*********************
ماريا .... تلك الجميلة الأخرى
***********************************
ككل صباح أدخل مكتبها مرتديا زي العمل الميداني لأستلم منها أمرا بالمهمة
ثم أنطلق برفقة زملائي العمال إلى الورشة الضخمة حيث كنا نحضر الأرض لاستقبال
معلم حضاري ضخم...
صورتها لا تفارق مخيلتي أثناء العمل، تدفعني دائما لأقدم المزيد، أحدث نفسي متخيلا
سعادتها وهي تستلم مني أوراق العمل مساء حين تجد أننا في يوم واحد حققنا بتعاوننا جميعا خطوات عظيمة إلى الأمام
نساء كثيرات كنّ معنا في تلك الشركة الأجنبية، من مختلف الجنسيات والديانات
لم أشعر بواحدة منهن إلا بهذه الساحرة الفاتنة
(ماريا) الرهيبة، كانت نصرانية من أوكرانيا، عينان زرقوان يبكي عندهما قوس قزح
قوام ممشوق حينما تسير كانت تدوس قلبي بكعبها العالي، ويصفعني جيدها كأنني
سنبلة خضراء في مهب الريح
الغريب فيها والذي جعلها تجلب انتباهي دون باقي النساء، هو أخلاقها العالية
لم أرها يوما ثملة، لم أصادفها يوما في وضع مخل بالحياء مع أحدهم
عكس كثير وكثيرات هناك مما جعلني أتساءل في نفسي
(هل هذه مؤمنة من آل فرعون؟؟؟؟).
ذات مساء وبعدما سلمتها أوراق المشروع وإحصائيات اليوم.. و.. و..
جلست معها لما يقارب الساعة في مكتبها.. أنا وهي .. ورفيقنا الثالث الذي يرانا من حيث لا نراه
أعجبت بما حققنا في ذلك اليوم من تقدم ففتحت موضوعا جميلا عن العمل وعن التعاون وعن...
واغتنمت الفرصة إذ كنت أتأمل تعابير الوجه وكلمات الشفاه وإشراقة العيون ونعومة الشعر وبياض البشرة و...
عن قرب، كأنني قرب جدول صغير ماؤه عذب فرات سائغ للشاربين..
أخبرني رفيقنا الثالث بأمر جعلني أتمنى أن تسلمني أمرا بمهمة ليس كباقي المهمات..
أما هي فلا أعلم فيما كانت تفكر، لا أعلم إن كان رفيقنا الثالث أخبرها بما أخبرني
كانت يدها الرهيفة الناعمة البيضاء على المكتب قربي، في متناول يدي..
لم أشعر بيدي وهي تزحف مثل جندي مخادع على أرض المعركة حتى وجدتها فوق يدها
فكأنني أصبت بصدمة كهربائية، جعلتني أقفز من مكاني وأقف منتصبا وأفكاري شلال من جنون المتناقضات
تتصبب مثل عرقي...
- ماذا فعلت، أنا مجرم، عليّ اللعنة، ماذا سيقال عني كمسلم...
العجيب في الأمر أن الفتاة الحسناء فعلت نفس الشيء وقامت فزعة وما لبثت أن قالت:
-أنا آسفة، إنه خطئي.. أستأذن..
وخرجت من مكتبها في عجلة..
أسئلة كثيرة لاحت في خلدي وامتصت طاقة رجلاي فلم أقْوَ على الوقوف...
- سبحان الله، من هذه المرأة؟ لاشك أنها نصرانية متدينة.
غادرت إدارة الشركة في ذلك المساء وأنا أتذكر وصية جدتي الثانية بعد عثرتي هذه
(وأتبع السيئة الحسنة تمحها)
فأسرعت وتوضأت ثم صليت ركعتين واستغفرت الله
ونسيت موضوع لمسة اليد المتعمدة نهائيا كأني بريء لم أفعل شيئا
لكن ما عجزت عن نسيانه هو وجه ماريا، روحها الطاهرة... موقفها من المعصية
وبدأ شعور غريب يتجيش حول قلبي، كجند يحاولون غزو قلعة حصينة
وما شجعني على قبول ذلك هو شبه تأكدي من أنها حصان من أكُفّ العابثين..
(هل يمكن أن...) هي فكرة كانت على أبواب رأسي حينما دخل رفيقي في الغرفة حيث كنت أقيم
- هاي ربيع.. سلامو عليكم..
- أهلا بيتر وعليكم سلام..
بصوت نعسان تعبان لا يريد الحديث.
- إيي.. رأيتك اليوم تخرج من مكتب ماريا في غير وقتك.. هل حدث شيء ما هعهع؟؟
هذا ما قاله بيتر بعدما جلس عند رجلاي، كان يتحدث بصوت ماكر يقطر الخبث من عينيه.
فقلت بعدما حككت ذقني:
- لا لم يحدث... فماريا شابة محترمة رغم جمالها الفتان..
- وماذا عنك يا ربيع، ألست محترما أيها المسلم؟؟
حينما طرح علي هذا السؤال تمنيت أن أضرب بمخيط يخترق رأسي قبل أن أضع يدي على يدها
الحمد لله أن الأمر توقف عند ذلك الحد ولم يتجاوزه وإلا لكنت في اسم لم يكن.
- بيتر.. أنت صديق مخلص مقرب من قلبي، أود أن أسألك سؤالا، شرط أن تبقي الأمر سرا بيننا؟
حينها اعتدل في جلسته وقال:
- تفضل، أشعر أنك جاد في سؤالك هذا، لن أخبر أحدا أقسم بربّ المسيح..
ابتسمت ثم انفجرت ضحكا حتى بانت نواجدي وقلت:
- هل تقسم ماريا مثلك بربّ المسيح؟؟
فابتسم ثم أجاب في حيرة:
- نعم هي تقسم مثلي بربّ المسيح، وهناك بعض من العمال أيضا يقسمون كذلك، لماذا؟
علت وجهي إشراقة من البشائر وأنا أتنفس الصعداء ثم قلت:
- لا شيء، دعني اسألك سؤالي..
- تفضل
أخذت نفسا عميقا ثم قلت محاولا أن أسبق لساني بأفكاري:
- أريد أن أتزوج الآنسة ماريا.. ما رأيك؟؟؟
تبدل وجه بيتر، وخيم صمت رهيب على الغرفة جعلني أسمع بكاء الصراصير على ساعات الصيف الضائعة
قبل أن ينفجر في نوبة ضحك هستيرية..
- تتزوج.. من؟ ماريا؟؟ هاهاهاهاه ربيع يتزوج ماريا؟؟
لا تستطيع، هذا حرام في دينك وحتى في ديننا..)
علامات استفهام كثيرة طرحت نفسها وأنا أسمع هذا الفيلسوف المتحاذق الذي يحاول أن يعلمني ديني:
- لماذا؟ لماذا يا بيتر؟ ما المانع؟؟؟؟.
- إنها متزوجة يا ربيع... متزوجة يا صديقي....
هههههههههههههه
وانفجرت بدوري ضحكا
ههههههههههه