شبكة منتديات هواره منتدي هواره
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شبكة منتديات هواره منتدي هواره

نبدأ من الصفر حتي نصل إلي المليون
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولاتصل بنا
لمشاهدة  اسهل  طريقه  للربح  من الانترنت  اضغط هنا

 

 كفاح الحركة الإسلامية ..

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ساره
مرشح لفريق الابداع
مرشح لفريق الابداع
ساره


المهنه : مهندس
المزاج : كووك
الجنس : انثى بلدي : مصر
محافظة : الدقهلية
عدد المساهمات : 3618
نقاط : 8136
تاريخ الميلاد : 02/02/1996
تاريخ التسجيل : 16/05/2012
العمر : 28

كفاح الحركة الإسلامية ..  Empty
مُساهمةموضوع: كفاح الحركة الإسلامية ..    كفاح الحركة الإسلامية ..  I_icon_minitimeالخميس يونيو 21, 2012 11:01 am



كفاح الحركة الإسلامية



إن طبيعة المعركة التاريخية التى تخوضها الحركة الإسلامية لوقف مسيرة التغريب فى ديار الإسلام ..

والعمل على إصلاح البلاد والعباد ..

وتأسيس دولة العدل والإيمان والحرية ..

وإحياء دين الحق فى النفوس وفى الواقع ..

وإعادة شريعة الله حاكمة لعباد الله ..

كما كانت منذ بعثة النبى صلى الله عليه وسلم وحتى فجر التاريخ الحديث عندما وقع الشرخ الكبير بفعل التغريب والغزو والإستبداد ..

هذه المعركة التاريخية هى فى صلبها وجوهرها معركة النفس الطويل والبناء الصعب والمعاناة العاقلة الذكية ..

المعاناة التى ترصد الواقع ومتغيراته وتدرس مفاتيحه ومداخل الإصلاح فيه ..

وتضع خططها الصبورة للنفاذ إلى هذا الواقع والعمل على إصلاحه بهدوء وروية مستوعبة موجات التحدى لرسالتها بأشكالها كافة ..

تحديات الإستبداد والجهل والقمع بما فى ذلك القمع الإعلامى ..

ومصالح دولية معاكسة ومتباينة مع المصلحة الإسلامية ..

وتوازنات محلية ودولية ..

وليست تلك المعاناة التى تتصور أن أهم إنجازات المسلم المعاصر أن يقضى جزءاً من عمره فى السجون والمعتقلات ..

لقد غلب على مشاعر أبناء الحركة الإسلامية فى مرحلتها الجديدة نزوع عاطفى كبير نحو الخلاص الذاتى والرغبة فى التطهر ..

دون نظر إلى أهمية الخلاص الجماعى والعام للأمة بكاملها ..

وهذا النوع الثانى من الإحساس هو الذى يفتق الذهن للإبداع الحركى ..

وهو الذى يدفع الطاقات الإسلامية إلى إحترام الواقع والتفاعل معه ومن ثم قيادته ..

وهو الذى يجعل المسلم أكثر حرصاً على وقته وعلى عمره وعلى شبابه وعلى جهوده من أن تضيع هدراً ..

لأنه يعى أنه مطالب بتحقيق النصر فى موقعة تاريخية ..

وليس فقط مجرد التضحية دون حسابات جدوى كاملة ودقيقة لأبعاد هذه التضحية ..

إنه ليس مطالباً فقط بتخليص نفسه وتطهيرها ..

بل أيضاً بتخليص أمته من آفاتها الكبرى ..

وتحريرها من العبودية لغير الله ..

ومثل هذه الأمانة الضخمة تحتاج إلى وعى وسلوك وأفق مختلف عن مجرد الشعور العاطفى الصادق ..

دون نظر إلى الغاية أو الأفق أو الدور ..

وفى تقديرى أن هذه خطوة أولى وحيوية لإصلاح مسار الحركة الإسلامية ..

وتأسيس وجهتها المستقبلية على أسس جديدة أكثر وعياً ورشداً ..

وأكثر قدرة على الإلتحام بالواقع ..

وأكثر فاعلية على التغيير والإصلاح ..

جمال سلطان ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ماذا نعنى بالحركة الإسلامية .. ؟!

