بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال: مما لا شك فيه أن القنوات الفضائية وما تعرضه من عادات وتقاليد تخالف ديننا الإسلام محرمة شرعاً , ولكن فضيلة الشيخ سمعت أن مشاهدة المسلسلات المدبلجة هي أشد حرمة من غيرها ، وأنها تبطل الصلاة 40 يوماً , أرجو من فضيلتكم إفادتنا بما أنكم بعد الله وبعد الرسول عليه الصلاة والسلام أعلم به منا , وجزاكم الله خيراً وجعله في موازين حسناتكم .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
لا فرق من حيث الحكم بين المسلسلات العربية ، وبين تلك المدبلجة ، وما يوجد من مخالفات في منكرات في الأولى : فإنه يوجد في الثانية ، وبعض المسلسلات العربية تفوق تلك المدبلجة بالفساد والسوء ، وإنما التنافس بينها في أيهما أكثر إفساداً للمسلمين ، وارتكاباً للمعاصي والمنكرات .
ولعلَّ من ذهب إلى أن مشاهدة هذه المسلسلات أشد حرمة إنما نظر إلى ما تواطأت هذه المسلسلات على نشره ، من تبرج سافر ، وقصص غرامية ملتهبة ، وقبلات فاضحة ، وخيانة للأزواج والزوجات ، ومع ما في حلقاتها من طول قد تصل في بعض الأحيان إلى ( 300 ) حلقة !! : إلا أنك قد تجد المفتونين بها من الذكور والإناث يحرصون على متابعتها ، ويعرفون أوقات عرضها وإعادتها ، ولم يكتفِ أساطين الفساد في الأرض بالمسلسلات المكسيكية والإسبانية والفرنسية حتى أضافوا إليها التركية ، وفتنوا بها الذكور والإناث ، فالويل لهم إن لم يتوبوا ويكفوا عن نشر الفواحش والمنكرات في البلاد وبين العباد ، قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) النور/ 19 .
سئل الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :
ما حكم مشاهدة المسلسلات التي تذاع بالتلفزيون ؟ .
فأجاب:
على المسلم أن يحفظ وقته فيما يفيده وينفعه في دنياه وآخرته ؛ لأنه مسؤول عن هذا الوقت الذي يقضيه بماذا استغله ، قال تعالى : ( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ ) فاطر/ 37 ، وفي الحديث : أن المرء ( يسأل عن عُمُره فيما أفناه ) .
ومشاهدة المسلسلات : ضياع للوقت ، فلا ينبغي للمسلم الانشغال بها ، وإذا كانت المسلسلات تشتمل على منكرات : فمشاهدتها حرام ، وذلك مثل النساء السافرات ، والمتبرجات ، ومثل الموسيقى ، والأغاني ، ومثل المسلسلات التي تحمل أفكاراً فاسدة ، تخل بالدين والأخلاق ، ومثل المسلسلات التي تشتمل على مشاهد ماجنة تفسد الأخلاق ؛ فهذه الأنواع من المسلسلات لا تجوز مشاهدتها .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 3 / 346 ، السؤال رقم 516 ) .
وقال – حفظه الله - :
مشاهدة المسلسلات والأفلام الأجنبية فيها خطورة شديدة على العقيدة ، والأخلاق ؛ لأنها لا تخضع للرقابة ، والذين يقومون بإعدادها لا يتقيدون بأحكام الإسلام ، ولا شك أنها إذا اشتملت على مواد فاسدة : فإنها تؤثر فيمن يشاهدها سواءً ، فعليك باجتنابها ، والحذر منها ، ولا تُدخلها بيتك .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 5 / 61 ، السؤال رقم 90 ) .
ومن يمكِّن أهله – وخاصة بناته – من مشاهدة تلك المسلسلات والأفلام فإنما هو غاش لرعيته ، آثم في تصرفه ، وهو يوشك أن يرى أثر تلك المشاهدات حسرة ، وندامة ، وخسارة ، فهل هو بعينه يرى ابنه متعلقاً بتلك الممثلة الجميلة ، يحتفظ بصورتها ، ويعلقها ، وها هو يرى ابنته متعلقة بذلك الممثل الوسيم ، وتعلق صورته في غرفتها ، وهل يظن الأب الغافل أن الأمر ينتهي عند التعلق القلبي والتعليق للصور ؟ إن الأمر له عواقبه الخطيرة ، لو كانوا يعقلون .
وهناك خطبة جمعة حول تلك المسلسلات للشيخ سلطان العويد بعنوان (المسلسلات المدبلجة) :
ثانياً:
أما الزعم بأن مشاهدة تلك المسلسلات المدبلجة يبطل الصلاة أربعين يوماً : فهو من الكذب على شرع الله ، ومثل هذه الأحكام لا تصدر إلا بوحي من رب العالمين ، أن نقل بعض السائلين عن أحد الجهلة أنه أوجب كفارة صيام أربعين يوماً على متابعة تلك المسلسلات ! وليس يعني هذا التهوين من شأنها ، فقد تكون آثام تلك المسلسلات أعظم بكثير مما زعموه ، ولكنَّ الشأن هنا هو في نسبة تلك الكفارات لشرع الله تعالى من غير دليل .
فعلى الآباء والأمهات أن يقوا أنفسهم أولاً نار الله تعالى ، وأن يتقوا الله تعالى فيما جعله الله تعالى أمانة في أعناقهم ، وليحذروا من تمكين الفساد في بيوتهم ، سماعاً ، ومشاهدة ، وقد يسَّر الله تعالى بدائل كثيرة مباحة في تلك القنوات التي تبث الخير ، وتنشر الفضيلة ، وتقوي الإيمان ، وتزرع الحياء ، وتغرس العفاف ، مع ما فيها من برامج ترفيهية للأطفال مباحة ، وأخرى تثقيفية للكبار ، وهي إن لم تكن موجودة ليس لهم حجة في تمكين تلك القنوات الفاسدة في بيوتهم ، فكيف وقد وجدت ؟! .
والله الموفق