الغفلة والغثائية هما الداء وفقه الواقع هو الدواء
بقلم الأستاذ
زكى الأخضر
ما يحدث فى السودان .. وما يحدث فى فلسطين أو فى العراق أو أفغانستان أو غيرها ..
كلها مصائب تتنزل على أمتنا .. بسبب ضعفها وتفككها وبعدها عن دينها ..
إضافة إلى ضعف إنتشار فقه الواقع والفقه السياسى ..
وبعد أن خرجنا من ظلام عصور الإنحطاط ودخلنا فى عصر النهضة بداية القرن العشرين ..
ظهرت حركات وتيارات تحديثية ونهضوية عديدة بعدة اتجاهات منها إسلامية وعلمانية وشيوعية وإشتراكية ..
فلماذا بعد كل هذا لا زلنا لم نبرح مكاننا .. ؟!
فما هو سر الداء .. ؟!
وما هو الدواء .. ؟!
وكيف تعود أمتنا إلى مجدها التليد .. ؟!
إن هذه التيارات منها ما هو هدام ومفسد عن عمد وقصد ويحمل أجندات أجنبية كالشيوعية والإشتراكية وعلمانية الحداثة الغربية ..
ومنها ما هو وطنى محلى أو إسلامى مخلص ..
ولكن الإتجاهات الأخيرة إما لا تعتمد الإسلام كمنهج رؤية كالحركات الوطنية ..
أو تعتمد الإسلام كمنهج .. لكنها لا تعرف الواقع حق المعرفة ..
والواقع أن معظمها لديه ضعف فى فقه الواقع الشرعى ..
فما هو فقه الواقع الشرعى وما أهميته إلى جانب منهج الإسلام فى طريق الوصول للعزة والرفعة .. ؟!
يجب علينا أن نقر ونعرف تماماً أن هذا الدين الذى أنزله الله تعالى إلى العرب كان هو سر إنتشالهم من الجاهلية ليصبحوا سادة الأمم ..
ولكن هذا الفهم وحده لا يكفى .. حيث يجب أن يكون المسلم كيساً فطنا بالفطرة ..
وهذه لم تكن تنقص العرب فى الجاهلية .. لكنه ينقصنا الآن ..
ليس فقط كحركات إسلامية أو إسلاميين مستقلين ..
بل أيضاً كشعوب عربية ومسلمة بشكل عام ..
فقد كنا ولا زلنا ضحية مؤامرات التضليل السياسى اليهودى أو الغربى أو الشيوعى ..
وهنا لا نلوم كثيراً عوام الناس من الشعب ..
بل نلوم المثقفين الذين كانوا أكثر من وقع ضحية لهذه التضليلات ..
وجرّوا معهم كافة الشعوب إلى حافة الهاوية لولا رحمة الله ..
ففقه الواقع ضرورة لكل مسلم وكل عربى وحتى لكل إنسان يعيش على وجه الأرض ..
لكى لا نكون مغفلين وفريسة سهلة للمجرمين المتربصين بالشعوب ..
ومن أشهر الأمثلة هم ضحايا الثورة البلشفية الحمراء التى أدعت تحرير الشعوب ..
ولكن راح ضحيتها ملايين من الشعب الروسى والشعوب المسلمة ..
ونتج عنها موت ملايين أخرى من الجوع بسبب تطبيق المزارع الجماعية والسياسات الإقتصادية الشيوعية ..
وهذا لأن الشيوعية أولاً وأخيراً فكر يهودى أسسه ماركس اليهودى ..
وكانت معظم قادة الثورة وقادة الحزب الشيوعى من اليهود ..
وقد سُئل لينين قائد الثورة وهو مخمور فى إحدى الحفلات فى فرنسا عن سر نجاح الثورة البلشفية ..
فقال بأنه: (الغباء الكامل للشعب الروسى والذهب اليهودى .. وهذا هو جوهر ما يهمنا) إهـ ..
وأمام هذه الحقائق وفى مواجهة مثل هذه التحديات يجب رفع الوعى السياسى الحقيقى عن طريق نشر فقه الواقع الشرعى ..
خاصة بين المثقفين ..
ولكن للأسف يوجد أيضاً كثيرون محبطون من واقع الفكر السياسى الحالى ..
حيث تختلف الآراء بشدة ..
وتشوه الحقائق وتغيب ..
ويظل المرء متحيراً ..
كما توجد كثير من وسائل الإعلام تدعى فهم الواقع ..
وتقديم الحقيقة والتحليل السياسى الصحيح ..