الحركة الإسلامية هى: ذلك العمل الشعبى الجماعى المنظم للعودة بالإسلام إلى قيادة المجتمع ..

وتوجيه الحياة كل الحياة إجتماعياً وإقتصادياً وسياسياً وفقاً لشريعة الإسلام ..

فالحركة الإسلامية قبل كل شىء عمل .. وعمل دائب متواصل ..

وليس مجرد كلام يقال أو خطب ومحاضرات .. أو كتب ومقالات ..

وإن كان هذا كله مطلوباً ولكنه جزء من الحركة .. ولكن ليس هو الحركة ..

وهى عمل شعبى يقوم على الإنبعاث الذاتى والإقتناع الشخصى إيماناً واحتساباً وإبتغاء ما عند الله لا ما عند الناس ..

والأصل فى هذا الإنبعاث هو هذا التوتر الذى يحس به المسلم حين تدركه الصحوة وتمور به أعماقه ..

نتيجة التناقض بين إيمانه من جهة .. وواقع أمته من جهة أخرى ..

فينطلق من حبه لدينه .. ونصحه لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولكتابه ولأمته ..

وشعوره بتقصيره .. وتقصير الجماعة من حوله .. وحرصه على أداء الواجب وإستكمال النقص ..

والإسهام فى إحياء الفرائض المعطلة من الحكم بشريعة الله ..

وتوحيد الأمة الإسلامية على كلمة الله ..

وموالاة أولياء الله ومعاداة أعداء الله ..

وتحرير الأرض الإسلامية من كل عدوان وسيطرة غير إسلامية ..

وإعادة الخلافة الإسلامية الواجبة شرعاً إلى القيادة من جديد ..

وتجديد فريضة الدعوة إلى الإسلام ..

والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ..

والجهاد فى سبيل الله باليد أو باللسان أو بالقلب وذلك أضعف الإيمان حتى تكون كلمة الله هى العليا ..

ركائز الحركة الإسلامية:

أولاً: الدعوة إلى إقامة الحياة وفقاً لشريعة الإسلام:

رغم إنتشار الصحوة بين المثقفين من الشباب .. فلا زالت مجموعات كبيرة تجهل الإسلام وتفهمه فهماً مبتوراً ومشوشاً ومشوهاً نتيجة للرواسب القديمة من عصور التخلف أو المشوهات الجديدة من آثار الغزو الفكرى ..

وهؤلاء وإن كانوا قلة نسبية إلا أنه لا يزال لهم وجود بحكم تأثير الصوفية المنحرفة .. والتى لا يزال لها قوة ونفوذ فى أقطار المسلمين .. وتسندهاً علناً ومن وراء ستار السلطات الرسمية لأسباب لا تخفى على اللبيب .. والواجب أن يعرف هؤلاء مقوّمات العقيدة السليمة والعبادة المقبولة عند الله ..

وما زال بعض المثقفين يجهل عناصر الخلود وجوانب القوة والعظمة فى الإسلام ..

فلا يكاد يعرف شيئاً من خصائصه أو مقوماته ..

وهو يأخذ الإسلام من المستشرقين والمبشرين أو يأخذه من واقع المسلمين ..

فهو يظن أن ما عليه الناس من حوله هو الإسلام ..

فيحمل تأخر الناس وفسادهم وجهلهم على الإسلام .. والإسلام من هذا كله براء ..

والواجب أن يعرف هؤلاء من أين يؤخذ الإسلام .. وما مصادره التى تستقى منها تعاليمه ..

وأن الإسلام حجة على المسلمين ..

والمسلمون ليسوا حجة على الإسلام ..

وما زال بعض هؤلاء يظن أنه يمكن أن يكون مسلماً متديناً حقاً ..

وهو يقبل الحكم بغير شريعة الإسلام ..

يرضى أن يعيش فى ظل دولة توجيهاتها غير إسلامية .. وأنظمتها غير إسلامية ..

والواجب أن يعرف هؤلاء أن الإسلام عقيدة وشريعة ..

وأن الله لم ينزل كتابه ليقرأ على الأموات .. بل ليحكم الأحياء .. يقول الله تعالى فى كتابه العزيز: [إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا] .. [النساء: 105] ..

