بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما تصبح
يوما فتجد حياتك سوداء مظلمة ،لا يوجد حولك من يواسيك في محنتك,تتجمد
اللحظات وتتجمد معها أنفاسك,تجد نفسك تعيش وحدة قارصة,فتهرع إلى رفيق
الصبا,رفيق درب الهدى,أنت تعلم يقينا بأنه دائما في انتظارك ,وأنه أحلى ما
في حياتك,وأحب إليك من
أهلك ومالك,وما العجب,فقد تحاببتم في الله,فتهرول إليه ليرفع عنك كل ما يثقل كاهلك,وتتوسد صدره تبكي حالك,
دون خجل فهو نفسك وأقرب إليك من روحك,لكنك تجده تخلى عنك كما تخلت عنك الدنيا بأسرها ,أعرض عنك وهو
أحب الناس
إليك على هذه الأرض الواسعة,فتناشده بالله أن يبقى ليلة واحدة,هو من يضيء
حياتك ويرسم البسمة على ثغرك رغم ابتلاءك,فلا يرحم عويل قلبك وأنين دمعك
,ولا يرحم ضعفك,فيولي مدبراّ, غير مكترثاّ لعهد
الأخوة,حتى
أخاك خيب ظنك,ونكص عهده وكذب في وده, ورد رجاءك,فتضيق الدنيا عليك بما
رحبت,وتزداد عتمة الليالي, وتبيت هائماّ على وجهك تشكو حالك,قسوة
لياليك,وغدر إخوانك,فتجد دنياك بغير نهار,وتنظر فترى عينك
قد تقرحت
من كثرة هطول العبرات, لا ,رويدك,قف, وكفاك حزناّ,وندباّ وعويلاّ ,ألم تدرك
لم ابتلاك ربك هذا الابتلاء,ألم تعي معنى هذه الرسالة الربانية, انه يريدك
أن لا تشتكي إلا إليه,ولا تحب إلا إياه,
ولا تناجي
سواه, ولا تلجأ إلا إليه,ولا تنطرح على باب العباد طالباّ العون والعزاء,
بل تخر ساجداّ طارقاّ بابه، باب الرجاء,هو يريدك أن تعلم أنك مهما اتخذت من
الخلان, فهو خير وأبقى وأوفى لك,هو يريدك أن تتعلم أن لا ملجأ
منه إلا
إليه,ولا مفر إلا إليه,فهو الوحيد الذي لن يتخلى عنك وإن تخلت عنك الدنيا
بأسرها,وهو الذي ينتظرك رغم طول هجرانك,ورغم كثرة ذنوبك,هو الذي شرك إليه
صاعد وخيره إليك نازل,هو الله,أرحم الراحمين,جابر
المنكسرين,ناصر
المظلومين,هو أرحم بك من أمك,هو القريب,أقرب إليك من حبل الوريد, فلماذا
تطرق باب من لا يضر ولا ينفع,ولا تطرق باب الكريم,إياك أن تشكو همك
للبشر,واشتكي إلى الحبيب الذي لن يردك خائباّ,اشتكي
لمن يسمع
أنينك والناس رقود,ويرى دموعك والناس عنك غافلين,ويسمع شكواك ومن حولك
لاهين,ولا تحزن فإن الله معك ,لا يملك أبداّ,فإذا ألممت بذنب فى غفلة من
أمرك,وأحسست بالندم يمزق فؤادك,فتذكر أن لك رباً غفوراً,يقبل
التوبة
ويعفو عن الزلة,قد فتح لك بابه ودعاك إلى لقائه,رحمة منه وفضلاً,وتذكر قول
النبى صلى الله عليه و سلم,ارحنا بها يا بلال, إنها,الصلاة,إننا تعلمنا من
الصلاة حركاتها,وسكناتها لكننا لم نفهم روحها ومعانيها,أن الصلاة هى باب
الرحمة
وطلب الهداية,هى اطمئنان لقلوب المذنبين ,هى ميراث النبوة,فهى تشتمل على
أسمى معانى العبودية,والاتجاه إلى الله تعالى والاستعانة به والتفويض
إليه,لها من الفضل و التأثير,فى ربط الصلة بالله تعالى,بها وصل المخلصون من
هذه الأمة
إلى مراتب عالية من الإيمان واليقين,هى قرة عين النبى صلى الله عليه و
سلم,فكان يقول وجعلت قرة عينى فى الصلاة,ليست الصلاة أن يقف الإنسان
بجسده,وقلبه هائم فى أودية الدنيا,إننا بذلك قد أفقدنا للصلاة معناها,قال
الحسن البصرى, إذا قمت إلى الصلاة فقم قانتاً,كما أمرك الله وإياك والسهو,والالتفات وإياك أن ينظر الله إليك
وتنظر إلى غيره ,وقلبك ساه لا تدرى ما تقول بلسانك,وتذكر قول النبى,عليك بكثرة السجود لله,فإنك لا تسجد لله
سجدة,إلا
رفعك الله بها درجة وحط بها عنك خطيئة,وقوله صلى الله عليه و سلم,من تطهر
فى بيته,ثم مشى إلى بيت من بيوت الله,ليقضى فريضة من فرائض الله,كانت
خطوتاه إحداها تحط خطيئة والآخرى ترفع درجة,
إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فقول, يا الله.