ، إلى أن جاءت ، المرحلة الثالثةِ ، وفيها ظهرَ ، طرازٌ من الناسِ يحكم على القرآن برأيهِ ، ويهاجمه بهواهُ ، ويُحمّله نتيجة جهلهِ المَشين ، بلا حياءٍ ، يناقش الشَّاب ، فيقول لي : إن القرآن ، لا يصلح لركب الحياة الآن ، وأرفق بهِ ، واسأله : هل قرأتَ القرآن مرّة واحدة ؟؟؟ ، فأعلمُ : أنهُ لم يفتحه ، في يومٍ من الأيامِ !!! ، كيف يحكمُ ، على القرآنِ ، منْ لمْ يدرسه ، أو حتى يقرأه ؟؟ !! ، أو يقول أحدهم : أنَّ القرآنَ ، قد أدى رسالته في الزَّمن الماضي ، وسلَّم للعلمِ قيادة الحياة ، واسألُ :- لو أنَّ قُرآناً ، نزلَ اليوم ، ماذا يقول ؟؟؟؟ ، هل سيقول ، اعبدوا الله تعالى ، أو يأمر بالكفرِ بهِ ؟؟ ، هل سيأمر بمعروفٍ أو بمنكرٍ ؟؟ هل سيأمر بالتعاون بين طبقات الأُمَّة ، أم لا ؟؟ ، إنْ كانَ منْ عندِ اللهِ تعالى ، فلا بُدَّ سيأمر بالخيرِ ، والخير موجود في القرآنِ القديمِ ، فماذا يفعل القرآن الجديد ؟؟ ، وأيّ تعارض بينَ القرآنِ والعلمِ ؟ ، حتى يتصور ، بعض الناسِ ، أنهما يتنازعانِ القيادةِ ، ألمْ يأمر الإسلام ، بالعلمِ ويُكرِّم العلماء ؟؟ ، إنَّ العلمَ مفتاح الكونِ ، والكون آية على عظمةِ اللهِ تعالى ، فأيّ تعارض بينَ كون اللهِ تعالى ، وكتابه ؟ ، ويجب أن يعلم القارئ الكريم ، أنَّ لكلِّ أُمَّةٍ ، ثقافة تُوجِّه فكرها ، وتُمَجِّد تراثها ، هذه الثقافةِ ، تختلف فيها الأُمَّة مع الأُمَّم الأخرى ، لأنَّ لكلِّ أُمَّة تُراثها وثقافتها ، وهي معَ ذلكَ ، تشتركُ مع الأُمَّمِ الأُخرى ، في الحقائقِ العلميَّةِ ، فالعلم مُشترك بينَ الجميعِ ، لا تختلف فيهِ أُمَّة مع الأخرى ، فأيّ تعارض بين الثقافةِ الإسلاميةِ ، والتسابق العلميِّ ؟ ، فلنأخذ العلم ، منْ كُلِّ مكانٍ ، ولنُقدس ديننا العظيم ، هذه قصة القرآن ، في مراحلهِ الثلاثةِ ، أُوضحّها لكَ :
حتى لا نُخطئ فهم القرآن.
من محاضرات الأستاذ الشيخ محمود محمد غريب / منْ علماءِ الأزهرِ الشَّريفِ
قال تعالى
{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }النساء82
{وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ }يونس37
{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ }الحجر87
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً }الإسراء82
{قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً }الإسراء88
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }محمد24
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ }القمر17
{لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }الحشر21