وأن من لم يحكم بما أنزل الله فهو مدموغ بالكفر أو الظلم أو الفسوق أو بها جميعاً ..

ما زال بعض المثقفين يتوهم أن الإسلام صورة من النصرانية ..

والنصرانية تقبل أن يقسم الإنسان وأن تشطر الحياة بين الله وقيصر: أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله ..

فهو يحصر الإسلام فى العلاقة بين المرء وربه ..

وهى علاقة خاصة مكانها الضمير فإذا تجاوزته فإلى المسجد لا تعدوه ..

أما الحياة ونظمها ..

والثقافة وتياراتها ..

والتعليم ومناهجه ..

والإقتصاد وتطبيقاته ..

والقانون وعقوباته ..

فما للدين ولهذه الأمور .. ؟!

وأكثر من ذلك أن ترى أحدهم يدّعى الإسلام .. وقد يفاخر بالإنتماء إليه وقد يصلى أو يحج أو يعتمر .. ومع هذا يدعو للفكر القومى العلمانى .. ويؤثر الرابطة القومية بصورة مطلقة على الرابطة الإسلامية .. ويتخذ من الفكر الغربى موجهاً له دون إنتقاء ولا تمحيص ..

فهو يأخذ برأى دارون فى التطور ..

وبرأى فرويد فى التحليل النفسى ..

وبرأى ماركس فى التفسير المادى للتاريخ ..

ولا يرى أن للإسلام موقفاً فى شىء من ذلك ..

حتى قال أحدهم يوماً: أنا ماركسى مسلم .. !!!

وهل يقبل من إنسان أن يقول: أنا بوذى مسلم .. أو مسيحى مسلم .. ؟!

فكيف يقبل منه أن يقول: أنا ماركسى مسلم .. ؟!

الماركسية ليست ديناً .. بل تحارب الدين كله .. وتعتبره أفيون الشعوب ..

والأصل أن هذا يجعلها أولى بالرفض ..

فإذا لم يقبل الإسلام الإشتراك مع دين آخر ولو كتابياً ..

فكيف يقبل الإشتراك مع عقيدة تجحد كل الأديان .. ؟!

وعمل الصحوة مع هؤلاء يأخذ طريقين:

الطريق العلاجى والطريق الوقائى ..

فالعلاجى يكون بتصحيح الأفهام الخاطئة عند المثقفين .. وإقناعهم بالأدلة العلمية الموضوعية الهادئة .. لا بالشتائم ولا المهاترات ولا الأقوال الخطابية .. ودلالتهم على المصادر الموثقة ليعرفوا منها ما يجب أن يعرفوه عن الإسلام: كتابه ورسوله وعقيدته وشريعته وتاريخه وحضارته ..

وهذا إنما يفيد فى الغالب الشباب فمن لم تتمكن فيه العصبية لمبدأ يعتنقه أو نشأ عليه .. ومن غلب عليه طلب الحق للحق ..

أما المتعصبون والمنتفعون من التجارة بالتقدمية والتحررية واليمينية واليسارية وغيرها .. فقلما يجدى معهم حوار .. إلا من باب إقامة الحجة وإبطال العذر ..

والطريق الثانى هو الطريق الوقائى .. ونعنى به وضع ثقافة صحيحة موثقة عن الإسلام .. تجمع بين الدقة العلمية والوضوح البيانى .. مهمتها إعطاء جرعات كافية فى فهم الإسلام وتصحيح المفاهيم التى شاع الخطأ فى تصورها .. والرد على الشبهات والمفتريات .. دون إسهاب فى سردها ..

والغرض من ذلك تحصين الشباب من سموم الأفكار الغازية .. فهو بما حصل من ثقافة كأنما أصبح (مطعماً) ضد الأوبئة الفكرية الزاحفة جهرة أو المتسللة خفية ..

