عجبا لذاكر الموت كيف يلهو ولخائف الفوت وهو يسهو
ولمتيقن حلول البلى ثم يزهو وإذا ذكرت له الآخر مرّ يلغو
لأبي العتاهية
( إني أرقت وذكر الموت أرقني ... فقلت للدمع أسعدني فأسعدني )
( إن لم أبك لنفسي مشعرا حزنا ... قبل الممات ولم آسف لها فمن )
( يا من يموت ولم تحزنه موتته ... ومن يموت فما أولاه بالحزن )
( لمن أثمر أموالي واجمعها ... لمن أروح لمن أغدو لمن لمن )
( لمن سيرفع بي نعشي ويتركني ... في حفرتي ترب الخدين والذقن )
يا غافلا عن الموت وقد لدغه أخذ قرينه فقتله ودمغه
تأمل صنع الدهر بالرأس إذ صبغه
كم رأيت مغرورا قبلك كم شاهدت منقولا مثلك
من أباد أقرانك ومن أهلك أهلك
لقد نادى الموت وقال ما أنا بالذي إذا سئل أقال
أنا الذي إذا مال على القوي أمال
أخذتم أماني يا أهل الأماني والآمال
أين من كان في روح وسعة نقلته إلى مكان ما وسعه
أين من كان على نسائه شديد الغيرة أما رحل عنهن فاخترن غيره
أين من كان يسري آمنا في سربه أما قيل للتلف خذه وسر به
أمّا عاقبه الألفة فرقة أمّا آخر جرعة اللذة شرقة
أمّا ختام الفرح قلق وحرقة أمّا زاد ذي المال إلى القبر خرقة
أعرسمعك الأصوات فهل تسمع إلا فلانا مات
( واذا صاح صايح الموت في قوم ... غدوا كل واحد في مكان )
فازرع في ربيع حياتك قبل جدوبة أرض شخصك
وادخر من وقت قدرتك لزمان عجزك
واعتبر رحلك قبل رحيلك
يا هذا مثّل لنفسك صرعة الموت
وما قد عزمت أن تفعل حينئذ وقت الأسر فافعله وقت الإطلاق
( لقيس بن ذريح )
( أتبكي على لبنى وأنت تركتها ... فكنت كأت حتفه وهو طائع )
( فيا قلب خبرني اذا شطت النوى ... بلبنى وبانت عنك ما أنت صانع )
كأنك بحرب التلف قد قامت على ساق
وانهزمت جيوش الأمل
وإذا بملك الموت قد بارز الروح يجتذبها بخطاطيف الشدائد من تيار أوتار العروق
وقد أوثق كتاف الذبيح وحار البصر لشدة الهول
وملائكة الرحمة عن اليمين قد فتحوا أبواب الجنة
وملائكة العذاب عن الشمال قد فتحوا أبواب النار
وجميع المخلوقات تستوكف الخبر
والكون كله قد قام على صيحة
إمّا أن يقال سعد فلان أو شقي فلان
فحينئذ تتجلى أبصار الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكرى
ويحك تهيأ لتلك الساعة حصّل زادا قبل العوز
وا أسفاه من حياة على غرور
وموت على غفلة
ومنقلب إلى حسرة
ووقوف يوم الحساب بلا حجة
يا هذا مثّل نفسك في زاوية من زوايا جهنم وأنت تبكي أبدا
وأبوابها مغلقة وسقوفها مطبقة وهي سوداء مظلمة
لا رفيق تأنس به ولا صديق تشكو إليه ولا نوم بريح ولا نفس
قال كعب أن أهل النار ليأكلون أيديهم إلى المناكب من الندامة على تفريطهم وما يشعرون بذلك
يا مطرودا عن الباب يا مضروبا بسوط الحجاب
لو وفيت بعهودنا ما رميناك بصدودنا
لو كاتبتنا بدمع الأسف لعفونا عن كل ما سلف
( ولو أنهم عند كشف القناع ... وحل العقود ونقض العهود )
( وخلعهم لعذار الحياء ... ولبسهم لبرود الصدود )
( أناخوا بأبوابنا ساعة ... وأجروا مدامعهم في الخدود )
( لعدنا سراعا إلى وصلهم ... وقلنا قلوب المحبين عودي )