من صفات الله تعالى
العلم ( الكرسي الاعلى )
العلم صفة قديمة قائمة بذات العليم _ سبحانه وتعالى _ ومن حكم الترتيب ان تقع صفة العلم تاسع الصفات ,ووظيفتها انكشاف المعلومات
أزليا وأبديا ,كليا وجزئيا ,لرب العرش سبحانه ,وعلى صفة العلم استقرار الحقائق الوجودية كلها,
وتسمى _ الكرسي الاعلى _ الذي وسع كل شيء علما ( وسع كرسيه السموات والأرض ) , ( وسع ربي كل شيء علما )
فالكرسي الذي هو مستقر الحقائق هو صفة العلم الفصل في شأن العلوم ابتداء ونهاية ,وما بين البدء والنهاية .
وصفة العلم لا تجبر على حصول المعلوم ,وهذا رد آخر على الجبر بين ومن دار في فلكهم من زنادقة المتشدقين الذين لا يكادون يفقهون قولا ,
فتعلق علم الله تعالى بحصول شيء وتخصيص ارادته لأسباب حصوله , وكيفية وقوعه وحدوثه لا يكون سببا مكرها في
حصول ذلك المعلوم .
وعلى هذا نفهم قوله تعالى : ( انما أمره اذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) ( يس:82 )
وتقديره :انما أمره اذا أراد شيئا تعلق به علمه أزلا اذا أراده كائنا موجودا ( أن يقول له ) أي لذلك التعلق القديم الأزلي ( كن ) تنجيزا حادثا ( فيكون )
وإلا فما معنى أن يقول له : أي للشيء الذي لم يوجد بعد , فكيف يتوجه إليه القول وهو ما زال عدما ؟
اذن فالحقيقة الأزلية الثابتة لذلك الشيء المعلوم ,ويقول الامام النسفي في العقائد : حقائق الأشياء ثابتة والعلم بها متحقق ,وانما تجري القدرة
فيما خصصته الإرادة لإبراز ما تعلق به العلم .
الحياة
الحياة صفة قديمة لذات الحي _ سبحانه _ من شأنها الامداد بالقوة وسريانها ودليلها الحركة , ومن هنا نقول :
سريان الحياة في كل حي هي برهاننا الواضح ودليلنا الجلي ,فالحياة المطلقة التي لا يقيدها قيد بوجه من الوجوه ,هي سرمسار في كل متحرك نام ,
فهي بالحيوان والنبات والجماد وبها تسري الحرارة في النبات والحيوان والمادة الجمادية .
وصفة الحياة ليست عينا للموصوف سبحانه ,ولا غيرا له ,وكل ما يظهر منها في الكائنات ,انما هو بالتجلي لا بذات السر ,
كما ان التجلي لم يكن لموسى بل كان للجبل فلما حدث ( جعله دكا وخر موسى صعقا ) ( الاعراف:143)
من هول المشهد ,وعلى هذا فان سر الحياة الإلهي خقي والحياة ذاتها اخفى من سرها كما يقول تعالى ( يعلم السر وأخفى )
فما هذا الذي هو اخفى من السر ,انه ليس سوى الذات ,والذات العلية ليست محلا ولا موضوعا للبحث بأي وجه من الوجوه ,
وبناء عليه لا يمكن فعلا ادراك سر الحياة .
ومن ثم يلزم اسناد الحياة والقوة الى الحي القيوم سبحانه لأنه المالك الحقيقي للحياة والقوة يهبها متى شاء ,
وينزعهما متى شاء ,وظاهرهتها الروح
كما يقول تعالى ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى الى
أجل مسمى ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) ( الزمر:42 ) .
البقاء
البقاء يقابل صفة القدم ,ما تقتضيه صفة البقاء اقتضاء ذاتيا ومعنى صفة البقاء ,ان القديم الأزلي ,هو الباقي الأبدي وهي صفة تنفي النهاية ,فلا نهاية له ,كما تنفي صفة القدم البداية ,فلا بداية له ,
وعليه يتبين قوله تعالى في سورة الحديد : ( هو الأول والآخر ).