ثانياً: إصلاح الأمة والنهوض بها إجتماعياً وإقتصادياً وسياسياً:

ويتم ذلك فى إطار عدة مجالات منها:

مجال العمل التربوى

لتكوين الطلائع الإسلامية .. وتربية جيل النصر المنشود من الذين يفهمون الإسلام ويؤمنون به كله .. علماً وعملاً ودعوة وجهاداً ويحملون دعوة الإسلام إلى أمتهم أولاً .. وإلى العالم بعد ذلك .. بعد أن إلتزموا به فكرة واضحة فى رؤوسهم .. وعقيدة راسخة فى قلوبهم .. وخلقًا يوجه كل حياتهم .. وعبادة مع الله وتعاملاً مع الناس .. ومنهاجاً حضارياً ينهض بالأمة .. ويوحدها على كلمة الله .. ويهدى الإنسانية الحائرة للتى هى أقوم ..

مجال العمل الإجتماعى

للإسهام فى علاج الفقر والجهل والمرض والرذيلة .. والوقوف فى وجه المؤسسات المشبوهة التى تجعل من العمل الإجتماعى والخيرى أداة لتغيير هوية الأمة وإرتباطها بعقيدتها ..

مجال العمل الإقتصادى

للمشاركة فى تنمية المجتمع .. وتخليصه من التبعية والغرق فى الديون الربويّة والعمل لإيجاد مؤسسات إقتصادية إسلامية ..

مجال العمل السياسى

لإستخلاص الحكم من أيدى الضعفاء والخونة ليوضع فى أيدى الأقوياء الأمناء الذين لا يريدون علوّاً فى الأرض ولا فساداً ..

والذين إن مكنهم الله فى الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ..

مجال العمل الجهادى

تحرير الأرض الإسلامية .. ومقاومة القوى المعادية للأمة وللدعوة الإسلامية والمحافظة على حرية الإرادة الإسلامية .. وإستقلال القرار الإسلامى ..

مجال العمل الدعوى والإعلامى

لنشر الفكرة الإسلامية وشرح تعاليم الإسلام شرحاً يردها إلى وسطيتها وشمولها ..

وإزاحة الغموض ورد الشبهات والمفتريات عنها بالكلمة المقروءة والمسموعة والمرئية ..

وبكل الوسائل السمعية والبصرية المعينة ..

مجال العمل الفكرى والعلمى

لتصحيح التصوّر عن الإسلام عند المسلمين وغير المسلمين .. وتصحيح المفاهيم المغلوطة والفتاوى القاصرة التى شاعت عند فصائل من الإسلاميين أنفسهم وإيجاد فقه ناضج بصير للحركة الإسلامية .. قائم على تأصيل شرعى مستمد من نصوص الشريعة ومقاصدها .. وخصوصاً لدى النخبة من المثقفين المسلمين الذين لم يتح لهم أن يعرفوا الإسلام معرفة صحيحة ..

إصلاح المجتمع وإرتباطه بفقه الأولويات

وأما فقه الأولويات فنعنى به وضع كل شىء فى مرتبته .. فلا يؤخر ما حقه التقديم ..أو يقدم ما حقه التأخير .. ولا يصغّر الأمر الكبير .. ولا يكبّر الأمر الصغير .. هذا ما تقتضى به قوانين الكون ..

ففى العهد المكى كانت مهمة النبى صلى الله عليه وسلم محصورة فى الدعوة إلى الله وتربية الجيل المؤمن الذى يحمل هذه الدعوة بعد ذلك إلى العرب .. ثم ينطلق بها إلى العالم كله .. وكان تركيزه على أصول العقيدة وترسيخ التوحيد وعبادة الله وحده ونبذ الشرك وإجتناب الطاغوت والتحلى بالفضائل ومكارم الأخلاق ..

إرتباط فقه الأولويات بفقه الموازنات

إن فقه الأولويات مرتبط بفقه الموازنات .. وفى بعض المجالات يتداخلان أو يتلازمان .. فقد تنتهى الموازنة إلى أولوية معينة .. فهنا تدخل فى فقه الأولويات ..

الموازنة بين المصالح بعضها وبعض .. وكذلك بين المفاسد بعضها وبعض ..

من حيث حجمها وسعتها .. ومن حيث عمقها وتأثيرها .. ومن حيث بقاؤها ودوامها ..

والموازنة بين المصالح والمفاسد إذا تعارضتا .. بحيث نعرف متى نقدم ردء المفسدة على جلب المصلحة ..

ومتى تغتفر المفسدة من أجل المصلحة ..

