اللهم اني ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك
ولكني عبدتك لأنك أهلا لذلك وابتغاء رضوانك ورحمتك ومغفرتك
هذا لا يعني أنه لا يخاف من أن يدخل النار.
وليس معناه أنه أخذ العهد على الله أن يدخله الجنة.
بل من أعلن زهده في الجنة وعدم خوفه من النار
فقد أعلن بذلك استغناءه عن كرم الله عز وجل وعن
عدم خوفه منه ولا يفعل ذلك إلا مغرور بنفسه مدل
على الله بطاعته نسأل الله ان يعيذنا من هذا المنزلق
انما لا ينبغي ان يكون الهدف الرئيسي من عبادته سبحانه وتعالى
الجنة أو النار بل رضوان الله ورحمته وأهليته سبحانه وتعالى للعبادة.
وقد جائت الأدلة الكثيرة توضح هذا المعنى منها :
1- أن سيدنا ومولانا وقدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل فيه قوله تعالى:
{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا)
سورة الفتح .2
ومع ذلك كان يرهق نفسه في العبادة حتى تتورم قدماه فلما سأل عن ذلك
أجاب نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة( أفلا أكون عبدا شكورا ؟))
الشاهد : أنه لو كان صلى الله عليه وسلم يعبد الله تعالى طمعًا في الجنة
وخوفًا من النار ..لتوقف عن العبادة .. ولكنه صلى الله عليه وسلم
كان يعبد الله عز وجل (يقينًا بانه عبد الله مغمور من قبله بالنعم والآلاء
المختلفة وضريبة العبودية هي شكر المنعم وتعظيمه عز وجل)
2- قوله سبحانه وتعالى { ورضوان من الله أكبر } .
أي أن رضوان الله عز وجل أعظم وأكبر وأجلّ من الجنة ..
فالواجب علينا عبادة الله لأجل رضوانه ومغفرته ورحمته لا لأجل الجنة فقط.
3-قوله صلوات الله وسلامه عليه ((لن يدخل أحدكم عمله الجنة ، ولا أنا ،
إلا أن يتغمدني الله برحمته..)).
الشاهد : أنه لو كانت عبادة الإنسان لربه لأجل الجنة . فان عمله غير كافٍ
لأن يدخلها . انما سوف يدخلها برحمة الله .
أي أن المطلوب الرئيسي هو رحمة الله ورضوانه ومغفرته .
4- قد جائت الآيات في القرآن تبين لنا نوايا عبد الله الصالحين
ومنها قوله تعالى:
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ }
{البقرة/207}
وقوله تعالى:
{ وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ
كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ
فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }{البقرة/265}
وقوله تعالى :
{لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ
بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا }
{النساء/114} .
5- وهو على صيغة سؤال لمنكري هذا الدعاء
إذا لم يخلق الله عز وجل الجنة ولا النار .
هل كنتم ستسمرون في العبادة في أم لا ؟.
وفي هذا يقول الإمام الرائد محمد زكي ابراهيم رحمة الله
فإن التعبد ابتغاء رضوان الله منصوص عليه، مكرر في الكتاب والسنة
ومتى ما أدرك العبد مقام الرضا الإلهي فقد ضمن الجنة، ونجا من النار
مِن أَسْلَمِ الأبواب
فاسترضاء رب الجنة والنار أقرب سبيل إلى التمتع بالجنة
والنجاة من النار، والعبد المؤدب العبد المبصر لا يشترط على مولاه
عوضًا بعوض، ولا يتاجر معه بعبادته : عملا بجزاء، وشيئًا بشيء
ولكنه يطيعه تعالى لأنه أهل للطاعة، فطاعته واجبة لذاته، دون نظر
إلى ثمن ومعاوضة، فتلك - ( وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى) [النحل :60]
-معاملة الأنداد عرض وطلب، وأخذ وعطاء
وما كذلك يكون أدب المعاملة بين عبد ومعبود، وإله ومألوه
فإذا كانت رابعة تعبد الله، لأنه أهل العبادة ولأنه لا تنصرف العبادة
إلا إليه بالاقتضاء الذاتي، ثم هي لا ترى من الأدب مع العبادة أنها
أهل للجزاء شعورًا منها بالنقص، ومخافة أن تكون عبادتها معلولة
أو مدخولة، فهي إنما تقوم بالواجب كما تطيق، والله يفعل ما يشاء
عبدٌ ومسئوليته، وربٌّ ومراده عدلاً وفضلاً، لا وجوبَ قط عليه
طابت ايامكم بكل خير
ونفعنا الله واياكم بما قرانا وزادنا الله من فضله