مشاورة المرأة الفاضلة
قال الله تعالى آمراً بالإحسان إلى الزوجة : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19
وقال
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( َاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ
خَيْرًا ...فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) رواه البخاري (5186)
ومسلم (1468)
وقال
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ
وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي ) رواه الترمذي (3895) وصححه الألباني في
صحيح الجامع برقم (3314)
ولا
شك أن مشاورة الزوجة والاستماع لنصيحتها وقبولها منها ، هو من تمام
المعروف في العشرة ، و استصلاح قلبها ، وإشعارها بدورها في بيتها ،
ومسؤوليتها عن أسرتها ، لاسيما إذا جرب الرجل من امرأته الحكمة والعقل ،
والروية في النظر إلى الأمور ، وعدم التسرع والانسياق وراء العاطفة .
ثم
إن تفاضل المصلحة في استشارة المرأة وقبول رأيها ، أو عدم ذلك تختلف
باختلاف الموضوع الذي تبذل المرأة فيها مشورتها ، وتدلي بنصيحتها ، وهل
لطبيعتها العاطفية أثر في رأيها في هذه القضية أو لا .
ويختلف أيضاً باختلاف حال كل من الزوجين ومدى تقديرهما وحسن ضبطهما .
وإذا
ما بدا للزوج وجه المصلحة في رد قولها ، أو بدا له خطأ في مشورتها ،
فعليه أن يتلطف في عدم القبول ، وألا يسفِّه رأيها ، أو يزدري نصحها ،
ويبين له وجه الصواب ، ما استطاع إلى ذلك سبيلاً .
وتأمل
قصة الحديبية ، وما جرى فيها ، لتعلم قيمة مشاورة المرأة العاقلة الحكيمة
، فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما صالح قريشاً على
الرجوع ، وعدم دخول مكة عامهم هذا ، قال لأصحابه : \" قوموا
فانحروا . قال الراوي : فوالله ما قام منهم رجل ، حتى قال ذلك ثلاث مرات .
فلما لم يقم أحد منهم ، دخل على أم سلمة ، فذكر لها ما لقي من الناس .
فقالت أم سلمة : يا نبي الله ، أتحب ذلك ؟!
أخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة ، حتى تنحر بدنك ، وتدعو حالقك فيحلقك . فلما فعل ذلك قاموا فنحروا .. \"
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : فيه فضل المشورة .. وجواز مشاورة المرأة الفاضلة \" اهـ.
وتأمل
أيضاً قصة موسى ، وكيف رباه الله في بيت فرعون ، وكم كانت لمشورة آسيا
امرأة فرعون رضي الله عنها من بركة : ( وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ
قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ
نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) القصص/9
وفي
نفس السورة قصة المرأتين على ماء مدين ، وكيف أن إحداهما قالت لأبيها : (
يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ
الأَمِينُ ) القصص/26 ، فانظر إلى وفور عقلها ، وعلمها بمن هو أهل للإجارة
، وحفظ الأمانة في الأعمال ، وكيف كانت بركة هذه المشورة على أهل البيت .
منقول