الدعاء من
القدر والمكتوب لا يتغير، فالقدر قدران: قدر محتومٌ لا حيلة فيه، وقدرٌ
معلق، سيكون بعض القدر معلق بالدعاء فإذا دعا أزال المعلق، قد يكون معلق أن
الله جل وعلا يتوب عليه إذا صلّى، إذا صام، إذا فعل كذا، فهذا قدرٌ معلق
فالله جل وعلا يرفعه عنه بما فعل من الطاعات والأعمال الصالحات والتوبة،
فالأقدار تعالج بالأقدار، مثل ما قال عمر لما أشار عليه الصحابة في غزواته
إلى الشام ووقع الطاعون، أشاروا عليه بالرجوع، وأشار بعضهم بعدم الرجوع ثم
استقر أمره على الرجوع إلى المدينة، وعدم القدوم على الطاعون فقال: تفر من
قدر الله، فقال -رضي الله عنه-: نفر من قدر الله إلى قدره، الله أمرنا بأن
لا نقدم عليه، لا نقدم على هذا، فإذا تركنا القدوم عليه فقد فررنا من قدر
الله إلى قدر الله، ثم جاء عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه-، فأخبر عمر
بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم – أمر بأن لا يقدم عليه، ففرح عمر بذلك
وأن الله وفقه لما جاء به النص بعدما استشار الصحابة، وهكذا الإنسان تصيبه
الحمى فيتعاطى الأسباب يفر من قدر الله إلى قدر الله، يجوع يأكل حتى يزول
الجوع يفر من قدر الله إلى قدر الله، يصيبه الحر فيشرب الماء البارد أو
يتروش يفر من قدر الله إلى قدر الله، يصيبه مرض في عينيه فيعالجها بأنواع
العلاج يفر من قدر الله إلى قدر الله، وهكذا أنواع العبادات كلها فرار من
قدر الله إلى قدر الله.
من فتاوى الشيخ بن باز رحمه الله نور على الدرب