حديث (كل أمرٍ لا يبدأ فيه بذكر الله فهو أبتر)
السؤال : هل يمكنك أن تصحح لي الروايات التالية مع ذكر التخريج والتحقيق لهذه الأحاديث ، وأرجو أيضا أن تذكروا رأي أقدم المحدثين ورأي الشيخ الألباني ، وإذا كان لديكم حديث مشابه لهذه الأحاديث أرجو أن تفيدوني به . ابن حبان روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كل أمر ذي بال لا يبدأ باسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر ) . وروى أحمد قائلا : ( كل أمر لا يبدأ باسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر ) . ويروي الدارقطني عن أبي هريرة : ( كل أمر لا يبدأ باسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر ) . وروى ابن حجر في فتح الباري والسيوطي في الدر المنثور : ( كل أمر ذي بال لا يبدأ باسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع ) .
الجواب : الحمد لله
الحديث المقصود في السؤال هو حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (كُلُّ كَلَامٍ أَوْ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُفْتَحُ بِذِكْرِ اللهِ فَهُوَ أَبْتَرُ - أَوْ قَالَ : أَقْطَعُ -) وقد روي الحديث بألفاظ أخرى نحو هذا .
رواه الإمام أحمد في " المسند " (14/329) طبعة مؤسسة الرسالة ، وآخرون كثيرون من أصحاب السنن والمسانيد .
وفيه علتان :
العلة الأولى : ضعف قرة بن عبد الرحمن ، قال أحمد بن حنبل : منكر الحديث جدا . وقال يحيى بن معين : ضعيف الحديث . وقال أبو زرعة : الأحاديث التى يرويها مناكير .
انظر: "تهذيب التهذيب" (8/373) .
العلة الثانية : أنه قد رجح بعض أهل العلم أن الصواب فيه : عن الزهري مرسلا ، ـ والمرسل من أقسام الحديث الضعيف ـ .
فقد أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (495 ، 497) عن الزهري ، قال : قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فذكره .
قال الدارقطني رحمه الله :
" والصحيح عن الزهري المرسل " انتهى.
" العلل " (8/30) .
وضعفه الزيلعي في " تخريج الكشاف " (1/24) ، وضعفه الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " (1/29-32)، كما ضعفه المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة .
وقد حَسَّن الحديث أو صححه جماعة من العلماء ، فقد حسنه النووي وابن حجر ، وصححه ابن دقيق العبد وابن الملقن .
وسئل عنه الشيخ ابن باز رحمه الله فقال :
"جاء هذا الحديث من طريقين أو أكثر عند ابن حبان وغيره ، وقد ضعفه بعض أهل العلم ، والأقرب أنه من باب الحسن لغيره" انتهى .
"مجموع فتاوى ابن باز" (25/135) .
والحديث معناه مقبول ومعمول به ، فقد افتتح الله تعالى كتابه بالبسملة ، وافتتح سليمان عليه السلام كتابه إلى ملكة سبأ بالبسملة ، قال تعالى: (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) النمل/30 ، وافتتح النبي صلى الله عليه وسلم كتابه إلى هرقل بالبسملة ، وكان صلى الله عليه وسلم يفتتح خطبه بحمد الله والثناء عليه .
وقد ذهب أكثر الفقهاء إلى مشروعية البسملة واستحبابها عند الأمور المهمة .
جاء في الموسوعة الفقهية (8/92) :
"اتفق أكثر الفقهاء على أن التسمية مشروعة لكل أمر ذي بال ، عبادة أو غيرها" انتهى .
والله أعلم .