بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحياء خلق كريم وخصلة حميدة
لقد خلق الله الإنسان في أحسن خلقة ,
ومن جملة خلقه سبحانه اللسان، فهو المترجم لما حواه القلب، والمبين لما
يريد، والمعبر عما في النفس، ومع صغر حجمه تعظم طاعته ومعصيته، إذ لا يستبين الكفر ولا الإيمان إلا بشهادة اللسان،
وبقوله تزرع الحسنات والسيئات شراً فشر، لذا أمر المسلم والمسلمة بحفظ لسانهما,قال تعالى ( ولا تقف ماليس لك به
علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أؤلئك كان عنه مسئولاّ)وفي السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم(من كان يؤمن
بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)رواه البخاري,عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(من يضمن لي ما بين
لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)رواه البخاري,وقد يكون اللسان سبباً لدخول النار والعياذ بالله فعن أبي هريرة
رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول(إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي بها في النار
أبعد ما بين المشرق والمغرب)متفق عليه,قال النووي رحمه الله,وينبغي لمن أراد النطق بكلمة أو كلام أن يتدبره في نفسه
قبل نطقه فإن ظهرت مصلحته تكلم وإلا أمسك,فأكثر خطايا ابن آدم من لسانه، لأنه أكثر أعضائه عملاً، وهو صغير
حجمه، عظيم جرمه،إن للسان آفات عظيمة وأخطاراً كثيرة وذنوباً صغيرة وكبيرة من الكذب والغيبة والنميمة، ومن
السب والشتم,والكلام الفاحش الذي يصف ما يدور بين الرجل وزوجته في الفراش ومقدماته وتمثيلها، أو الحديث
عن العورات المغلظة للرجل والمرأة، ووصف المرأة المرأة لزوجها أو أحد محارمها كأنه يراها، وكذلك الزوج يصف
الرجل لزوجته أو لأحد محارمه كأنها تراه، ووصف محاسن الأزواج أو الزوجات إلى غير ذلك من الموضوعات الخادشة
للحياء,لقد نهى الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم عن الكلام الفاحش فقال سبحانه(لايحب الله الجهر
بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعاّ عليماّ) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه(إن من أشر الناس عند الله
منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها)ومن خلق المسلم أنه حيي عفيف، لا يحب أن
تشيع الفاحشة، عملاً بتوجيهات القرآن الكريم والسنة المطهرة التي جاءت تتوعد أولئك الفاسقين الذين يحلو لهم
الحديث في أمور الأسرار الزوجية الخاصة، ويتحدثوا عن عوراتهم بأشد العذاب في الدنيا والآخرة قال تعالى(إن الذين
يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين اّمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والاّخرة)ومن ثم كان الذي يطلق لسانه في نشر
الفاحشة في المجتمع آثماً كفاعلها سواء، وعلى من يجالس مثل أولئك الأشخاص أن يصون سمعه عن سماع الباطل،
كي لا يشارك في الحديث أو يتأثر ويعلق في قلبه,والحياء خلق كريم، وخصلة حميدة، ومازال الناس بخير ما وجد
فيهم الحياء فالحياء لا يأتي إلا بخير يمنع صاحبه من قول السوء وفعل المكروه ويتيح له فرصة التفكير واختيار اللفظ
المناسب ويجعله محبوباً لدى الناس، ليس بفاحش ولا بذيء، أما إذا نزع الحياء من الإنسان فقد نزع منه الخير كله،
إذا قلَّ ماء الوجه قل حياؤه 000 ولا خير في وجه إذا قل ماؤه
حياؤك فاحفظه عليك فإنما000 يدل على فعل الكريم حياؤه
ومن آفات الكلام، وصف المرأة المرأة لزوجها أو أحد محارمها كأنه يراها، ويصف الرجل لزوجته رجلاً آخر كأنها
تراه، ووصف محاسن الأزواج أو الزوجات، وهذا كله منهي عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم(لا تباشر المرأة المرأة
فتنعتها لزوجها أو تصفها كأنه ينظر إليها)أخرجه البخاري,فتنعتها أي فتصف نعومة بدنها، ولين جسدها كأنما
ينظر إليها، فيتعلق قلبه بها ويقع بذلك فتنة,
والحكمة في هذا النهي خشية أن يعجب الزوج الوصف المذكور، ويتعلق قلبه
بها فيفضي ذلك إلى تطليق الواصفة أو الافتتان بالموصوفة,
وكذلك المرأة قد تفتن بالرجل الموصوف ويتعلق قلبها به،
فيفضي إلى كراهية زوجها فتطلب الطلاق لتتزوج بالموصوف، أو تقع العلاقات المحرمة بينهما، وقد يثير ذلك
الوصف شهوة كامنة ويحرك نفوساً غافلة,فحري بكل مسلم ومسلمة تجنب الخوض في مثل تلك الموضوعات والابتعاد
عن كل ما يثير الشهوة ويخدش الحياء، ولتكن مجالسنا عامرة بالكلام الطيب والقول الحسن,
اللهم اهدني وإياكم إلى أحسن الأقوال والأعمال، اللهم إن نسألك قلباً تقياً ولساناً نقياً.