ونحن فى هذا المقام نحتاج إلى مستويين من الفقه:

أولهما فقه شرعى: يقوم على فهم عميق لنصوص الشرع ومقاصده .. حتى يسلم بصحة (مبدأ الموازنات) المذكور .. ويعرف الأدلة عليه وهى واضحة لمن إستقرأ الأحكام والنصوص وغاص فى أسرار الشريعة .. فما جاء الشرع إلا لتحقيق مصالح العباد فى المعاش والمعاد .. برتبها المعروفة: الضرورية والحاجيّة والتحسينيّة ..

والآخر فقه واقعى: مبنى على دراسة الواقع المعيش دراسة دقيقة مستوعبة لكل جوانب الموضوع .. معتمدة على أصح المعلومات وأدق البيانات والإحصاءات .. مع التحذير هنا من تضليل الأرقام غير الحقيقية المستندة إلى المنشورات الدعائية .. والمعلومات الناقصة والبيانات غير المستوفية .. والإستبيانات والأسئلة الموجهة لخدمة هدف جزئى معين لا لخدمة الحقيقة الكلية ..

ولا بد أن يتكامل فقه الشرع وفقه الواقع حتى يمكن الوصول إلى الموازنة العلمية السليمة .. البعيدة عن الغلو والتفريط ..

والفكر الذى يقوم عليه هذا الإصلاح له خصائص مميزة منها:

أولها أنه يقوم على الفكر العلمى بكل ما تحمله وتوحى به كلمة (علمى) من معنى ..

ولا نعنى بـ (الفكر العلمى) ما يتعلق بالعلوم البحتة والتطبيقية وإن كان هذا فرضاً على المسلمين .. بل نعنى به ذلك الفكر الذى لا يقبل دعوى بغير دليل .. ولا نتائج بغير مقدمات .. ولا يقبل من الأدلة إلا الموثق .. ولا من المقدمات إلا اليقينى الذى لا يرتاب فيه ..

وللروح العلمية سمات أبرزها:

1- النظرة الموضوعية إلى المواقف والأشياء والأقوال (أى بعيداً عن الذاتية) بغض النظر عن الأشخاص كما قال على بن أبى طالب: (لا تعرف الحق بالرجال .. أعرف الحق تعرف أهله) إهـ ..

2- إحترام التخصصات .. فللدين أهله .. وللإقتصاد أهله .. وللعسكرية أهلها .. ولكل فن رجاله .. وخاصة فى عصرنا .. عصر التخصص الدقيق ..

3- القدرة على نقد الذات والإعتراف بالخطأ .. والإستفادة منه وتقويم تجارب الماضى تقويماً عادلاً ..

4- إستخدام أحدث الأساليب وأقدرها على تحقيق الغاية والإستفادة من تجارب الغير حتى من الخصوم ..

فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها ..

5- إخضاع كل شىء فيما عدا الأصول والثوابت الدينية والعقلية للفحص والإختبار ..

6- عدم التعجل فى إصدار الأحكام والقرارات وتبنى المواقف إلا بعد دراسة متأنية مبنية على الإستقراء والإحصاء ..

وبعد حوار بناء تظهر معه المزايا وتنكشف المآخذ والعيوب ..

7- تقدير وجهات النظر الأخرى وإحترام آراء المخالفين فى القضايا ذات الوجوه المتعددة ..

وما دامت المسألة لم يثبت فيها نص حاسم يقطع النزاع ..

ومن المقرر عند علمائنا: أنه لا إنكار فى المسائل الإجتهادية .. إذ لا فضل لمجتهد على آخر ..

ولا يمنع هذا من الحوار البناء والتحقيق العلمى النزيه فى ظل الحب والتسامح ..

ومن خصائص المنهج الإصلاحى الذى نريده للحركة الإسلامية فى المرحلة القادمة أن يكون فكراً قائماً على الواقع .. ومن الواقعية التى تحتاج إلى تثبيتها فى فكرنا أن نوازن بين طموحنا وإمكاناتنا .. بين ما نصبو إليه وما نقدر عليه .. فلا نورط أنفسنا فى أمور لم نعد لها العدة .. ولم نهىء لها الوسائل اللازمة ..

