بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إليكم يا أصحاب الفضائح
من ستر على مؤمن ستر الله عليه في الدنيا والآخرة,وليست هناك أسوة في الدنيا أفضل من محمد صلى الله عليه
وسلم ، الذي قال لرجل فضائحي أتاه ليخبره عن فعلة مشينة اقترفها أحدهم، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم وكأنه
يقرّعه,هلا سترت عليه، وكررها ثلاث مرات وملامح الغضب كانت بادية على وجهه الكريم,وهناك فئة من الناس
لا هم لها غير التلذذ بالحديث عن فضائح الآخرين، ولو أنك سألت في تفاصيل حياتهم لوجدت الخزي الذي يندى له
الجبين,كلنا يخطئ وأفضلنا هو من يتوب,وعن أبي هريرة ,رضي الله عنه,عن النبي عليه الصلاة والسلام,أنه قال(من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله
عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة)إذا رأى الإنسان من أخيه في الله عورة يعني معصية فلا يفضحه ولا ينشرها بين الناس، بل يسترها عليه وينصحه ويوجهه إلى الخير ويدعوه إلى التوبة إلى
الله,ولا يفضحه بين الناس، ومن فعل هذا وستر على أخيه ستره الله في الدنيا والآخرة، لأن الجزاء من جنس العمل، أما الذين يظهرون المعاصي ولا يستحون يظهرونها بين الناس فهؤلاء فضحوا أنفسهم، فليسوا محلاً للستر
كالذي يشرب الخمر بين الناس في الأسواق والاجتماعات هذا قد فضح نفسه، وهكذا من يعمل المعاصي الأخرى جهرة ولا يبالي،ليس محل الستر من أظهر فاحشته وأعلنها،وإليكم هذه الواقعة التي تحدثت بها كتب التراث,قال
أحمد بن مهدي,جاءتني إمرأة ببغداد، ليلة من الليالي، فذكرت أنها من بنات الناس، وقالت,أسألك بالله أن تسترني، فقلت,وما محنتك،قالت أكرهت على نفسي ,أي يبدو أنها اغتصبت، وأنا الآن حامل، وبما أنني أتوقع منك الخير
والمعروف، فقد ذكرت لكل من يعرفني أنك زوجي، وأن ما بي من حمل إنما هو منك فأرجوك لا تفضحني، استرني سترك الله عز وجل,سمعت كلامها وسكت عنها، ثم مضت,وبعد فترة وضعت مولوداً، وإذ بي أفاجأ بإمام
المسجد يأتي إلى داري ومعه مجموعة من الجيران يهنئونني ويباركون لي بالمولود, فأظهرت لهم الفرح والتهلل، ودخلت حجرتي وأتيت بمائة درهم وأعطيتها للإمام قائلاّ,أنت تعرف أنني قد طلقت تلك المرأة، غير أنني ملزم
بالنفقة على المولود، وهذه المائة أرجوك أن تعطيها للأم لكي تصرف على ابنها، هي عادة سوف أتكفل بها مع مطلع كل شهر وأنتم شهود على ذلك,واستمررت على هذا المنوال بدون أن أرى المرأة ومولودها,وبعدما يقارب من
عامين توفي المولود، فجاءني الناس يعزونني، فكنت اظهر لهم التسليم بقضاء الله وقدره، ويعلم الله أن حزناً عظيماً قد تملكني لأنني تخيلت المصيبة التي حلت بتلك الأم المنكوبة,وفي ليلة من الليالي،وإذ بباب داري يقرع،
وعندما فتحت الباب، إذ بي أفاجأ بتلك المرأة ومعها صرة ممتلئة بالدراهم، وقالت لي وهي تبكي,هذه هي الدراهم التي كنت تبعثها لي كل شهر مع إمام المسجد، سترك الله كما سترتني. حاولت أن أرجعها لها غير أنها
رفضت، ومضت في حال سبيلها,وما هي إلاّ سنة وإذ بها تتزوج من رجل مقتدر وصاحب فضل، أشركني معه في
تجارته وفتح الله عليّ بعدها أبواب الرزق من حيث لا أحتسب,إنها واقعة ليست فيها ذرة من الخيال، بقدر ما فيها
الشيء الكثير من الشهامة والرجولة كذلك,فماذا أنتم فاعلون يا أصحاب الفضائح.