بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنت صفحة من التاريخ
إن الواحد منا عندما يقرأ في كتب التاريخ ليرى عجباً
إنها صفحات لأشخاص قاموا بأعمال فكتبها الناس عنهم وفي كثير من الأحيان لم يعلم أصحاب تلك الأعمال بما كتب عنهم بل لعل بعض تلك الصفحات كتبت عنهم بعد وفاتهم بسنين عديدة
إنك أيها الرجل وأنت أيتها المرأة صفحة في التاريخ والناس سيتكلمون عنك بالخير أو الشر شئت أم أبيت، فأنت تصنع لك تاريخاً... هو أعمالك هو أقوالك هو إنجازاتك هو تاريخك المضيء أو الأسود
إنك صفحة من التاريخ سواء كان ذلك التاريخ مكتوباً في الدواوين والكتب أو شفهياً فتناقله الناس في المجالس والمنتديات
إننا نقرأ عن فلان أنه كان كريماً جواداً يحب المساكين، فيا ترى هل علم وهل قصد أن ينقل الناس خبره وأعماله ؟
لا أظن ذلك في الغالب
وتلك المرأة ينقل الناس عنها قصة في عنايتها بحجابها ومحافظتها على عفافها فهل تظن أنها طلبت منهم كتابة تلك الصفات عنها ؟
لا أعتقد ذلك
إذن أنت صفحة من التاريخ
إن حياتك وأعمالك البيضاء تاريخ مشرق ضمن سيرتك العطرة
فما أجمل حياة أولئك الذين كتب التاريخ حياتهم وأعمالهم وأقوالهم وكم صنعوا للأمة مجداً عملياً، وكم كانوا ولا يزالون قدوات تنير للأمة الطريق
فـأنت صفحة من التاريخ
إنها السيرة الصادقة المخلصة تضع بصمتها على صفحات التاريخ
فتُكتب الأعمال وتكون سبباً لحياة أجيال قادمة
والتاريخ المجيد هو تراث للجيل الجديد وسبباً من أسباب الارتقاء والازدهار
فيا فوز من كان هو التاريخ الصادق
وهو النموذج المتميز في عقيدته وسلوكه وعمله وعبادته
إنه التاريخ الذي سينفع الأجيال القادمة وسيظل نوراً في سماء الحياة
فيا أيها الرجل ويا أيتها المرأة، لنوقن أننا بأعمالنا نكتب تاريخاً لأنفسنا، بل ولأمتنا، فهل سيكون لنا تاريخ أو سنكون فراغاً عاش على الأرض
ولننظر في صفحات التاريخ المشرق لنرى كيف كان هذا التاريخ ؟
لنبدأ بسير الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام كيف صنعوا تاريخاً من الدعوة والتضحية والبذل والصبر حتى حصل لهم ما يريده الله منهم " البلاغ المبين "ـ
ثم انظر لتاريخ الصحابة رضوان الله عليهم كيف سطروا على صفحات التاريخ صور الجهاد والتضحية من أجل نصرة هذا الدين
لقد كتبوا بدمائهم أروع كلمات المجد، فهذا هو التاريخ وإلا فلا
وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام
ولا زلنا نقلب كتاب التاريخ فنصل إلى عهد الأئمة والعلماء الذين تميزوا بعلو الهمة في طلب العلم وتعليم الخلق فهذا يرحل على قدميه من دولة إلى دولة لأجل العلم، فعجباً له
وهذا يسهر على الحديث ويستيقظ عشرين مرة ليكتب فائدة " سنحت له " فأي رجل هذا ؟
وهذا يموت في السجن لأجل كلمة الحق وهذا يُجلد، وهذا يُطرد
إنهم صناع التاريخ المجيد، وكُتّاب الحياة الصادقون
لقد رفع التاريخ ذكرهم، وأعلى شأنهم
إنهم صفحات بيضاء في التاريخ العلمي
وتمر عجلة الزمن لتقف بنا في صحراء نجد وإذا بالتاريخ يسجل لنا همة ذلك الرجل الذي جدد التوحيد وحارب الشرك
إنه الإمام محمد بن الوهاب - رحمه الله - لقد كتب التاريخ عن هذا الرجل أنه قام بالدعوة إلى الله تعالى، وجاهد من أجل تصفية التوحيد وتنقيته من الخرافات والبدع، وكان بصدق مجدداً للتوحيد، فهنيئاً له من رجل، وهنيئاً لتاريخٍ كتب تلك السطور
وتذهب الليالي والأيام ويخرج لنا صبياً يفقد بصره وعمره (19) سنة, ولكنه طالب علم، تعلم منذ الصغر، وشحذ همته، وصدق مع ربه فأصبح من علماء العالم الإسلامي، بل وأصبح الرجل الذي يثق الناس بفتواه ويتمنون معرفة مايقول
إنه الإمام العلامة ابن باز رحمه الله تعالى
إنه ليس مجرد عالم، ولقد كتب التاريخ عنه قصصاً أشبه بالخيال، فهو العابد والمتواضع والرحيم، والتقي, والكريم والداعية ..إن ابن باز صفحة في التاريخ فهنيئاً لك يا بن باز، لقد كنت ولا زلت نوراً في قلوبنا
وهناك جانب مظلم في التاريخ إنه الكفر والفجور والعصيان، وأهله هم سواداً في كتب التاريخ، وظلاماً في عالم الإنسانية، إنهم بأعمالهم السيئة صفحة في التاريخ ويا بؤس ما صنعوا لو كانوا يعقلون
فانظر إلى الأمم التي كذبت الأنبياء والرسل، ماذا جرى لهم من عقوبات وويلات.. بل انظر إلى التاريخ ماذا كتب عنهم ؟
إنهم صفحة من التاريخ، وما أسوأه من تاريخ
ثم طالع سير الطغاة والظلمة على رأسهم فرعون وقارون وهامان، وتأمل ماذا صنع الله بهم، لترى كيف كان تاريخهم ؟
وانظر في تاريخنا المعاصر لترى ماذا كتب التاريخ عن اليهود والنصارى والروس والهندوس، وبوش وشارون، وغيرهم من رؤوس الكفر والضلال، إنهم أئمة الكفر والطغيان
قال تعالى : ( وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون ( 41 ) وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين ( 42 ) ) سورة القصص