يكتــظ العـديـد مـن الركـاب حـول بـاب الميكروبـاص ..
...فالكـل يريـد اللحـاق بمـوعـده
يكتمـل الـعـدد .. ومـع صـوت إغـلاق البـاب ينـطـلـق السـائـق ..
----------------
فى المقـعــد الأمـامى كـانت تجلــس عبـيــر
شــابة عـمـرها 24 سنــة ...
وهى الان فى طريقهــا لمـلاقـاة حـبـيبهـا
( أو صديقهـا .. بمصطلحات هذا الـزمن )
بالرغـم مـن انهـا تحاول الألتـزام .. ولكنهـا تعتقـد انها لو لم تقابـل شبـاب فـلـن تـتـزوج
وتخــاف مـن شـبــح العنــوســـــة
قبـــــح الله كـل زواج بـهذه الطــريـقـــة
من أساليب الشـيطـان فى خـداع البشـــر
-----------------------
بجــوارهـا يجلــس الأستــاذ سـامــى
مــوظف بسـيــط ... ينهمـك فـى قــراءة الجـريـدة
ولكن نصيحــة لا تـحـاول أن تصافحه ...
فالمصافحة عـنـده مـعناهـا أن تـضع فـى يــده بـعـض الـجـنيـهـات
للأسـف هـو مـوظـف مـرتـشـى ... أذا كـان لديــك ورقـة حـكوميــة تـريـد أنجـازهــا ....فلن تــسمـع إلا الـجمـلـة الـمـشهــورة
( تعال غداً )
لكــن أذا وضعـت يـدك فــى جيبـك .. وأخـرجـت مـا لــذ و طـاب مـن الـجـنـيهـات ...فطــلبـك يــنـجــز فــى الـحــال
مع أبــتســامــة رقـيـقـة مـنـــه
---------------
فى المـقــعـد الـخــلـفـى يـجـلـس مـحـمـد
كـل مـا يـربـطـه بــالإســلام هـو أنه مـسـمـى عـلى أسـم أشـرف الخـلـق ()
فهو شــاب جامعى ... ولكـن لـو أردت الـبحـث عنـه فتـأكـد أنـــك لـن تـجـده فـى قاعـة المحاضرات
من الممكن ان يكــون مـع صديقـتـه فـى كـافيتريـا الجـامـعـة
او مع أصـدقــائه فـى جـلسـة كـيـف
أو ...
أو اى مكـــان أخــر ما عــدا المـسجـد و الجامعـــة
-------------
بجـــواره يجــلـــس طــفـل صـغيـر عـائـداً مـن مـدرستــه
ولـه قصـة طريـفــة ستـعـرفـوهــا لاحــقـــاً
--------------------
يقطــــع صــوت أجــش صـمــت الـــركاب قـــائلاً
(الأجــــرة يا جمـــاااااعة ..... )
أنه الأســطـى فــرحـــات ســائــق المـيكروبــــــاص
لا أعــرف لمـاذا الفكـرة الســائـدة عــن مـعظـم السـائقيـن انهــم أشخــاص عـديمـى الأخــــلاق
ولكن يبـدو أن هــذه الفكـرة تـنـطبـق علـى الأسطى فــرحات
فـهـو أذا تـكــلم لا تـسمــع مـنه إلا الـقبـيـح و الـسئ مـن الألفــــــــاظ
وأذا كــانـت ألفـاظـه هكــذا ..فـمـا بـالك بـأفعـالـه
********************************************
تفتـح منـال حـقيبـتـهـــا ..لتـقـوم بإخــراج الأجـــرة
بيـنمــا هـى تـبحـث عـن الـنقـود سـأقص لـكم حـكايتـهــا
هى امــرأة متـزوجـة 35 سنة .. غيـــر مـحجبــة
