من هو ؟هو بلال بن رباح الحبشي المؤذن، مولى أبي بكر الصديق
، اشتراه ثم أعتقه، وكان له خازنًا، ولرسول الله
مؤذنًا، وكان
صادق الإسلام، طاهر القلب. واسم أبيه رباح، واسم أمه حمامة.
وقد ولد
بعد حادث الفيل بثلاث سنين أو أقل، وكان رجلاً شديد الأدمة، نحيفًا، طوالاً، أجنأ(
أَشْرَفَ كاهِلُه على صدره)، له شعر كثير، خفيف العارضين.
قصة اسلامه :كان
من السابقين إلى الإسلام، وقد رُوي أن رسول الله
وأبا بكر اعتزلا في غار، فبينما هما كذلك إذ مرّ بهما بلال وهو في غنم عبد
الله بن جدعان، وبلال مُولَّد من مولدي مكة. وكان لعبد الله بمكة مائة
مملوك مولّد، فلما بعث الله نبيه أمر بهم فأخرجوا من مكة إلا بلالاً يرعى
عليه غنمه تلك. فأطلع رسول الله
رأسه من ذلك الغار، فقال: "
يا راعي، هل من لبن؟" فقال بلال: ما لي إلا شاة منها قوتي، فإن شئتما آثرتكما بلبنها اليوم. فقال رسول الله: "
اِيت بها".
فجاء بها فدعا رسول الله
بقعبه(
إناء ضخم كالقصعة) فاعتقلها رسول الله
فحلب في القعب حتى ملأه فشرب حتى روي، ثم حلب حتى ملأه فسقى أبا بكر، ثم
احتلب حتى ملأه فسقى بلالاً حتى روي، ثم أرسلها وهي أحفل ما كانت، ثم قال: "
هل لك في الإسلام؟ فإني رسول الله". فأسلم، وقال: "
اكتم إسلامك".
ففعل وانصرف بغنمه وبات بها وقد أضعف لبنها، فقال له أهله: لقد رعيت مرعى
طيبًا فعليك به. فعاد إليه ثلاثة أيام يستقيهما ويتعلم الإسلام، حتى علم
المشركون بإسلامه، فقاموا بتعذيبه أشد العذاب.
مكانته :روى مسلم بسنده عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله
لبلال
عند صلاة الغداة: "يا بلال، حدثني بأرجى عمل عملته عندك في الإسلام منفعة؛ فإني سمعت الليلة خشف نعليك بين يدي في الجنة". قال بلال
:
ما عملت عملاً في الإسلام أرجى عندي منفعة من أني لا أتطهر طهورًا تامًّا
في ساعة من ليل ولا نهار، إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي.
وروى البخاري بسنده عن جابر بن عبد الله
قال: كان عمر
يقول: "أبو بكر سيدُنا، وأعتق سيدَنا", يعني بلالاً.
وكان بلال
أول من أذَّن للصلاة، وهو مؤذِّن الرسول؛ عن زيد بن أرقم
قال: قال رسول الله
: "
نعم المرء بلال، هو سيد المؤذنين، ولا يتبعه إلا مؤذن، والمؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة".
أثر الرسول في تربيته :عن
عبد الله بن محمد بن الحنفية قال: انطلقت أنا وأبي إلى صهرٍ لنا من
الأنصار نعوده، فحضرت الصلاة، فقال لبعض أهله: يا جارية، ائتوني بوضوء
لعلِّي أصلي فأستريح. قال: فأنكرنا ذلك عليه، فقال: سمعت رسول الله
يقول: "
قم يا بلال، فأرحنا بالصلاة".
لقد تربى بلال
وتعلم في مدرسة النبوة، ورافق النبي كثيرًا، مما كان له الأثر الكبير في شخصيته
، ولقد اكتشف النبي
موهبته ومهارته وصوته النديّ، فأمره أن يؤذن، فكان أول مؤذن في الإسلام.
بعض كلماته :كان
يقول عن نفسه تواضعًا: "إنما أنا حبشي، كنت بالأمس عبدًا".
وعن هند امرأة بلال
قالت: كان بلال إذا أخذ مضجعه قال: "اللهم تجاوز عن سيئاتي، واعذرني بعلاتي".
وفاته :لما احتضر بلال
نادت امرأته: واحزاناه! فقال: "واطرباه! غدًا ألقى الأحبة محمدًا وحزبَه".
وقد مات
بدمشق سنة عشرين، فدفن عند الباب الصغير في مقبرة دمشق، وهو ابن بضع وستين سنة.