هدير البحربأمواج مزمجرة وقمر طالع بين حين وحين , سرب شعائه من فتحات تلاطم غيوم بيضاء وداكنة سائرة وصرير رقصات الشجر المتأججة على الصخر من رياح مجنونة عبثت بأغصانها من كل الإتجاهات والفانوس الذي مسكت عقلته بأحكام يتأرجح بضيائه ...
كنتُ شاهدها ذلك الليل الثائر..
ماذا أفعلُ هُنا , تسائلتُ مع نفسي وبعد سبعة أيام من انتظار رجوع مركب صيد أخي سنّ الذهب ورجاله .
تاركاً كلبي الذي أبى ملاحقتي في الخلف والذي لم أعد أسمع نباح استغاثته وتحذيره , بخوف وقلق ,مُرهَقاً , خرجتُ من قريتي , قاصداً الرأس الصخري والذي منه رأيت كُل ّالبحر يتلألئ وأقربائي مجتمعين في المسجد ويقرأون الآيات والأدعية ,
فهل ابتلتعهم الأمواج أم ظلّوا طريقهم الى المجهول .. ولكن أخي لم يكن حديث العهد في مهنة الصيد وهو من القلّة الذين صنعوا مراكبهم بأنفسهم وعرفوا البحر وخباياه وهذا ما أعطاني أمل رؤيته ثانية فهو من نجى من عواصف أكثر قوة من تلك التي ضربت الأمواج الأسبوع الفائت .
في اليوم التالي ضهراً سمعتُ جمهرة أولاد يقهقهون في غرفة نومي وآلام في قفاي من شيئ يركلني فنظرت كالمجنون لمصدره فرأيت أخي واقفاً فوقي وهو يقول مبتسماً أنهض ياولهان وساعد الرجال في جلب السمك ...