لماذا ندعو الله فلا يستجيب لنا؟
أنا مسلم وأسأل لماذا علي أن أعبد الله، وما الفرق بين عبادة الله وعبادة غيره، إذا كان الله لا يجيب دعاء ولا يكشف هما ولا يكشف كربا ولا أستطيع الاعتماد عليه في شيء، فلماذا أقول إنه ربي، أنتم تقولون إن الله يجيب الدعاء ويجيب المضطر متى يجيب بعد الموت، أم يجيب في وقت لا ينفع فيه إجابة الدعاء. أنا لا أعبد الله على عطاء فإن أعطاني رضيت وإلا كفرت لا لا لا ليس الأمر هكذا ولكني أسأله إذا حلت بي كارثه إذا وقعت علي مصيبة أو فاجعة وما أكثرها هذه الأيام فإلى من ألجأ، إلى الله أم إلى نفسي إذا دعوت الله ماذا سأستفيد، لا شيء سيأمرني بصبر عقيم إلى يوم القيامة، إذا ماذا استفدت من الدعاء إذا دعوت الله أو لم أدعه أنا سأموت وسأصل إلى يوم القيامة شئت أم أبيت، موضوعي ليس عن الدعاء ولكن عن ربوبية الله على عباده إن كانت المصائب التي كتبت علي ستأتيني والله سيقف متفرجاً علي يكتب الأجور والسيئات ثم جنة ونار، فلماذا أعبده إذاً إن كنت أواجه مشاكلي ومصائبي بنفسي؟
لماذا ندعو الله فلا يستجيب لنا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
"وإذا سألك عبادى عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان...فليستجيبوا لى وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون"
الجواب سيكون من الكتاب والسنة والأثرولا دخل فيه لرأى شخصى أبدا...وآمل التوفيق والقبول من رب العزة سبحانه...
:لماذا ندعو الله فلا يستجيب لنا رغم أنه أخبر عن نفسه بأنه يجيب دعوة الداعى إذا دعاه؟
والجواب يستدعى شيئا من التفصيل ...
1-الاستعجال في الدعاء:
عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يستجاب لأحدكم مالم يعجل ؛ يقول دعوت فلم يستجب لى"(صحيح –متفق عليه)
وهذا مع الأسف يحدث من كثير من الناس يدعو لمدة دقيقة أو أقل وينتظر الإجابة حالا وفورا و في ظرف ثوان...فإذا لم يحدث ذلك يقول على الفور:دعوت ودعوت فلم أر استجابة لدعائي...
ألا ترى أخي الكريم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم – أحق خلق الله بإجابة دعائه –ظل يدعو ربه بضعة عشر شهرا لكي يتفضل الله عليه بتغيير قبلته من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام؟
بضعة عشر شهرا يقلب وجهه في السماء داعيا ربه بالإذن بتحويل القبلة حتى استجاب له سبحانه؛وحكى عن ذلك قائلا:"قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها"(البقرة-144)
2-استحلال الحرام وأكله:م
ن استحل الحرام فأكله لم يقبل الله تعالى منه ولم يجب دعاءه...
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل يطيل السفر(أى في طلب المعايش) أشعث أغبر...يمد يديه إلى السماء:يارب يارب...ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذى بالحرام...فأني يستجاب لذلك؟(صحيح – مسلم)
3-الشك في إجابة الدعاء:
عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة...واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه"(حسن – الترمذى)
ترى أكثر الناس يدعون وهم يشكون في إجابة دعائهم...ويرجع ذلك في أغلب الأحيان إلى سوء عمل الداعى؛فهو يدعو بلسانه فقط ولا يعتقد في إجابة الدعاء بسبب سوء أعماله...