دائماً ما تضـع الأعــذار لـنفـسهــا ... فـهـى تـريد أن تــتحجب عـندما تـلتـزم بـكـل أمــور الــدين
لأنهـــا لا تــريــد أن تـكـون مثـلـهـم مـجـرد غـطــاء لـلـشـعـر و أخـلاقـهـم عـــارية
بــصـراحة (المـحـجـبات الـــعراة .. دنـسـوا الـحجـاب بـأفعالهم .... اللهم اهـــدهم )
لكـن عـذراً .. هـذا يسمــى بالأمانــى وهـو مـن مـداخل الشيطــان ... حبذا لو تـفهم منال
-------------------
رنيــن مــوبـايــل بـيـنمـا الـركـاب يـجـمـعون الأجــرة
أنه موبـايـــل الحـاج صـلاح
يــــرد فى بـــرود
( نعم .. انـــا قلـت لكـم كـل ما لدي ..و لن تأخذوا اكتر مــن ذلك . . . )
ثــم ينـهى الـمـكـالـمة فـى غـضـب
لــقـد كـان عـلـى الـطـرف الأخــر أبـنـة أخـوه الـذى تـوفـى ... وهـى تطـالبـه بـحقـهـا فى الميـــراث
يــاله مـن وغــد .... أبنـة أخـيه الـيتـيـمة ..يــأكل حــقــها ...
------------------
يجــمع الأجــرة عـم خـلـيـل .. ويعـطـيهـا للـســائق .. قــــائلاً
( لا تنسى الباقى يــا أسطــى )
عـم خـلـيل هــو بـائـع الخـضـار و الفـاكهــة ... يـعتبـر نفـسـه بــائـعاً مـاهـراً
فمــكسبـه فـى تـزايد مــسـتـمـر
وإليـك الـطـريـقـة . . .
أنه يغـش فـى المـيـزان ... والفـرق فـى الـوزن يـتـحول إلـى جنـيــهات
عــزيـزى عـم خـليـل .. أنـت غيـر رابـح ... انـت الخــاسر الأكبــر
ويــل للــمـطـفـفـين
-----------------
واضعــاً سـمـاعـات جهاز قارئ " الأم بـى ثـرى Mp3 "فى أذنيــه
عينيــه تتتجـول مـن نـافذة الشـباك و لا تتـرك أى أمـرأة إلا وتـفحص كـل جـزء فـيها
بــالرغم مـن أنـه لا يـعـاكس بـالكلام فهـو خجـول بعض الـشئ ..
ولكن هـوايتـه النـظر ثم النـظر ثم النـظر
--------------------
ينــادى احـد الــركـاب
(علـى جنـب يـا أسـطـى )
ينـزل الـراكـب و للأسـف لـم أستـطيـع مـعـرفة تفاصيــل عـنه
----------------------
ولكن صعـد شيخ وقــور ... وقد أمتـدت لـحيـته حـتى مـنـتصف صـدره
لو تكـلـم المـيكـروبـاص لـقـال (يا شيـخ مـا أركـبك هنـــا مـع هــؤلاء )
بعـد قـليـل تـبـيـن الأمــر
الشيـخ يـظن ان التـدين يـعنـى الـتقـشــــف
لـذلك ضيـق علـى أولاده و زوجتــه فـى كل شئ
بخيــل فى صرفه علــيهـم بـدعـوى التقشف و الـــزهد
حتـى الأبتسامــة يبخــل عليهــــم بهــــا ..
أيــا مـن يـدعـى الـفـهـم .... فـكـر مـن جـديـد .
---------------------
فــى هـذا الميكــروبـاص يجـلس أيــضاً .. شخـص تـعـرفوه جـيـداً
أنه كاتـب هذا الموضـوع ..
يجلــس وتــدور فـى رأســه كـلـمـات المـديـح و الشـكر التى انهالت عليه بعد الموضوع الذى كتبه بالأمس
وكذلك ترشيح الاعضاء له كـصاحب قـلـم مـمـيز ...
