بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حقيقة الدنيا
الدنيا لا تساوي عند الله شيئاّ،بغرورها ضل من ضل ، وبمكرها زل من زل ، فحبها رأس الخطايا والسيئات،قال الله تعالى(اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر
في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته
ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله
ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)
في حديث أخرجه الترمذي,وصححه
الألباني عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال(لو كانت الدنيا
تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء)الدنيا دار فناء,إنها إلى زوال ، وكل
ما فيها لا يبقى على حال ، نعيمها منغص لأنه ناقص ، وما هي إلا أيام معدودات,قال الله تعالى(ما عندكم ينفد وما عند الله باق)هكذا كانوا الصحابه,يعرفون حقيقة الدنيا وأنها دار خراب لا
دار عمران ،وأن الآخرة هي دار القرار،فعمروها وتركوا عمارة الدنيا لأهل الخسران,الدنيا سبب الزيغ والضلال,
فالدنيا كلها فتن لذلك حذرنا الله منها ، لأنها تغوي البشر فيضيعون في التكالب على زخرفها,أخرج الإمام أحمد في مسنده وصححه الشيخ الألباني,قال صلى الله عليه وسلم(احذروا الدنيا فإنها
خضرة حلوة)وفي الصحيحين عن عمرو بن عوف
الأنصاري,قال صلى الله عليه وسلم(فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى
عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم
فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم)والناس
عادة ما يقعون فريسة النظر إلى من هم أعلى منهم في الدنيا ، وقد يرى أهل
الإيمان الكفار يتطاولون في البنيان،ومن لا يفقه سنن الله
الربانية قد يصاب بهزيمة نفسية،وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،شعار حزب الله المفلحين,أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة,متفق عليه,وللأسف نحن في عصر يقول
القائل فيه,من معه دولار أو جنيه فإنه يساوي
دولارًا أو جنيهًا ، وهذه من علامات استحواذ الدنيا على الناس ، فصارت هي
المعيار والمقياس الذي يقاس به كل واحد,الدنيا سبب الهلاك
والذل,حذرنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوقوع في شراك التنافس على المال,وبين أن
هذا كان سبب هلاك الأمم السابقة،وأنه سبب هلاك أمة الإسلام,وقال بشر الحافي,قل لمن
طلب الدنيا تهيأ للذل,الدنيا دار ابتلاء,فالمؤمن
يعرف أنها قنطرة إلى الآخرة وأنه لابد من امتحان ليعرف ماذا قدم وليصحح
النهج إن أخطأ،أما الكافر لا يرى سواها فيتكالب عليها ، بل
يعبدها,أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال(الدنيا سجن المؤمن و جنة الكافر)وفي مسند الإمام أحمد,وصححه الألباني,عن أبي مالك الأشعري,أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال(حلوة الدنيا مرة الآخرة ، و مرة الدنيا حلوة الآخرة )تفريغ القلب منها,فإذا كان هذا سمتها فانية زائلة مضلة مهلكة مُبلية فما بال قلبك مشغولاً بها،لماذا أنت مهموم
بها,لماذا تستحوذ على قلبك فلا يعود فيه شيء من طلب الآخرة,انظر كيف كانت قلوبهم معلقة بالآخرة،إنهم فطنوا لحقيقة الأمر،فصارت الدنيا لا تساوي عندهم شي,قال سليمان بن
الأشعث,ما رأيت أحمد بن حنبل ذكر الدنيا قط ,فكانوا لا يبالون بالدنيا ولا بأهلها،وكانوا يحقرونها,ما الدنيا من الآخرة,ولذلك لم يصح أن تعقد المقارنة بين الدنيا والآخرة ، فكل ما في
هذه الدنيا لا يساوي أقل القليل من الآخرة,وفي رواية لمستدرك الحاكم وصححها الألباني,ما الدنيا في الآخرة إلا كما يمشي أحدكم إلى اليم فأدخل إصبعه فيه فما خرج منه فهو الدنيا,فهل
تعلمون ماذا أعد الله لعباده المؤمنين،أخرج الطبراني وصححه الألباني عن سهل بن سعد مرفوعًا,إن في الجنة ما لا عين رأت,ولا أذن سمعت,ولا خطر على قلب بشر.