4-الدعاء بالإثم أو بقطيعة الرحم:
عن أبي هريرة رضى الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:"لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم..."(صحيح – مسلم)
فمن يدعو بأمر هو في حد ذاته معصية أو قطيعة رحم كيف يستجاب له؟
5-غفلة القلب ولهوه وانشغاله بالدنيا :
هذا باب كبير من أبواب عدم استجابة الدعاء...ارجع أخي الكريم إلى حديث الترمذى في البند الثالث؛ففيه يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى لا يستجيب الدعاء من قلب غافل عن الله وعن الآخرة... لاه عن القيامة والحساب...مشغول بالدنيا والشهوات...فمن كان هذا حاله كيف يستجاب له؟
إن أقرب ما يتقرب به العبد من ربه تبارك وتعالى خلو قلبه مما سوى الله...إن الله يحب أن يكون قلب عبده مع ربه...بمعنى أن يكون الله(ورسوله) أحب إليه من كل شئ ومن ولده ووالده والناس أجمعين...إذا أحب يحب في الله ؛ ولا يحب مع الله...إذا أحب في الله فهذه محبة تابعة لمحبة الله تعالى يثاب العبد عليها...أما إذا أحب مع الله فهذه محبة شركية ...محبة الأنداد التى يكفر صاحبها؛فالله لايقبل شريكا في قلب عبده...فمن جعل قلبه لربه كان مستجاب الدعوة ...وإن أقسم على الله لأبره...
وغفلة القلب وانشغاله بالشهوات والدنيا أهم باب من أبواب عدم استجابة الدعاء...ويجمع هذه الآفة المهلكة كلمة واحدة هى هوى النفس...فمن كان عبدا للمال:للدينار والدرهم ومن كان عبدا لشهوة النساء ومن كان عبدا للدنيا:مناصبها وجاهها ونعيمها ومن كان عبدا لهوى نفسه كيف يستجاب لهؤلاء جميعا؟
انظر أخي الكريم في كتاب ربك الأعلى:هذا نبي الله زكريا وقد بلغ من العمر عتيا ووهن عظمه وتجاوز سن الإنجاب بسنين عديدة وامرأته عاقريدعو ربه بدعاء عجيب:أن يهبه (رغم كل هذه الأحوال التى يستحيل فيها الإنجاب من وجهة نظر الناس)ولدا ليرث منه ميراث النبوة ...إن زكريا لا يبحث عن شهوة الولد؛وإنما يبحث عن ميراث النبوة لكي لا يخرج من بيت يعقوب...فماذا حكى القرآن عن ذلك؟
اسمع معى أخي الفاضل: "هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لى من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء...فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيي..."(آل عمران -38؛39)
لاحظ هذه الجملة الاعتراضية"وهو قائم يصلي في المحراب"...لماذا ذكرها رب العزة؟...لينبه الناس إلى حقيقة في غاية الأهمية:أن استجابة الدعاء – ولوكانت مستحيلة من منظور البشر- مرهونة بأن يكون الإنسان بجميع جوارحه مع ربه...
إن الله لم يقل أن البشرى بإجابة الدعاء جاءت والعبد يتفرج على مباراة الكرة ولا وهو يلعب النرد والورق على المقهى ولا وهو جالس مع زوجته وأولاده وأصحابه...بل قال:"وهو قائم يصلي في المحراب"ليعلم الناس أن وسيلة إجابة الدعاء هى انشغالهم بربهم وليس بالدنيا ولا الناس ولا الشهوات...يسعى في الأرض ويتعامل مع الناس بما أمره به ربه؛ ولكن قلبه لا يكون إلا مع ربه...
6-عدم أداء حق الله عليه:
وهذا باب جامع يجمع كل ما سبق ذكره...وهذا يعني أن الله تعالى يستجيب ممن كان مؤديا لحق الله عليه بأن يكون ملتزما بما أمر به ومجتنبا لما نهى عنه...فلا يفتقدك حيث أمرك ولا يجدك حيث نهاك...
انظر أخي الكريم إلى كتاب ربك الكريم: إن الله تعالى عندما قال:"وإذا سألك عبادى عنى فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان"قال عقبها مباشرة"فليستجيبوا لى وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون"(البقرة – 186)
إن الله تعالى قرن استجابة الدعاء بالاستجابة إليه فيما أمر ونهى...هذه مسألة مفروغ منها...
ورد أن نبي الله موسى عليه السلام مر برجل يدعو و يتضرع...فقال:يارب ارحمه(أى بإجابة دعائه)...فأوحى الله عز وجل إليه: لو دعاني حتى تنقطع قواه ما استجبت له حتى ينظر في حقي عليه...(الزهد لأحمد بن حنبل)