قال المحدث الألباني في ( السلسلة الصحيحة ) برقم 3401
( إنّ للمساجدِ أوتاداً، الملائكةُ جلساؤُهم، إن غابُوا يفتقدُونهم، وإن مرضُوا عادُوهم، وإن كانُوا في حاجة أعانُوهم. وقال: جليسُ المسجدِ على ثلاثِ خصالٍ: أخٍ مستفادٍ، أو كلمةِ حكمةٍ، أو رحمةٍ مُنتَظرةٍ ) .أخرجه الإمام أحمد (2/418): ثنا قتيبة قال: حدثني ابن لهيعة عن دراج عن ابن حُجيرة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال:... فذكره.
قلت: وهذا إسناد حسن؛ فإن دراجاً مستقيم الحديث إلا ما كان عن أبي
الهيثم؛ كما قال أبو داود، وتبعه الحافظ؛ وهو الذي اطمأنت إليه النفس وانشرح له الصدر أخيراً، كما كنت بينته تحت الحديث المتقدم (3350)، وابن حجيرة هو الأكبر، واسمه عبدالرحمن؛ وهو ثقة من رجال مسلم، وكأنه لما ذكرت أعله المنذري بقوله (1/132):
"رواه أحمد من رواية ابن لهيعة".
مشيراً إلى ما فيه من الضعف. وصرح بذلك الهيثمي فقال (2/22):
"رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة، وفيه كلام ".
فلم يعلاه بـ (دراج)، وما ذلك إلا لما تقدم. والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأما إعلالهما إياه بـ (ابن لهيعة)؛ فقد سلكوا فيه الجادة، ولم يتنبهوا أنه من رواية قتيبة- وهو ابن سعيد المصري-، وروايته عنه صحيحة كرواية العبادلة عنه؛ كما تقدم التنبيه على ذلك غير ما مرة.
وله شاهد قوي من حديث عبد الله بن سلام قال:... فذكره موقوفاً؛ ليس فيه رفعه، ولكنه في حكمه؛ لأنه لا يقال بالرأي، وليس فيه:
"جليس المسجد... " إلخ.
أخرجه الحاكم (2/398) من طريق الحسن بن مُكرَم البزاز: أنبأ يزيد بن هارون: أنبأ أبو غسان محمد بن مُطَرِّف الليثي: ثنا أبو حازم عن سعيد بن المسيَّب عنه. وقال:
"صحيح على شرط الشيخين موقوف ". ووافقه الذهبي. وأقره المنذري! وأقول: إنما هو صحيح فقط؛ لأن الحسن بن مُكرَمٍ البزاز ليس من رجال
الشيخين، ويزيد بن هارون ليس من شيوخهما، وهذا من شرطه الذي عرفناه بالاستقراء: أن ينتهي إسناده عن شيخه ومن فوقه إلى شيخ من شيوخ الشيخين، ويكون من فوقه من رجالهما أيضاً، وإن كان هذا قد أخل به كثيراً كما هو معروف عند الحذاق بهذا الفن. على أن ما ذكرته من الشرط هو اصطلاح خاص به، اصطلح هو عليه؛ وإلا فهو لا يستقيم إلا حين يكون رجال الإسناد كلهم على شرط الشيخين، وهذا لا يمكن إلا إذا كان المسند من طبقتهما كما هو ظاهر عند العلماء، وكذلك رأيناه- في كثير مما صححه على شرطهما أو أحدهما- لا يصح إسناده إلى شيخهما!!
ثم إن الحديث- دون (جملة الجليس)- أخرجه عبدالرزاق في "المصنف " (11/297/20585) عن معمر عن عطاء الخراساني... رفع الحديث فذكره نحوه.
وعطاء هذا تابعي ضعيف، قال الحافظ:
"صدوق يهم كثيراً، ويرسل، ويدلس ".
(تنبيه): عرفت أن حديث عبدالله بن سلام موقوف عند الحاكم، وقد عزاه إليه المنذري دون قوله: "موقوف "؛ فأضفته إليه في كتابي "صحيح الترغيب والترهيب " (1/203/324)؛ فإنه قال:
"رواه أحمد من رواية ابن لهيعة، ورواه الحاكم من حديث عبدالله بن سلام
دون قوله: "جليس المسجد... " إلى آخره، وقال: "صحيح على شرطهما"!
ثم جاء المعلقون الثلاثة الذين أفسدوا الكتاب بتعليقاتهم الكثيرة الفجة! فخلطوا فيها تخليطاً عجيباً تدل الباحث على أنهم ما شموا رائحة هذا العلم؛ فضلاً عن أن يكونوا محققين فيه، وقد سبق أن ذكرنا نماذج من تخاليطهم، ومنها
قولهم على ما ذكرنا من تخريج المنذري (1/298):
"موقوف صحيح، رواه أحمد (2/418)، والحاكم (2/298)، وهو صحيح،
ولا بد من إضافة لفظة: "موقوف " بعد قول المصنف: "على شرطهما " لأن الحديث موقوف، وليس مرفوعاً " !!
فخلطوا المرفوع بالموقوف، وجعلوه كله- بجهلهم البالغ- موقوفاً! وقد عرفت أن
في المرفوع ما ليس في الموقوف، وهو قوله: "جليس المسجد... " كما صرح المنذري، فعَمُوا عن ذلك كله، وأنكروا الحديث المرفوع جملة وتفصيلاً، فكأنهم لم يروه في الكتاب منسوباً إلى النبي صراحة وبرواية أحمد!! والله المستعان . انتهى تخريج شيخنا رحمه الله تعالى .
قلت : وقد رواه عبد الرزاق في ( المصنف ) 11/297 ، رقم 20585- ومن طريقه البيهقي في ( الشعب ) 3/85 ، رقم 2955 - عن معمر عن عطاء الخرساني رفع الحديث قال إن للمساجد أوتاداً جلساؤهم الملائكة يتفقدونهم فإن كانوا في حاجة أعانوهم وإن مرضوا عادوهم وإن خلفوا افتقدوهم وإن حضروا قالوا اذكروا ذكركم الله . وهذا المرسل - إن لم يزد الحديث قوة لم يؤثر فيه ضعفاً - لم يذكره شيخنا رحمه الله تعالى ؛ منقول للفائده