الحمد لله، وصلى اللهم وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه
يقول: عن معقل بن يسار -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
« العبادة في الهرج كهجرة إليّ »1 الهرج: جاء في تفسيره كما سيأتي بأنه القتل، يعني العبادة في وقت الفتن، فتن الحروب، فتن القتال، الحروب العمياء التي تكون بين المسلمين على غير بصيرة إما لشبهات وتأويلات، أم لنزاعات على الدنيا، كالحروب التي تكون نزاعات على السلطة، النزاعات التي تكون بين طلاب السلطان، طلاب السلطة، فإذا غلبت هذه الفتن على الناس فينبغي للعبد أن يعتزل هذه الفرق ويقبل على عبادة ربه مؤديا لفرائضه وقائما بأنواع العبادة، وليس المقصود فقط أنه يعتزل ويعبد ربه بنوع من العبادة بصلاة وصيام وتلاوة، العبادة أوسع من هذا المفهوم، يقوم بالعبودية لله بأنواعها، يؤدي الواجبات، يؤدي فرائض الله، يحافظ على الجُمع والجماعات، يأمر بالمعروف، ينهى عن المنكر إذا استطاع، إذا استطاع يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فهذا القائم بعبودية الله يقول فيه الرسول كهجرة إليّ.
« العبادة في الهرج كهجرة إلي »1 الهجرة إلى الرسول لها شأن عظيم، الله قرن الهجرة بالجهاد في سبيله في آيات كثيرة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ﴾2 ففي حال الفتن الحربية وغيرها, لكن الهرج هو المراد به القتل، القتل، فعلى الإنسان ألا ينساق مع الأهواء، ولا ينخرط في فريق من هذه الفرق، بل عليه أن يقوم بالعبودية لله، ويعبد ربه مؤديا للفرائض، قائما بالواجبات، آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، فلا ينساق مع الأهواء، بل عليه أن يعتصم بكتاب الله وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- ويحكمهما على نفسه وعلى غيره.
الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك