بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الصلاة عماد الدين وبغيرها لا يقوم بنيانه،ولمكانتها العظيمة وأهميتها الكبيرة,أذكر بها من يسيء صلاته فينقرها
نقر الديك لم يخشع قلبه فيها, فلم تثمر في جوارحه طاعة، ولا في قلبه خشية(وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)إلى كل
من رضي بالله رباً فآمن به واتبع أوامره، وبالإسلام ديناً فنهج نهجه ودعا إليه، وبسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)
رسولاً فاتبع هديه وسار على سنته،إلى من يتجه بوجهه كل يوم خمس مرات يكرم فيها ذلك الوجه بالسجود لخالقه ومولاه
حباً وشوقاً، طاعة وقرباً,قال بكر بن عبدالله مشيراً لهذا المعنى, يابن آدم إذا شئت أن تدخل على مولاك بغير إذن
وتكلمه بلا ترجمان دخلت، قيل,وكيف ذلك, قال,تسبغ وضوءك وتدخل محرابك، فإذا أنت قد دخلت على مولاك
بغير إذن فتكلمه بغير ترجمان,وفي الصلاة تحنو الجباه لخالق الموت والحياة، فتحيا القلوب بذكره، وترفع الدرجات بفضله،
وتمحى الذنوب برحمته وستره, لذا فإن من ترك الصلاة فهو محروم، حرم القرب والسكينة وراحة النفس، ومن تهاون في
أدائها أو فرط في أركانها فهو مغبون لم يذق حلاوة الخشوع فيها، ومن شغل بشيء عنها فهو خاسر لم يشعر بلذة
المناجاة,فهي الحد الفاصل بين الإسلام والكفر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(بين الرجل وبين الشرك
والكفر ترك الصلاة)أخرجه مسلم,وقال رسول الله,صلى الله عليه وسلم(أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن
صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله)رواه الطبراني،وهي العبادة الوحيدة التي فرضت علينا في السماء
في رحلة معراج الرسول إلى السماوات العلى، وهذا يزيد من أهميتها وتؤكد فضلها،كما أنها الركن الوحيد من أركان
الإسلام الذي لا يسقط بحال عن كل مسلم بالغ عاقل،فهي واجبة في الحضر والسفر، واليسر والعسر، والصحة
والمرض، وحال الأمن والخوف، والسلم والحرب، وهي لا تسقط إلا عن مجنون، أو صغير، أو امرأة حال حيضها
ونفاسها,ولا تنس,فأنت على موعد مع الله تعالى خمس مرات في اليوم والليلة, لتقف بين يديه في الصلاة تناجيه وتدعوه،
تستغفره وترجوه،قال تعالى(فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباّ موقوتاّ)وحذر من عدم الإلتزام به فقال
(الذين هم عن صلاتهم ساهون)وفي الحديث القدسي,قال الله تعالى(افترضت على أمتك خمس صلوات، وعهدت عندي
عهداً أنه من حافظ عليهن لوقتهن أدخلته الجنة، ومن لم يحافظ عليهن فلا عهد له عندي(رواه ابن ماجه وصححه
السيوطي)أسباب الخشوع,حين تصلي انظر مع من تتكلم,وأمام من تقف,ذلك أدنى أن تخشع فيها وتجاهد نفسك
وتأخذ بأسباب الخشوع لتفلح، قال تعالى( قد أفلح المؤمنون,الذين هم في صلاتهم خاشعون)وقد كان رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) يستعيذ بالله من قسوة القلب فيقول(اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع)رواه
مسلم,فقسوة القلب تؤدي إلى عدم الخشوع الذي يجعل من المصلى سارقاً، لذلك فإن النبي,صلى الله عليه وسلم يقول
(أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته لا يتم ركوعها ولا سجودها ولا خشوعها,رواه أحمد وصححه السيوطي,ويدعونا
إلى أداء الصلاة مستوفية الشروط كاملة الأركان فيقول(ذا أحسن الرجل الصلاة فأتم ركوعها وسجودها قالت
الصلاة,حفظك لله كما حفظتني، فترفع، وإذا أساء الصلاة فلم يتم ركوعها وسجودها قالت الصلاة,ضيعك الله كما ضيعتني،
فتلف كما يلف الثوب الخلق، فيضرب بها وجهه,الطيالسي، وصححه السيوطي,وقد سئل حاتم الأصم,كيف تخشع في
صلاتك, قال, بأن أقوم وأكبر للصلاة، وأتخيل الكعبة أمام عيني، والصراط تحت قدمي، والجنة عن يميني، والنار عن
شمالي، وملك الموت ورائي، وأن رسول الله ,صلى الله عليه وسلم, يتأمل صلاتي، وأظنها آخر صلاة، فأكبر بتعظيم،
وأقرأ بتدبر، وأركع بخضوع، وأسجد بخشوع، وأجعل صلاتي للخوف من الله والرجاء لرحمته، ثم أسلم ولا أدري
هل قبلت أم لا,وإياك والنوم عن صلاة الفجر,ذلك لأن رسول الله ,صلى الله عليه وسلم,يقول(إن أثقل صلاة على المنافقين
صلاة العشاء وصلاة الفجر،وقال( لو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبواً,متفق علي,وقال(يتعاقبون فيكم
ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر والعصر، ثم يعرج إليه الذين باتوا فيكم، فيسألهم وهو أعلم،
فيقول,كيف تركتم عبادي, فيقولون, تركناهم يصلون، وأتيناهم يصلون) البخاري, لذلك فإن مَن نام عن صلاة
الفجر فاته الخير الكثير، وفاتته بشارة النبي,صلى الله عليه وسلم(من صلى البردين دخل الجنة)رواه مسلم,وبعد أن تؤدي
صلاتك لله، احرص على أن تتخلق بأخلاق المصلين المقبولين الذين تنهاهم صلاتهم عن الفحشاء والمنكر، روى
البزار عن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال,قال الله عزوجل(إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها
لعظمتي، ولم يستطل بها على خلقي، ولم يبت مصّراً على معصيتي، وقطع النهار في ذكري، ورحم المسكين وابن
السبيل والأرملة، ورحم المصاب، ذلك نوره كنور الشمس، أكلؤه بعزتي، وأستحفظه ملائكتي، أجعل له في الظلمة نوراً
وفي الجهالة حلماً، ومثله في خلقي كمثل الفردوس في الجنة)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال,كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول(اللهم إني أعوذ بك من الأربع,من علم لا ينفع,ومن قلب لا يخشع,ومن نفس لا تشبع,ومن دعاء لايستجاب)