لسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاتـُه :
هيَ قصةً .. وذكرى ..
هيَ شوقٌ وأشواق ..
هيَ براءة طفولة .. في شهرٍ أحُبهُ جداً ..
بدءٍ بـهذهِ الورقة .. وإنتهاءٍ .. بميعاد :
كانت هُنَاك .. تعبثُ بورقةً صفراء .. سقطت لتوَها من شجرةً كبيرة .. في خريف رائع ..
تُقلبُها ..تسألُنيَ عنَ ماهيَتها .. ولمَ سقطَت ؟ ولمَ لم تستمر بالبقاء ؟
هل الرياح كانت السبب ؟ وهل السحاب وما تُنزلهُ من الغيث ..هيَ المُسببَ ..
إحترتُ في إجابة .. لأنّني لم أعلم حقاً .. ما السبب ..!
حينَها كُنتُ طفلاً لم يتعدى سِنّهُ الثامنَه ..!
أعادت سؤالها .. وكررتَه .. وأنّا بصمتيَ أبحث ..!
لمَ لا تُجيب .. هكذا قالت ؟
أخبرتُها بأنّني حقاً .. لا أعلمَ ..!
جلستُ إلى جوارها ..أشاهدُ تلك الورقة الصفراء .. في شهر أيلول ..
تُداعبُنيَ بِها .. وهيَ تسأل :
هل حقاً .. سقطت هذهِ الورقة مِنّ تلقاء نفسِها ؟
مرةً أخرى .. أحتارُ في إجابة ..!
هطَل رذاذ خفيف في ذلك اليوم الرائع .. في وقت الأصيل ..
فرحنَا لـذلك الرذاذ .. وذهبنَا لـ نستمتع بِه ..
الأغنّام كانت في المراعيَ ..
والرُعاة يخافونَ مِن أنّ يهطُل المطر ..!
نادونّا .. وإقتربنَا مِنّهم :
ماذا هُنَاك ؟
ألا تخشونَ أنَ تبتَل ملابسكم مِن الغيث ؟
أيُ غيث .. إنهُ مُجرد " رهيم " قـد يمضيَ حالاً .. ولكِنّنا نتمنى أنَ يستَمر ..!
إنَه أول الغيث قطرة .. ونخشى عليكمَا أنّ تبردا .. وتُصابا بالـحُمى ..
لا تخشوا شيئاً .. إنّنا نعلمَ أنّهُ مُجرد " رهيم " سيزول قريباً ..
حسنَا كمَا تشاء .. ولكِنَ لا تبقيَا هُنَا ..إذهبَا إلى ذلك " الحيد" لـ البقاء بقرُبِه ..
ولمَ ؟
إنّ هطلت الأمطار بغزارة .. إدخُلاه .. وإنتظرا حتى يكفُ السحاب ..
حسناًَ سنفعَل .. شكراً لكم ..
/
ذهبتُ بـرفقتِها إلى أعلى الجبل ..
وبدأنّا باللعب مُجدداً..
بدأ " البردَ " يسقُط .. وأيقنتُ بأنّ الرعاة على حق ..
جذبتُها إلى داخل الحيد " الغار"
ضربت أصواتُ الرعد .. آذانَنا بقوة ..
صرخت خائفةًُ .. وبرغم خوفيَ .. كُنتُ أحاول أنّ أهدئ من روعها قليلاً .. بـقوليَ :
لا تخافيَ .. إنّنا في أمان مادُمَنا هُنّا ..
هيَ : أخاف أنّ يضرب البرق رأس الجبل .. فينهدّ هذا الغار ونموت ..
إبتسمتُ أنّا : وكيف يكون ذلك .. إنّ هذا جبل قويَ .. ويحتمَل البرق بكل تأكيَد ..
هيَ : حسناً .. إنني أشعُر بالبرد ..
حسنَا ، ما العمَل ؟
أودّ أن نعود لـ الدار .. خصوصاً وأنّ " أميَ " ستبحث عنيَ ..!
ليس بقدُرتنَا أنّ نمضيَ ألآن .. فـكمّا تريَن الأمطار تهطُل بغزارة .. وألبرد يضربُ الشجر ..!
تفكرَتُ لـ لحظة حينَها ..
آها.. ألآن علِمتُ ما سبب سقوط تلك الورقة ..!
إبتسمت : وما السبب يا ذكيَ ؟
ألبردَ هيَ من تقوم بذلك ..
نعم هذا صحيح .. لمَ لم نُفكر في هذا الأمّر من قبل ؟
ببساطة : لأنّ الأمطار لم تهطُل حينَها ..
قهقهت قليلاً .. وبقينَا ننظرُ إلى الماء الذي يسيلُ في الواديَ ..
إنتهى المطَر .. وأقلعت السحاب عنَا .. وبدأت ألوانُ الطيف تظهر في السماء ..قبل أن يحِل المغرب بساعة ..
نظرنَا إليهِ وفرحِنّا .. وشاهدنَا الطيور والحمام والدجاج والغنمَ .. تخرُج من حيثُ حبسها الرُعاة
نظرنَا إلى الشمس ،
وإلى الحقول ألتيَ بِها ممرات لـماء السيول ألتيَ تأتي من الجبل .. حيثُ نحنّ ..
أخبرتنيَ : أنظَر إلى ذلك الماء .. إنهُ نقيَ رُغم إختلاطه بالتراب .. تعال لنشرب ..!
لا إنهُ مُتسخ .. ولا يصلُح لـ الشُرب ..
هيَ بعنَاد : ولكنُهُ نظيف وصافٍ ..!
لا ليس كذلك ..!
أنّا سأذهب .. وأتركُك تموت عطشاً ..
ومن قال لكِ بأننيَ عطشان ؟
ظننُتُ هذا ..
إبتسمت : هيَا بنِّا إذاً ..سنعود لـ البيت ..
ألَا تُريد أنّ نذهب لـ نرى " سمير "
لا لا أرغبُ برؤيتهِ الآن .. سنَراهُ في بيت جديَ لاحقاً ..
كمَا تشاء ..
مررنَا بـ الرُعاة .. وهم يضحكون عليَ .. ويُخبروننيَ .. بأننيَ لا أسمع الكلام ..
أجبتُهم بأنّ المطر لم يُصبنَا بأذى .. ولم يُبلل ثيابنا كما كانوا يقولون ..
أمسكتُها مِن يدها .. ومررنَا بالسوق ..ألذي يتوسطُ قريتنَا..
إنتظرنَا صاحبُ البقالة حتى أتى :
لوسمحت يا عم ناصر هل يوجد لديك بسكويت " ميزان "
نعم ..
بكم ؟
بخمسة ريالات
حسناً هات أثنين ..
أخذتُ البسكويت .. وشققنَا طريقنَا نحو الدار ..
وحينَ وصلنَا ..كانت والدتُها تبكيَ .. وأميَ توبخُنيَ :
لمَ لم تعودا مُبكراً ..
لكِن الأمطار منعتنَا يا أميَ ..
مرةً ثانية لن أسمح لك بالخروج عصراً ..
إبتسمتُ لـ الفتاة .. وإبتسمت هيَ أيضاً ..
وقُلنَا معاً حسنَا .. لن نخرُج إذا كان هُنّاك غيوم ..
وتسللَنا إلى الدار ..
وهيَ تقول : غداً .. إلى أينّ سنذهب ؟
أجبتُها .. لا أدري !
،
منّ مُذكرةً ..قديمة ..قبل أنَ تتلف ..!
كانت هذهِ الذكرى .. ولا زالتُ .. تزيَدنَي حُباً .. بأيلول ..
ولن تنتهيّ الذكريات ..
أياً كانت النهايات .