الصبي الذي انقظ حياة عجوز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في
كل يوم جمعة ، وبعد الصلاة ، كان الإمام وابنه البالغ من العمر إحدى عشر
سنة ، من شأنه أن يخرج في بلدتهم في إحدى ضواحي أمستردام ، ويوزع على الناس
كتيب صغير بعنوان "الطريق إلى الجنة" ، وغيرها من المطبوعات الإسلامية.
وفى
أحد الأيام بعد ظهر الجمعة ، جاء الوقت للإمام وابنه للنزول إلى الشوارع
لتوزيع الكتيبات ، وكان الجو باردا جدا في الخارج ، فضلا عن هطول الأمطار.
الصبي ارتدى كثيراً من الملابس حتى لا يشعر بالبرد ، وقال : حسنا يا أبي ، أنا مستعد!
سأله والده ، مستعد لماذا؟
قال الابن : يا أبي ، لقد حان الوقت لكي نخرج لتوزيع هذه الكتيبات الإسلامية.
أجابه أبوه : الطقس شديد البرودة في الخارج ، وإنها تمطر بغزارة.
أدهش الصبي أبوه بالإجابة وقال : ولكن يا أبي لا يزال هناك ناس يذهبون إلى النار على الرغم من أنها تمطر.
أجاب الأب : ولكنني لن أخرج في هذا الطقس.
قال الصبي : هل يمكن يا أبي ، أن أذهب أنا ، من فضلك ، لتوزيع الكتيبات ؟؟
تردد والده للحظة ثم قال: يمكنك الذهاب ، وأعطاه بعض الكتيبات.
قال الصبي : شكرا يا أبي!
ورغم
أن عمر هذا الصبي أحدى عشر عاماً فقط ، إلا أنه مشى في شوارع المدينة في
هذا الطقس البارد والممطر ، لكي يوزع الكتيبات على من يقابله من الناس ،
وظل يتردد من باب إلى باب حتى يوزع الكتيبات الإسلامية.
بعد
ساعتين من المشي تحت المطر ، تبقى معه آخر كتيب ، وظل يبحث عن أحد المارة
في الشارع لكي يعطيه له، ولكن كانت الشوارع مهجورة تماما.
ثم استدار إلى الرصيف المقابل لكي يذهب إلى أول منزل يقابله حتى يعطيهم الكتيب ، دق جرس الباب ، ولكن لا أحد يجيب ..
ظل يدق الجرس مرارا وتكرارا ، ولكن لا زال لا أحد يجيب ، وأراد أن يرحل ، ولكن شيئا ما يمنعه.
مرة
أخرى ، التفت إلى الباب ودق الجرس وأخذ يطرق على الباب بقبضته بقوة ، وهو
لا يعلم ما الذي جعله ينتظر كل هذا الوقت ، وظل يطرق على الباب ، وهذه
المرة فتح الباب ببطء.
وكانت تقف عند الباب امرأة كبيره في السن ، ويبدو عليها علامات الحزن الشديد ، فقالت له : ماذا أستطيع أن أفعل لك يا بني ؟
قال
لها الصبي الصغير ، ونظر لها بعينان متألقتان ، وعلى وجهه ابتسامة أضاءت
لها العالم : سيدتي ، أنا آسف إذا كنت أزعجتك ، ولكن فقط أريد أن أقول لكي
أن الله يحبك حقيقة ، ويعتني بك ، وجئت لكي أعطيكي آخر كتيب معي ، والذي
سوف يخبرك كل شيء عن الله ، والغرض الحقيقي من الخلق ، وكيفية تحقيق
رضوانه.
وأعطاها الكتيب ، وأراد الانصراف ، فقالت له : شكرا لك يا بني .