ويظــن انــه قـد أرضـى ربـه بـذلك ...
فلـقـد كتـب و أبـدع وبـلـغ رســالة هـامـة
لكـن يبـدو أنــه يـنسـى شئ هـام .. تـطبـيـق ما يكتبـه و الـعمـل به ..
استيقظ ... لا تـكـن كـالـحمـار الـذى يحـمل أسفــار ..
ينـقـل الـعـلـم ولا يـعمـل بــه
----------------------
بينمـا صاحبنا كاتب الموضوع مستـغرق فـى أحــلامه الوهـمـية
يأتــى صـوت شاحـنـة كبيــرة تمـر بـجـوار الميـكـروبـاص ....
وتـصـدم سـيـارة مجــاورة لـه و تـحـطـمـهـا تـمامـاً .... وتـستمـر فـى الـزحـف
لــكـن هـنــاك خـطـب مــــــا
الأسطى فـرحـات يـحـاول فـى فـزع الأبـتــعـــــاد ...
ولـكـن عـجـلـة القـــيــادة تـخـتـل فـى يـده .. ويـفـقـد السـيطـرة تـمـامـاً
--------------------
صـراخ و عـويـل ثـم صـوت أرتـطـام شـديد جـــداً
لـقـد سـقـطـت الشـاحنـة من الجسر
وأخــتـرق المـيكروبـاص سـور الجسر ... وأصبـح نـصـفـه مـتدلى بـالخـارج و عـلى وشـك السقـوط مـن أعـلى
هكـذا استـقـر الميكروبـاص نـصفه بـالخـارج و نصفـه عـلى الجسر ... وفـى اى لحظـة مـمـكن أن يــسـقــط
جمــيع الـركـــاب فـى فـزع.. يـصـرخـون فالنـهـاية مـحتـومة ..والـمـوت يـقـرع الأبــــواب
--------------
الجميع يرتجــف و يتمتـم بكلمـات غـير مفـهومـة .... ولكـنى أقــتبسـت لـكـم منـهــا الاتى
عبيـــر
( يا رب سامحنى .. يارب ناجينى .. واعاهدك لن أخرج مع اى شاب مرة أخرى ... )
أستاذ سامـــى
(يارب نجينى ومش همد أيدى للحرام تانى ...يا رب ناجينى علشان عيالى ..انا كنت بعمل كده علشانهم )
محمــد
(يا رب سترك .. يا رب سأصلح حياتى كلها ..يا رب انا لم أصلي في عمري ...)
الطفــــــل الصغير ... هـــل تـــتـذكره
يقول (يا رب انا أخذت قلم صاحبى اللى جانبى فى المدرسة دون أن يعرف ... كما كذبت على أمي و قلت لها انى آكل الشطائر و انا أرميها .. سامحنى يا رب )
عــم فــرحات
(يا رب ..انا لم أقم بأي أمر معروف في حياتي .. أعطني فرصة ثانية)
مــــنال
(يا رب .. انا أول ما اخرج من هذا الميكروباص سأتحجب .. )
الحــاج صــلاح
( يا رب .... أنا سأرجع حق بنات اخي ... يا رب سامحنى انا كلت اموالهم ...)
عــم خـلـيــل
( يا رب انا عندى كوم عيال ...يا رب مش هغش تانى ... يا رب سامحنى )
الشخــص الذى لا أعرف أسمه
(أنجنى ... يا رب انا كنت أطلق بصري .. لكن لا أعاكس ولا أكثر من ذلك ..يا رب انا فهمت رسالتك و لن أقوم بذلك ثانيةً .... )
الشيــخ الــوقـــــور
( يا رب عفوك و رضاك ... لقد كنت ممسكاً متقشفاً ... وزرعت الكره فى نفوس اولادى و زوجتى ... يارب نجنى حتى اعتذر لهم ... )
صاحبنا كاتب الموضوع
(ألهى .. انت تعلم حالى .. بداخلى خير كثير و أفكار كثيرة ولكن لا أنفذها ... أنا فقط اتكلم و اكتب ... يا ألهى انا أتكلم و أكتب .. ولا أعمل .... فأعطنى الفرصة لأعمل ...)
----------------------
مــــــرت الـدقـائــق القــليـلة كأنها ساعـــات ... الــجمـيع يـنـتـظر الـمـــوت ...
دمــــوع و أهــــــــات
أستغفــــــــار و عــهـــود مـــع الله
تــوبــة .. وهـل تنـفــع تــوبة فـــرعــون عـندمــا رأى المــوت
أعتـــــــــرافـــات
أســــرار
خبــــــايا
منـــاجـــــــــاة ..
كــلـها ظهـــــرت و سجــلـت لـكـم أحــداثـــهــــا
---------------------
فى الخــــارج يـتجـمــع حـشــد مـن النـــاس يــحاولــون الـمــساعــدة
شــد و جــذب و مـحــاولات
ولكـــن قــضاء الله و قـــدره فـــوق أى محــاولة و مـجهــــود
بعــد قـلـيل ينـجـحـون فـى أعــادة الميكروبــاص إلى الجسر
نجــا بـفضــل الله جميـــع الــركـــاب .. وسيــــارة الأســـعـاف تـنقــل بـعـض الـمصابــيـن بجــروح طـفـيـفـة
عــــــاد الجميــع لـبيـته سـالــمـــاً
-----------------
لانــك لو أستطعت توقــع نـهـاية مـوضوعى و فكرته .... فـأنا ســأعتزل الكـتابة لـلأبد
---------------------
بعـــد عــدة شهـــــــور
هــل تـــرى هــذه الــمـشـــهـــد
إنــها عبيـــــر .. هــل تتـــذكروهــا ... تجــلس الأن مع شـاب أخــر فـى مـوعـد غـرامـى
لـقـد كــررت نفـس الذنـب
-----------------
سأخــتـصر الأحــداث ... فــلقـد عـاد الـجمـيع لـطبـعـه السـئ مـرة أخــرى ..
نقضــوا عهــدهم مع الله الذى نجــاهم و نسـوا فضـله ...
مجــرد أيـــام التــزمــوا فـيـها بعـد الحـادثـة ... ثـم بدأ الأنسحــاب بالتـدريـج
حتــى عـادوا إلـى مـعـاصيـهـم..بـل منـهم زاد عـنهـا
-------------
ولكن لا تنـــدهــش فلقــد أخـبـــرنـا المـولـى عـز و جـل عـن كـل هـذا بـالـتـفـصـيـل
من فضـــــلك .... مـن فـضـــــلك... مــن فــضـــــلك
أقــــرأ هـــذه الأيـــة بــهــدوء و تــــــركيز
وركـــز عــلــى الكــــلمـات الــمــلـــونة
يقول تعالى
"هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ
الأنعام / 63 )
صدقت ربى ومن أصدق منك قيلاً
هذا الأيــــة تلــخـــص بــبســـاطـــة قــصـــة الـمــيكـــروبـــــاص ....
وكــــذلك قصــــة كل مـــعـصيـة نتــــوب عـــنها وقـــت الـشــدة ثم نعـــــود إليهـــــــا بـعـد الـفــرج
بالله عليك كم مـــرة حــدث مـعــك هـــذا الــمــوقــف فــى حــيـــاتك ..
تــتــعرض لــمـشكـلة كـبـيـرة و تـســأل الله تــفريـــج هــمـك ...ثــم بـعـد الـفــرج تــعــود مــن جــديــد لأفــعـــالك ...
من فضـــلك كــن صـــــــادقاً مــع نــفــســك و أعـــترف لها
وإذا كنت من ركاب هذا الميكروباص عليك النزول فوراً ..... قبل فوات الأوان