كما يجب أن يقوم هذا الإصلاح الإجتماعى على المنهج السلفى ..

ونعنى بالمنهج السلفى هنا: ذلك المنهج الفكرى الذى يتمثل فى فهم خير قرون الأمة من الصحابة ومن تبعهم بإحسان لهداية القرآن وهدى النبوة ..

وهو منهج يقوم فى جملته على أصول ومبادئ هى:

1- الإحتكام للنصوص المعصومة لا لأقوال الرجال ..

2- رد المتشابهات إلى المحكمات والظنيات إلى القطعيات ..

3- فهم الفروع والجزئيات فى ضوء الأصول والكليات ..

4- الدعوة إلى الإجتهاد والتجديد وذم الجمود والتقليد ..

5- الدعوة إلى الإلتزام لا التسيب فى مجال الأخلاق ..

6- الدعوة إلى التيسير لا التعسير فى مجال الفقه ..

7- الدعوة إلى التبشير لا التنفير فى مجال التوجيه ..

8- الدعوة بغرس اليقين لا بالجدل فى مجال العقيدة ..

9- العناية بالروح لا بالشكل فى مجال العبادة ..

10- الدعوة إلى الإتباع فى أمور الدين والإختراع فى أمور الدنيا ..

فهذا هو لباب منهج السلف الذى تميزوا به ..

وتربى فى رحابه أفضل أجيال الأمة علماً وعملاً ..

ممن أثنى عليهم الله تعالى فى كتابه ..

وأثنى عليهم رسوله فى أحاديثه ..

وصدق ذلك الواقع التاريخى ..

فهم الذين نقلوا إلى من بعدهم القرآن وحفظوا السنن ..

وفتحوا الفتوح وأشاعوا العدل والإحسان ..

وأقاموا دولة العلم والإيمان..

وأسسوا حضارة ربانية إنسانية أخلاقية عالمية ..

لم يزل ذكرها فى سمع التاريخ ..

ولا يقال هنا أن الحركة الإسلامية تتسم بالجمود ..

بل إن الإسلام نفسه قد أقر شرعية التجديد بما جاء فى الحديث الشريف: (إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها) إهـ ..

فالتجديد مشروع وثابت وواقع بالنص ..

وليس بعد بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان ..

فلا ينبغى أن نخاف من كلمة التجديد فى الدين .. بعد أن صح بها الحديث إنما الذى ينبغى هنا أن نحدد معنى (التجديد) حتى لا يتلاعب المتلاعبون بالدين وحقائقه بإسم تجديدهم المزعوم .. وما هم من التجديد فى كثير ولا قليل ..

وخلاصة القول فيه: أن تجديد شىء ما .. لا يعنى إزالته .. وإستحداث شىء آخر مكانه .. بل تجديده يعنى إعادته أقرب ما يكون إلى صورته الأولى يوم ظهر لأول مرة والمحافظة كل المحافظة على جوهره وخصائصه ومعالمه وعدم المساس بها ..

وهذا ينطبق على الماديات والمعنويات .. فتجديد بناء أثرى قصر أو معبد أو مسجد .. لا يعنى هدمه وبناء آخر مكانه على أحدث طراز .. بل إبقاءه والحرص على إرجاعه إلى صورته الأولى ما أمكن ذلك .. فهذا هو التجديد الحقيقى ..

وتجديد الدين يشمل تجديد الفهم والفقه فيه .. وهذا تجديد فكرى كما يشمل تجديد الإيمان به .. وهذا تجديد روحى .. وتجديد العمل له والدعوة إليه .. وهذا تجديد عملى ..

وكل عصر يحتاج إلى تجديد يناسبه ليجبر القصور والنواقص ويعالج الأدواء ..

على أن هناك منطقة لا يدخلها التجديد بحال .. وهى منطقة (القطعيات) التى قال فيها الإسلام كلمته البينة الحاسمة .. سواء فى مجال العقائد أوالعبادات أم الأخلاق أم التشريع .. وهى التى تجسد الوحدة العقدية والفكرية والشعورية والسلوكية للأمة المسلمة ..

كما يتميز هذا المنهج الإصلاحى بأنه وسطى فهو:

1- فهو وسط بين دعاة المذهبية الضيقة ودعاة اللامذهبية المنفرطة ..

2- وسط بين دعاة الإنفتاح على العالم بلا ضوابط ودعاة الإنغلاق على النفس بلا مبرر ..

3- وسط بين المحكمين للعقل إن خالف النص القاطع والمغيبين للعقل ولو فى فهم النص ..

4- وسط بين المقدسين للتراث وإن بدا فيه قصور البشر والملغين للتراث وإن تجلت فيه روائع الهداية ..

5- وسط بين المستغرقين فى السياسة على حساب التربية والمهملين للسياسة كلية بدعوى التربية ..

6- وسط بين المستعجلين لقطف الثمرة قبل أوانها والغافلين عنها حتى تسقط فى آيدى غيرهم بعد نضجها ..

7- وسط بين المستغرقين فى الحاضر غائبين عن المستقبل والمبالغين فى التنبؤ بالمستقبل كأنه كتاب يقرؤونه ..

8- وسط بين المقدسين للأشكال التنظيمية كأنها أوثان تعبد والمتحللين من أى عمل منظم كأنهم حبات عقد منفرط ..

9- وسط بين الغلاة فى طاعة الفرد للشيخ والقائد كأنه الميت بين يدى الغاسل والمسرفين فى تحرره من كل إلتزام ..

10- وسط بين الدعاة إلى العالمية دون رعاية للظروف والملابسات المحلية والدعاة إلى الإقليمية الضيقة دون أدنى ارتباط بالحركة العالمية ..

11- وسط بين المسرفين فى التفاؤل متجاهلين العوائق والمخاطر والمسرفين فى التشاؤم فلا يرون إلا الظلام ولا يرقبون للظلام فجراً ..

12- وسط بين المغالين فى التحريم وكأنه لا يوجد فى الدنيا شىء حلال والمبالغين فى التحليل وكأنه لا يوجد فى الدين شىء حرام ..

ثالثاً: إقامة دولة الخلافة الإسلامية:

الواجب على الحركة الإسلامية فى المرحلة القادمة أن تقف أبداً فى وجه الحكم الفردى الديكتاتورى والإستبداد السياسى والطغيان على حقوق الشعوب ..

وأن تكون دائماً فى صف الحرية السياسية المتمثلة فى الديمقراطية الصحيحة غير الزائفة ..

وأن تقول بملء فيها للطغاة: لا ثم لا ..

ولا تسير فى ركاب ديكتاتور متسلط وإن أظهر وده لها لمصلحة موقوتة ولمرحلة لا تطول عادة ..

كما هو المجرب والمعروف ..

وما يجب التأكيد عليه هنا: أن الإسلام ليس هو الديمقراطية .. ولا الديمقراطية هى الإسلام ..

ولا يجوز أن ينسب الإسلام إلى أى مبدأ أو نظام آخر .. فهو نسيج وحده فى غاياته وفى مناهجه ووسائله ..

ولا يجوز كذلك أن ننقل الديمقراطية الغربية بعجرها وبجرها دون أن نضفى عليها من قيمنا وفكرنا ..

ولكن الأدوات والضمانات التى وصلت إليها آلية الديمقراطية هى أقرب ما تكون إلى تحقيق المبادئ والأصول السياسية التى جاء بها الإسلام لكبح جماح الحكام .. وهى: الشورى والنصيحة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .. ورفض الطاعة عند الأمر بمعصية .. ومقاومة الكفر البواح .. وتغيير المنكر بالقوة عند الإستطاعة ..

وكذلك ما يعرف بالثورة البيضاء والتى تعنى حق التظاهر السلمى والإعتصام دون الإضرار بمصالح الخلق أو الإفساد فى الأرض ..

وما تخوفه البعض هنا أن الديمقراطية تجعل الشعب مصدراً للسلطات حتى التشريعية منها .. مع أن التشريع لله وحده .. لا ينبغى أن يخاف هنا ..

لأن المفترض أننا نتحدث عن شعب مسلم فى أغلبيته .. فقد رضى بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمداً نبياً ورسولاً .. فلا يتصور منه أن يصدر تشريعاً يخالف قطعيات الإسلام وأصوله المحكمات ..

