بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الذي يتأمل أحوال الناس في هذا الزمان يرى العجب العجاب وكأنهم لم يخلقوا للعبادة ,وإنما خلقوا للدنيا وشهواتها, فإنهم إن فكروا في الدنيا وأحبوها وعملوا فيها, وبسببها يتركون كثيرأ من أوامر ربهم,قال تعالى(ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل
فسوف يعلمون)وقال علي بن أبي طالب,ارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة،ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل ,وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(يهرم
ابن آدم ويشب فيه اثنتان الأمل وحب المال )متفق عليه,ونسو أوتناسو رحيلهم من الدنيا الفانية(كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)إنها رحلة من الدار
الفانية إلى الدار الباقية رحلة لا رجعة فيها,فقد تبدأ الرحلة هذه الليلة وقد تكون غدا أو بعد غد فسبحان من
يعلم وحده متى تبدأ وبأي أرض تكون(وما تدري نفس ماذا تكسب غداّ وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير)وقال
الرسول صلى الله عليه وسلم (ن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر)رواه الترمذي وقال,حديث حسن,عن هاني مولى عثمان بن عفان,رضي الله عنه,قال( كان عثمان إذا وقف على قبر بكى يبل لحيته , فقيل له,
تذكر الجنة والنار فلا تبكي ، وتبكي من هذا,فقال, إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(القبر أول منازل الآخرة ، فإن ينج منه فما بعده أيسر منه ، وإن لم ينج منه ، فما بعده أشد منه)إسناده صحيح رواه الإمام أحمد,ويقول ابن قيم الجوزية,يجب على
من لا يدري متى يبغته الموت أن يكون مستعداً، ولا يغتر بالشباب، فإن أقل من يموت الأشياخ وأكثر من يموت الشباب,مسكين هذا الإنسان يفتح عينه كل صباح على آمال عراض وينسى أنه مهما سعى لتحصيلها فلن يدرك منها إلا ما كتب له,قال بعض
الحكماء(إحذر طول الأمل فإنه سبب هلاك الأمم,قال النبي (صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك آخرها بالبخل والأمل)رواه أحمد في الزهد والطبراني ,صحيح الجامع,قال الفضيل بن عياض رحمه الله( إن من الشقاء طول الأمل,وإن من النعيم
قصر الأمل )وقال محمد بن واسع رحمه الله( أربعة من الشقاء,طول الأمل، وقسوة القلب، وجمود العين، والبخل )لقد ضرب لنا النبي لذلك مثلاً,عن عبدالله بن مسعود قال(خط النبي خطاً مربعاً، وخط خطاً في الوسط خارجاً منه، وخط خططاً صغاراً إلى
هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، وقال(هذا الإنسان وهذا أجله محيط به,أو,قد أحاط به ,وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض ,فإن أخطأه هذا نهشه هذا وإن أخطأء هذا نهشه هذا)رواه البخاري,يا لله كم ركنا إلى
الأماني وغرورها وكم فتلنا حبال الآمال دهراً طويل,ما الذي جناه أهل الآمال الطوال ,قال عون بن عبدالله رحمه الله( كم من مستقبل يوماً لا يستكمله,ومنتظر غداً لا يبلغه، لو تنظرون إلى الأجل ومسيره، لأبغضتم الأمل وغروره )قال الإمام ابن القيم
رحمه الله( الدنيا من أولها إلى آخرها لا تساوي غم ساعة، فكيف بغم العمر )وقال بعض السلف(ما نمت نوماً قط فحدثت نفسي أني أستيقظ منه )قال تعالى(وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين)يا من بدنياه اشتغل
وغره طول الأمل,الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل,
اللهم إني أعوذ بك من دنيا تمنع خير الآخرة, وأعوذ بك من حياة تمنع خير الممات,وأعوذ بك من أمل يمنع خير العمل.
رد مع اقتباس