في الأسبوع القادم بعد صلاة الجمعة ، كان الإمام يعطى محاضرة ، وعندما انتهى منها وسأل : هل لدى أي شخص سؤال أو يريد أن يقول شيئا؟
ببطء
، وفي الصفوف الخلفية وبين السيدات ، كانت سيدة عجوز يُسمع صوتها تقول: لا
أحد في هذا الجمع يعرفني، ولم أتى إلى هنا من قبل، وقبل الجمعة الماضية لم
أكن مسلمة ، ولم فكر أن أكون كذلك . وقد توفي زوجي منذ أشهر قليلة ،
وتركني وحيده تماما في هذا العالم ، ويوم الجمعة الماضي كان الجو بارد جداً
وكانت تمطر ، وقد قررت أن انتحر لأنني لم يبقى لدى أي أمل في الحياة.
لذا
أحضرت حبلاً وكرسياً ، وصعدت إلى الغرفة العلوية في بيتي ، ثم قمت بتثبيت
الحبل جيداً في أحدى عوارض السقف الخشبية ، ووقفت فوق الكرسي ، وثبتُ طرف
الحبل الآخر حول عنقي ، وقد كنت وحيدة ويملؤني الحزن وكنت على وشك أن أقفز.
وفجأة سمعت صوت رنين جرس الباب في الطابق السفلي ، فقلت سوف أنتظر لحظات ولن أجيب ، وأياً كان من يطرق الباب فسوف يذهب بعد قليل.
انتظرت ثم انتظرت حتى ينصرف من بالباب ، ولكن كان صوت الطرق على الباب ورنين الجرس يرتفع ويزداد.
قلت
لنفسي مرة أخرى : " من على وجه الأرض يمكن أن يكون هذا ؟ لا أحد على
الإطلاق يدق جرس بابي ولا يأتي أحد ليراني ". رفعت الحبل من حول رقبتي ،
وقلت : أذهب لأرى من بالباب ويدق الجرس والباب بصوت عالٍ وبكل هذا الإصرار.
عندما فتحت الباب لم أصدق عينيّ ، فقد كان صبياً صغيراً وعيناه
تتألقان ، وعلى وجهه ابتسامه هادئة لم أر مثلها من قبل ، حقاً لا يمكنني أن
أصفها لكم.
الكلمات التي جاءت من فمه مست قلبي الذي كان ميتا ثم
قفز إلى الحياة مره أخرى ، وقال لي بصوت عذب : 'سيدتي ، لقد أتيت الآن لكي
أقول لكي أن الله يحبك حقيقة ويعتني بك! ثم أعطاني هذا الكتيب الذي أحمله
"الطريق إلى الجنة"
وكما أتاني هذا الصبي الصغير فجأة ، اختفى مرة
أخرى ، وذهب من خلال البرد والمطر ، وأنا أغلقت بابي وبتأنٍ شديد قمت
بقراءة كل كلمة في هذا الكتاب ، ثم ذهبت إلى الأعلى وقمت بإزالة الحبل
والكرسي ، لأنني لن أحتاج إلى أي منهم بعد الآن.
ترون؟ أنا الآن سعيدة جداً لأنني تعرفت إلى الإله الواحد الحقيقي.
ولأن
عنوان هذا المركز الإسلامي مطبوع على ظهر الكتيب ، جئت إلى هنا بنفسي
لأقول لكم : الحمد لله ، وأشكركم على هذا االطفل الصغير الذي جاءني في
الوقت المناسب تماما ، ومن خلال ذلك تم إنقاذ روحي من الخلود في الجحيم.
لم تكن هناك عين لا تدمع في المسجد ، وتعالت صيحات التكبير .. الله أكبر ..
الإمام الأب قام من مكانه ، وذهب إلى الصف الأمامي حيث كان يجلس ابنه هذا الصبي الصغير.
واحتضن ابنه بين ذراعيه ، وأجهش في البكاء أمام الناس دون تحفظ ، ربما لم يكن بين هذا الجمع أب فخور بابنه مثل هذا الأب!
* هذا الصبي قدم شيئاً لخدمة دينه ... لكن نحن مالذي قدمناه... فلنراجع أنفسنا.