وهذا فى غالبه غير صحيح بدليل أننا لا زلنا لم نبرح مكاننا ولا نتقدم للأمام ..
فلو كانت ما تقدمه أشهر الفضائيات الإخبارية للشعوب فيه نسبة كبيرة من الصحة ..
لوجب قطعاً أن تتغير الأحوال إلى الأفضل بغض النظر عن شدة تمسك النظام العربى ببقائه ..
لأن القاعدة الربانية تقول: [إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ] .. [الرعد: 11] ..
فلماذا لا نرى على أرض الواقع إلا التغير نحو الأسوأ وزيادة الإحتقان .. ؟!
بينما نرى بالمقابل على سبيل المثال حركة جديدة من كتاب مغمورين وفضائيات جديدة مغمورة ..
بدأت ببث أفكارها فى طريق صد الهجمة الإيرانية الرافضية الفارسية على بلادنا العربية ..
وقد نجحت هذه الفضائيات إلى حد ما فى تأخير الهجمة الإيرانية ..
التى كانت تنوى إخراج المهدى المزعوم الخاص بهم فى العامين الماضيين ..
فنحن يلزمنا مثل هذه الوقفة العظيمة على كافة الأصعدة خاصة فى فقه الواقع ..
ولا نريد مزيداً من تحريك مشاعر وعواطف المعارضة العمياء والمعارضة من أجل المعارضة ..
إننا نريد المعارضة الوطنية والإسلامية البناءة والمشاركة بشكل حقيقى فى آمال الجماهير ..
ونريد أيضاً تفعيل الإنصاف ..
والرؤية الإيجابية لما تم إنجازه ..
نريد رؤية معززة بفقه الأولويات ..
وفقه فن الممكن ..
وفقه التوازنات الدولية ..
وفقه تاريخ كيفية قيام الدول وتحولها للمجد والرفعة الذى أسسناه نحن العرب فى مقدمة إبن خلدون ..
لا يجوز أن نظل عاطفيين ومتحمسين ..
ونظن بأننا نستطيع الوصول فجأة بواسطة ثورة غثائية إلى قمة المجد ..
فلطالما كتب التاريخ أن الثورات كانت هى الطريق نحو الأسوأ ونحو الهاوية ..
والسعيد من إتعظ بغيره ..
إن الوعى بخطر مخططات العدو الغربى والأمريكى موجود ..
ومتوفر بشكل كبير فى ضمائر مثقفينا وجماهير شعوبنا والحمد لله ..
ولن يضرنا إن شاء الله موقف الأنظمة العربية إذا قامت الشعوب بتغيير ما بأنفسها ..
ولكن الصورة أكبر من ذلك ..
إننا يجب أن نعلم أن للبشرية عدواً أكبر يتربص بها يريد أن يسيطر عليها ..
وهو العدو اليهودى العالمى الصهيونى ..
وهذه حقيقة معلومة دون الحاجة لنظريات المؤامرة الخيالية ..
بل إن المؤامرة هى نفى وجود هذه المؤامرة ..
وهذا العدو اليهودى العالمى هو المسؤول عن ما نراه الآن من سنوات خدّاعة ..
يصدق فيها الكاذب ..
ويكذب فيها الصادق ..
ويؤتمن فيها الخائن ..
ويخون فيها الأمين ..
وهي كلها تمهيد لخروج الدجال اليهودى ..
الذى تصفه بروتوكولات حكماء صهيون بكل دقة بأنه ملك اليهود الأعلى على العالم ..
وتسبغ عليه أوصاف الألوهية المماثلة لما وصفه بها الرسول صلى الله عليه وسلم ..
فالقضية أكبر بكثير مما نظن ..
ولكن الله بشرنا ورسوله بأن النصر لنا ولديننا ولأمتنا ..
ولهذا يجب على الدوام أن تظهر فى أحلك الظروف من الأسباب ما يكون سبباً فى إنقاذنا ونصرتنا ..
وإنى لأستبشر خيراً بما وفقنا الله إليه من فقه للواقع الشرعى بأن يكون بذرة لهذا الخير ..
فساهموا معنا فى إثرائه ..
فلا أحد يستطيع أن يدعى أنه يحتكر الحق وحده ..
فساهموا معنا فى إثرائه وغربلته وتنقيته لنصل إلى النصر الذى وعدنا الله به ..
وإن الله ليس بحاجة لنا لينصر دينه: [وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ] .. [محمد: 38] ..
بل نحن بحاجة أن نكون من الذين ينصر الله دينه وأمته على أيديهم ..