على أن هذا التخوف يمكن أن يزال بمادة واحدة تنص على أن أى تشريع يخالف الأصول القطعية للإسلام يعتبر باطلاً .. فالإسلام هو دين الدولة .. ومصدر المشروعية العليا لكل مؤسساتها .. ولا يجوز أن يصدر قانون يخالفه لأن الفرع لا يخالف الأصل ..

وينبغى أن يعلم أن إقرار مبدأ أن التشريع أو الحاكمية لله تعالى لا يسلب الأمة سلطانها فى الإجتهاد لنفسها فى التقنين لحياتها وشؤونها الدنيوية المتطورة .. إنما المقصود أن يكون التشريع أو التقنين فى إطار النصوص المعصومة .. والمقاصد الكلية للشريعة وللرسالة الإسلامية .. والنصوص الملزمة قليلة جداً .. ومنطقة (العفو) أو الفراغ التشريعى جد واسعة .. والنصوص نفسها من السعة والمرونة بحيث تتسع لأكثر من فهم وأكثر من تفسير .. ومن ثم تتعدد المشارب والمذاهب والآراء داخل إطار الإسلام الرحب ..

فإذا كانت الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية تعنى دولة الدستور والقانون ..

فلا بأس بهذا المفهوم بإعتبارها مرحلة إنتقالية مؤقتة تناسب واجب الوقت ..

أما الأصل الواجب على الأمة فهو: وجوب نصب خليفة للمسلمين يعمل وفقاً للشريعة الإسلامية ولإقامة دين الله فى الأرض .. ولا بأس بعد ذلك فى تبنى الإجتهادات السياسية كتقسيم السلطة مثلاً إلى السلطة التنفيذية المتمثلة فى الحكومة .. والسلطة التشريعية المتمثلة فى مجلس الشورى تطبيقاً لمبدأ الشورى الإسلامى ووفقاً للنظام البرلمانى .. والسلطة القضائية والمتمثلة فى القضاء الشرعى ..

على أن يعطى الحق لغير المسلمين فى الإحتكام إلى شرائعهم وقوانينهم ..

مع حفظ حقوقهم كاملة دون أى تمييز أو إضطهاد وفقاً لمبدأ المصالحة الإسلامى ..
ـــــــــــــــــــــــــ
(*) تم الإعتماد بشكل كامل فى إعداد هذا الموضوع على كتاب الدكتور / يوسف القرضاوى:

أولويات الحركة الإسلامية فى المرحلة القادمة (مع بعض التصرف) ..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
noha mohamed
مرشح لفريق الابداع
مرشح لفريق الابداع
noha mohamed


المهنه : مبرمج
المزاج : رايقه
الجنس : انثى بلدي : مصر
محافظة : القاهره
عدد المساهمات : 1787
نقاط : 1791
تاريخ الميلاد : 04/04/1995
تاريخ التسجيل : 29/01/2013
العمر : 29

كفاح الحركة الإسلامية ..  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كفاح الحركة الإسلامية ..    كفاح الحركة الإسلامية ..  I_icon_minitimeالخميس يناير 31, 2013 6:57 pm

جزاكِ الله خير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mishooo
مرشح لفريق الابداع
مرشح لفريق الابداع



المهنه : بائع
المزاج : مستمتع
الجنس : ذكر بلدي : عربي وكفي
محافظة : القاهره
عدد المساهمات : 196
نقاط : 196
تاريخ الميلاد : 30/10/1988
تاريخ التسجيل : 10/02/2013
العمر : 36

كفاح الحركة الإسلامية ..  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كفاح الحركة الإسلامية ..    كفاح الحركة الإسلامية ..  I_icon_minitimeالإثنين فبراير 11, 2013 8:05 am

رضى الله عن امهات المؤمنين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كفاح الحركة الإسلامية ..
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الدولة الإسلامية الجديدة على أسس راسخة
»  أكبر خطأ في تاريخ الأمة الإسلامية
» أنواع الحضارة الإسلامية
»  حكم الأناشيد الإسلامية والدعوة بها
» مرتكزات الوحدة الإسلامية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة منتديات هواره منتدي هواره :: المنتدي الاسلامي :: إســلامــيــات-
انتقل الى: