تنين الأبداع مرشح لفريق الابداع
المهنه : المزاج : الجنس : بلدي : عربي وكفي محافظة : المحرق عدد المساهمات : 241 نقاط : 723 تاريخ الميلاد : 16/11/1998 تاريخ التسجيل : 18/06/2013 العمر : 25
| موضوع: هم يضحك ( نزف قلم : محمد سنجر ) الجمعة يونيو 21, 2013 2:18 pm | |
| ( توقفت بسيارتي في إشارة المرور ، طال الانتظار ، امتدت يدي إلى المرآة العاكسة أمامي أعدل من زاويتها ، نظرت لوجهي الذي صبغه ضوء الإشارة الحمراء بالحذر ، طفل صغير هناك يتسلل بين السيارات ، يحمل علب المناديل الورقية ، يتوسل لهذا و ذاك ، لعل أحدهم يجبر خاطره بشراء إحداها ، مر شريط الذكريات أمامي ، وجدتني هناك بين الحقول محني الظهر أنا و بعض أقراني الفقراء ، نتسلل بين نباتات القطن نقطف الأوراق التي وضعت الديدان عليها بيضها ، نضعها في أكياس القماش المعلقة برقابنا ، الشمس تلفح الرؤوس ، وقف ( حضرة الخولي ) غير بعيد عنا يلوح بخيزرانته مهددا بينما يستظل بمظلته التي يحملها له الواد ( حمودة ) ابن أخته ( هنومة ) ، أخذ يصرخ فينا ) ـ شهل ياد يا ابن ( المسقعة ) أنت و هو ، عاوزين نخلص الفدان ده قبل الضهر . ( أخذت أردد هامسا ) ـ سيد أوبح ، سيد أوبح ( هكذا نطلق عليه ) ( حاول رفاقي كتم ضحكاتهم التي بدأت تتأجج بصدورهم ، نظرت خلسة إلى رفيقي بجواري فإذا بالعرق يتصبب منه بغزارة ، همست دون أن ألتفت إليه ) ـ مالك ياد يا طه ؟ ـ عطشان يا محمد ، خلاص مش قادر ، ها أموت... ـ طب ما تستأذن من ( سيد أوبح ) و تروح تشرب . ـ خايف أقوله ليمشيني و يخصم مني النهارده كمان ، اسكت اسكت على اللي أمي عملته في امبارح لما روحت لها من غير فلوس . ـ قال إيه اللي رماك ع المر ؟ ( نقرات على زجاج سيارتي المغلق سحبتني من بين حقول الذكريات ، نظرت جانبي و إذا بطفل أشعث أغبر يتصبب عرقا ، بائع المناديل ، مد يده الواهنة بإحدى العلب ، فتحت زجاج النافذة فبادرني ) ـ و النبي تجبر خاطري يا بيه ، و الله العظيم م الصبح ما بعت و لا علبة ... ـ تعالى لف ... ـ ها تشتري ؟ ـ حط كل اللي معاك على الكرسي ورا . ( فتح الطفل الباب الخلفي و وضع ما يحمله ) ـ ستين جنيه بس يا بيه عشان خاطرك ... ـ طب لف تعالى اركب . ـ لأ معلش بالسلامة أنت ، أصلي لازم أعدي على أخويا قبل ما أروح . ( أبواق السيارات من خلفي تطالبني بالتقدم ) ـ تعالى اركب و ها نعدي عليه سوا ، اطلع اطلع . ( التف الطفل في خفة و ركب إلى جواري ، بينما أخرجت يدي معتذرا ) ـ خد . ـ إيه ده يا بيه ؟ ما فيش معاك فكة ؟ ـ لأ مش عاوز باقي ، خدها كلها . ـ ميت جنيه بحالها ؟ ـ مش خسارة فيك . ـ تشكر يا ذوق ، روح الله يسترك دنيا و آخرة ، و الله ما أنا عارف أقول لك إيه . ـ ما تقولش حاجة ، هو أخوك بيشتغل فين ؟ ـ عند العمارة العالية اللي هناك دي ... ـ و بيشتغل إيه بقى ؟ بيبيع منادل برضه ؟ ـ لا ده واد مية مية و يعجبك ، مش خايب زيي ، ده مناول قد الدنيا ... ـ مناول ؟ ـ أيوة ، مرة ورا نقاش مرة ورا بنا ، أهي بتفرج ، و أهو بيتعلم له صنعة ... ـ طب و المدرسة ؟ ـ مدرسة إيه يا بيه ؟ ما تصلي ع النبي ف قلبك ... ـ اللهم صل عليك يا نبي ، أفهم من كده إنكم مش في مدارس أصلا ؟ ـ و ها ناكل و نشرب أنا و أمي و أخواتي السبعة منين إن شاء الله ؟ ـ أيوة بس أنت صغير ع الشغل لسه و القانون بيمنع شغل الأطفال اللي في سنك ..... ( انفجر الطفل في الضحك ) ـ شي لله يا قانون ، و النبي تقول للقانون بتاعك ده ينقطنا بسكاته و يتلهي على عينه ، هو القانون ده لا بيرحم و لا عاوز رحمة ربنا تنزل ؟ بذمتك قانون إيه ده اللي عاوز يجوعني و يعريني أنا و أمي و أخواتي السبعة ؟ و إلا تكونش فاكر إنه بقى بسلامته هو اللي ها يأكلنا و يلبسنا و يصرف علينا ؟ ـ لأ طبعا ، بس المفروض إن أبوك هو اللي يصرف عليك و على إخواتك ... ( ضحك الطفل ساخرا ) ـ و تفتكر يعني الكام ملطوش اللي كان بياخدهم ( الله يرحمه ) كانوا ها يكفونا عيش حاف ؟ ـ هو أنت أبوك ميت ؟ ـ أيوة ، بعيد عنك وقع من على السقالة م الدور الرابع ها ها ها ... ( أخذ الطفل يضحك ) ـ لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ، طب و هي دي حاجة تضحك ؟ ( حاول الطفل السيطرة على ضحكاته فلم يستطع ) ـ و هو فيه إيه في الدنيا دي ما يضحكش يا بيه ؟ إنت ما سمعتش اللي بيقول لك ، هم يبكي و هم يضحك ؟ ـ طب و إيه اللي يضحك هنا ؟ مش فاهم . ـ أصل أبويا الله يرحمه لما وقع م الدور الرابع ، نزل على عربية نقل شايلة أكياس قطن كانت واقفة تحت العمارة ها ها ها .... ـ سبحان الله ، ها ها ... ( فلتت مني الضحك على وقع ضحكاته ) ـ ها ها ، نزل مش مصدق نفسه و قعد يشكر السواق و يبوس فيه و يحمد ربنا إنه نجاه م الموت ، ها ها ها ، و قال إيه راسه و ألف سيف إنه لازم يجيب للسواق حاجة ساقعة ، السواق يقوله : يا عم خلاص حمد الله على سلامتك ... ( أخذته حالة هيستيرية من الضحك ) أبويا يقوله : و الله لا يمكن لازم أجيب لك إزازة كاكولا ..ها ها ها .... السواق يقوله : يا عم مش مستاهلة ، المهم إنك بخير ... و ده راسه و ألف سيف يعدي الشارع يجيب له الكاكولا ، ها ها ها ..... و لسه بيعدي الشارع ... هاها .. هاها ... هاها ... ( إزدادت ضحكاته إلا أن الدموع بدأت تفر من عينه ) قامت جاية عربية طايرة زي الصاروخ ... و قامت خبطاه مموتاه .. هاها ...... ( عندها لم أتمالك نفسي فانفجرت في الضحك المختلط بالبكاء ، حاولنا السيطرة على أنفسنا و لا فائدة ، لم أجد إلا سؤال واحد يلح على لساني ، حاولت منعه و حاولت ، ففشلت ، عندها دست على المكابح بكل قوة ، تعالت صرخات العجلات حتى توقفت السيارة ، فبادرته بسؤالي ) ـ طب و صحته عاملة إيه دلوقتي ؟؟؟؟؟ ( انفجرنا في الضحك و البكاء حتى اختفى الضحك رويدا رويدا و تبقى البكاء )
| | |
| |
|