$
س / ما المراد بالحديث المنقطع ؟
ج / الحديث المنقطع : ما سقط من وسط إسناده راو أو أكثر لكن لا على التوالي .
ومن أنواع الانقطاع : إذا روى التابعي حديثاً من الأحاديث عن صحابي معين ، ولكن هذا التابعي لم يلق الصحابي ولم يسمع عنه ، وقد يكون فيه انقطاع بين التابعي والصحابي ، فهذا من أنواع الانقطاع ولكن جرى تعبير العلماء المتقدمين وكثير من المتأخرين على أن هذا مرسل ، وتجد أنهم حينما يذكرون هذا التابعي يقولون : روى عن فلان وفلان ، وأرسل عن فلان وفلان . فمثلاً يأتون إلى أبي إسحاق السبيعي ويقولون : أبو إسحاق السبيعي عن أبي مسعود مرسل ؛ لأنه لم يدرك ابن مسعود.
$ $ $
س / كيف نعرف الحديث المنقطع ؟ وما أنواع السقط الخفي ؟
ج / هذا هو الذي أشار إليه الحافظ ابن حجر حينما قال في ( نخبة الفكر ) ( ثم قد يكون واضحاً أو خفياً ) ، فالانقطاع يكون أحياناً واضحاً وأحياناً يكون خفياً .
فالانقطاع حينما يكون خفياً يدركه كل أحد ، والسقط الواضح يدرك بعد التلافي بين الراوي وشيخه بكونه لم يدرك عصره ، أو أدرك جزءاً من حياة الراوي فهذا ما يعبر عنه بالسقط الخفي ، ولا يدركه كل أحد ، وإنما يدركه فطاحلة العلماء .
وأنواع السقط الخفي هي :
1 – المدلس .
2 – المرسل الخفي .
أولاً : المدلس :
وهو من أعسر أنواع الحديث وهو من السقط الخفي .
أما موقف العلماء من المدلس :
فللعلماء فيمن يدلس موقف ، قال الشافعي : ( من دلس لنا مرة فقد أبان لنا عورته ) .
أي أنهم إذا ضبطوا على راو من الرواة أنه أسقط ولو مرة واحدة ما بينه وبين شيخه راو ، فيقولون : هذا الراوي يدلس ، فإذا صرح بسماعه من شيخه كأن قال : حدثني أو سمعت فلاناً أو أخبرني أو نحوها من العبارات التي لا تحتمل الشك ، فإنهم يقبلون حديثه إذا كان ثقة ، وإن كان غير ذلك فهذا مردود من الأصل .
وإن جاء بعبارة مُوهمة تحمل أنه سمع من شيخه الحديث ، وتُحتمل أنه لم يسمعه منه ، مثل أن يقول : ( عن فلان ) أو ( قال فلان ) أو ( أن فلاناً قال ) فيقولون : نحن نتوقف عن قبول حديث الراوي ؛ لأن شرطاً من شروط صحة الإسناد لم يتحقق ، ألا وهو اتصال السند ؛ لأن أحاديث النبي مبنية على الحيطة ، ويُقبل حديث بشرط أن يُصرح بالتحديث من شيخه ، أو تأتينا قرينة أخرى تُفيد هذا الحديث من الأحاديث التي يمكن أن تقبل من هذا الراوي .
مثال ذلك :
سفيان بن عيينة ضُبط عليه أنه دلس ، لكن لما حققوا في طريقة تدليسه قالوا : إنه لا يُدلس إلا عن ثقة ، وهذا لا يعرف لأحد في الدنيا إلا لسفيان ابن عيينة .
قالوا : إه قال عن الزهري ، والزهري شيخه ، وسمع منه سفيان كثير من الأحاديث ، فحينما قال : الزهري ، كان العلماء في ذلك الزمان عندهم حساسية له : سمعته من الزهري ؟ فسكت ، ثم أعادوا مرة ثانية ، فقال : عن الزهري ، فهنا ألحوا في السؤال وأعادوه عليه مرة ثانية ، وسكت كما سكت في الأولى ، وأعاد فأعادوا عليه السؤال ، فحينما رآهم يلحون عليه قال : لا ( أي لم أسمعه من الزهري ) . ولكن حدثني عبد الرزاق عن معمر عن الزهري .
فأصبح بينه وبين شيخه اثنان ، فعبد الرزاق تلميذه ، ولكنه حينما لم يسمع هذا الحديث من شيخه الزهري اضطر للنزول ( أن يأخذ عن تلميذه ) ، فكأنه لثقته بتلميذه وشيخ تلميذه وهو معمر قال : هذان ثقتان وما دمت سمعت من الزهري ، وأنا متأكد أنه صحيح إلى الزهري ، وأن الزهري قد قال هذا ؛ فلا حرج أن أسقط الواسطة بيني وبينه ، وأروي هذا الحديث عنه .
فسفيان لا يدلس إلا عن ثقة ولذلك مثل تدليسه يحتمل ، فإذا جاء الحديث من طريقة بصيغة عن شيخه ، فإن هذا بمعنى حدثني أو سمعت أو أخبرني ، حتى ولو أسقط أحداً بينه وبين شيخه فإنه لا يسقط إلا راوياً ثقة .
والذي دفعهم إلى ذلك أنهم قالوا : إن تدليس سفيان بن عيينة قليل جداً . فلو رددنا جزءاً كبيراً من صحيح سنة النبي r، وهذا فيه مفسدة كبيرة . إلا أن هذا الحكم لا يجري لغير سفيان ، بل يتحفظ عليه .
تعريف التدليس :
هو أن يروي الراوي عن شيخه الذي سمع منه ما لم يسمع منه بصيغة تحتمل السماع وعدمه ، كعن وقال ، ونحوها .
واشتقاقه : من الدلس ، وهو اختلاط الظلام بالنور ، أو من اخفاء عيب المبيع ؛ لاشتراكهما في الخفاء .
ثانياً : المرسل الخفي :
كثير من العلماء لم يفرق بين التدليس والمرسل الخفي ، وبعض العلماء المحققين كالخطيب البغدادي ، ومن جاء بعده كالحافظ ابن حجر – قالوا : هناك فرق بني المدلس والمرسل الخفي .
تعريف المدلس الخفي : أن يروي الراوي عمن عاصره ولم يسمع منه ما لم يسمع منه بصيغة تحتمل السماع وعدمه .
ولا يطلع على هذه العلة إلا العلماء المدققون حينما يحققون في أمر هذا الرجل هل سمع من هذا الشيخ أو لم يسمع منه ، فهنا سمي السقط خفياً ، والمدلس أكثر صعوبة في الاطلاع عليه ؛ لأنه تحقق من أن هذا الشيخ شيخه .