بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا أمان الخائفين سبحانك ماأحلمك
سبحانك ياالله ما أحلمك على من عصاك, وما أقربك ممن دعاك,وما أعطفك على من سألك,أنت ملاذنا ومنجانا فلا
نعول إلا عليك ولا نفر إلا إليك يا أمان الخائفين،تفكر في الدنيا وحقارتها وقلة وفائها وكثرة جفائها, وسرعة
انقضائها تفكر في أهلها وعشاقها وهم صرعى حولها قد عذبتهم بأنواع العذاب وأذاقتهم أمر الشراب اضحكتهم قليلاً
وابكتهم طويلاً,روى أن رجلاً يقال له دينار العيار،كان مسرفاً على نفسه في الذنوب والآثام وكانت له والدة تعظه
وتذكره بالموت والآخرة ولكنه كان لا يرتدع ولا يتعظ فمر في ذات يوم على مقبرة كثيرة العظام,فأخذ منها عظماً
بالياً، فتفتت في يده، ففكر في نفسه وقال,ويحك يا دينار كأني بك غداً وقد صار عظمك رفاتاً وجسمك تراباً وأنا
اليوم أقدم على المعاصي وأبارز مولاي بالكبائر فندم وعزم على التوبة ورفع رأسه إلى السماء وقال,إلهي وسيدي,إليك
القيت مقاليد أمري ، وقد أتيتك تائباً نادماً فاقبلني وارحمني,ثم مضى نحو أمه متغير اللون فأخبرها بعزمه
على التوبة ففرحت بذلك فرحاً شديداً ودعت الله أن يقبله ويثبته على الخير,وصدق دينار في توبته,واجتهد في
العبادة ودوام على الطاعات فكان يصوم النهار ويقوم الليل يبكي وينوح على ذنوبه وخطاياه السالفات وكان إذا أقبل
عليه الليل، وقف في محرابه يناجي ربه ويبكي ذنوبه ويجأهش بالبكاء والعويل قائلاً,ويحك يادينار,ألك صبر على
النار,كيف تعرضت لغضب الجبار,أم كيف تجرأت على معاصي الملك القهار,فما يزال كذلك إلى الصباح فقالت له
أمه في بعض الليالي, ارفق بنفسك يا ولدي,فقال,يا أماه,دعيني أتعب قليلاً لعلي أستريح طويلاً ,يا أماه,إن لي
موقفاً طويلاً بين يدي رب جليل,يا أماه,إني أخاف عناء لا راحة بعده،فقالت له أمه,استرح قليلاً,فقال,أتضمنين لي
الخلاص,فقالت, فمن يضمنه لي, قال,فدعيني وما أنا عليه,مرت أمه في بعض الليالي وهو يصلي ويقرأ(فوربك
لنسألنهم أجمعين,عما كانوا يعملون)يا من لا يرى من توبته إلا الوعود،فإذا تاب فهو عن قريب يعود، أأعددت عدة
لنزول الأخدود أما علمت أن الجوارح من جملة الشهود تالله أن الموت عن قريب مورود, والله ما الزاد في الطريق
بموجود وإن يوم القيامة تشيب المولود و أن العمر محسوب ومعدود والوجوه غداً بين بيض وسود,ذكر ابن
القيم,بينما كان العبد الصالح,محمد بن المنكدر, رحمه الله ، ذات ليلة قائماً يصلي من الليل، إذ استبكى وكثر بكاؤه،
حتى فزع أهله وسألوه,ما الذي أبكاك,فاستمر يبكى ولا يقوى على الكلام, فأرسلوا إلى صاحبه أبي حازم,رحمه
الله، فأخبروه بأمره، فجاء,أبو حازم,إليه فإذا هو يبكي فقال له,يا أخي ما الذي أبكاك,قد أفزعت أهلك,فقال,إنني مررت
بآية في كتاب الله عز وجل فبكيت,قال,وما هي,فقال,قول الله تعالى(وبدا لهم من الله ما مالم يكونوا يحتسبون)فبكى أبو
حازم أيضاً معه واشتد بكاؤهما,فقال بعض أهله لأبي حازم,جئنا بك لتخفف عنه فزدته,فقال العبد الصالح,فأنا
أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أكن أحتسب,
إلهي,قصدك عبد روحه لديك,واشتياقه إليك, قلق وأحشاؤه تحترق ودموعه تستبق شوقاً إلى رؤيتك وحنيناً إلى لقائك
ليس له راحة دونك ولا أمل غيرك,وعزتك ما عصيناك اجتراء على مقامك ولا استحلالاً لحرامك ولكن غلبتنا
أنفسنا وطمعنا في واسع غفرانك,ولئن أغرى الشيطان نفوسنا بالذة حين عصيناك فليغير الإيمان قلوبنا بما للتائبين من فسيح جناتك.