صفة أبواب الجنة وأنها ذات حلق
روى الوليد بن مسلم عن خليد عن الحسن ( مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ ) ص~ : 50 قال : أبواب ترى . وذكر أيضاً عن خليد عن قتادة قال : أبواب يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها تتكلم وتكلم , وتفهم ما يقال لها , انفتحي إنغلقي . وقال أبو الشيخ : أنبأنا محمد بن عبد الله بن محمد القيسي أنبأنا محمد بن إسحاق أنبأنا أحمد بن أبي الحواري أنبأنا عبد الله بن غياث عن الفزاري قال : (( لكل مؤمن في الجنة اربعة أبواب : فباب يدخل عليه منه زواره من الملائكة , وباب يدخل عليه منه أزواجه من الحور العين , وباب مقفل فيما بينه وبين دار السلام يدخل منه على ربه إذا شاء )) . وقد روى سهل بن أبي صالح عن زياد النميري عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أنا أول من يأخذ بحلقة باب الجنة ولا فخر )) .
وفي حديث الشفاعة الطويل من رواية ابن عينة عن علي بن زيد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها )) وهذا صريح في أنها حلقة حسية تحرك وتقعقع . وروى سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( آخذ بحلقة باب الجنة فيؤذن لي )) . ويذكر عن علي رضي الله عنه : (( من قال لا إله إلا الله الملك الحق المبين في كل يوم مائة مرة كان له أمان من الفقر ومن وحشة القبر واستجلب به الغنى واستقرع به باب الجنة )) .
ولما كانت الجنات درجات بعضها فوق بعض كانت أبوابها كذلك , وباب الجنة العالية فوق باب الجنة التي تحتها , وكلما علت الجنة اتسعت , فعاليها أوسع مما دونه , وسعة الباب بحسب وسع الجنة , ولعل هذا وجه الاختلاف الذي جاء في مسافة ما بين مصراعي الباب فإن أبوابها بعضها أعلى من بعض , ولهذه الأمة باب مختص بهم يدخلون منه دون سائر الأمم كما في المسند من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( باب أمتي الذي يدخلون منه الجنة عرض مسيرة الراكب ثلاثاً ثم أنهم ليضغطون حتى تكاد مناكبهم تزول )) وفيه من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( أتاني جبريل فأخذ بيدي فأراني باب الجنة الذي تدخل منه أمتي )) الحديث . وسيأتي بتمامه إن شاء الله تعالى .
وقال خلف بن هشام البزار ثنا أبو شهاب عن عمرو بن قيس الملائي عن أبي إسحاق عن عاصم بن حمزة عن علي بن أبي طالب قال : (( إن أبواب الجنة هكذا بعضها فوق بعض ثم قرأ : ( حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ) الزمر : 73 إذا هم عندهم بشجرة في أصلها عينان تجريان فيشربون من إحداهما فلا تترك في بطونهم قذّى ولا أذّى إلا رمته ويغتسلون من الأخرى فتجري عليهم نضرة النعيم فلا تشعث رؤوسهم ولا تغير أبشارهم بعد هذا أبداً , ثم قرأ : ( طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ) الزمر 73 فيدخل الرجل وهو يعرف منزله ويتلقاهم الوالدان فيستبشرون برؤيتهم كما يستبشر الأهل بالحميم يقدم من الغيبة فينطلقون إلى أزواجهم فيخبرونهم بمعاينتهم فتقول : أنت رأيته ؟ فيقوم إلى الباب فيدخل إلى بيته فيتكئ على سريره فينظر إلى أساس بيته فإذا هو قد أسس على اللؤلؤ , ثم ينظر في أخضر وأحمر وأصفر ثم يرفع رأسه إلى سماء بيته فلولا أنه خلق له لالتمع بصره فيقول : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ) الأعراف : 43 والله أعلم .