هل الأمريكان فوق طائلة القانون؟! سؤال يطرح نفسه بقوة بعدما استطعمنا
مرارة الركوع لها واستدركنا أن ما سمعناه من تصريحات عنترية ما هى إلا
غمامة انقشعت قبل أن تمطر بفعل الرياح الأمريكية.. أين تلك الاتهامات التى
ألقتها الدكتورة فايزة أبو النجا فى عقولنا وجعلتنا نقف خلفها مدافعين
ومثابرين للذود عن كرامتنا وحريتنا بعد سيل اتهاماتها لتلك المنظمات
بالتدخل السياسى والوقوف وراء إثارة الفوضى فى مصر، وتمويل أجنبى لمنظمات
تمارس أنشطة بدون موافقة الحكومة المصرية وبدون ترخيص وأنه تم العثور على
مستندات وخرائط بمقر إحدى المنظمات الأمريكية تدعو إلى تقسيم مصر إلى أربع
مناطق؟ ووجهت اتهامات فى القضية إلى 43 أجنبيًا ومصريًا، بينهم 16 أمريكيا
وإحالة قضية المنظمات الحقوقية للقضاء دفع الجميع إلى الظن بأن هناك
اتجاهاً لتطبيق القواعد القانونية دون أى ضغوط أجنبية أو داخلية فإذا كانت
هذه المنظمات تهدد الأمن القومى بالفعل فلماذا تم رفع الحظرعن سفرالمتهمين؟
وإذا كانت هذه الإتهامات حقيقية فهذا يعنى أن من سمح برفع الحظر ارتكب
جريمة الخيانة العظمى!! أم كانت هذه التصريحات والاتهامات لعبة سياسية
وتصعيد إعلامى واتهام غير حقيقى تورط فيه القضاء المصرى نتيجة صفقات سياسية
مشبوهة! فما حقيقة قرار رفع الحظر وسفر المتهمين الأمريكيين فى قضية
التمويل الأجنبى؟ ولماذا كان هذا القرارمعلوماً للسلطة ولأمريكا قبل صدوره
بيوم على الأقل، ومن قبلها بيومين قالت وزيرة الخاريجية الأمريكية هيلارى
كلينتون إن الأمر سيحل فى غضون ساعات قليلة، والدليل هى الاستعدادات
الأمنية المشددة التى أعدت بمطار القاهرة قبل ترحيل المتهمين الأجانب إلى
أمريكا!! هذا القرار الذى استفز الرأى العام وشعر المصريون بخيبة أمل شديدة
واتجه البعض إلى الإحساس أنه ليس هناك فرق بين عهد الثورة وعهد مبارك وأن
هذا القرار يؤكد على استمرارية الضغوط الأمريكية على صانعى القرار فى مصر،
وعبرت جميع القوى السياسية والحزبية المصرية عن استيائها من هذا القرار
الذى انتهك السيادة المصرية ورأى البعض أن ما حدث يعد فضيحة، وتدخلاً سافرا
فى شئون القضاء المصرى.. إذن فهل كان الإفراج عن الأمريكان قرارا سياسيا؟
وهل اتخذ القاضى محمد شكرى قراره بالتنحى لأنه كما أعلن استشعر الحرج نتيجة
الضغوط المتواصلة للتأثير على نظر القضية، أم جاء رداً على المستشار عبد
المعز إبراهيم الذى برر تنحى المستشار شكرى عن نظر القضية باستشعار الحرج
بسبب ارتباط نجله بالسفارة الأمريكية بالقاهرة وأصبح كل طرف يلقى
بالمسئولية على الآخر، وزادها سوءًا تبادل الاتهامات علنيًا بين كبار
القضاة عبرالفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة وجاء ما نشره السيناتور
الأمريكى جون ماكين كالصاعقة بين الأوساط السياسية ففى بيان نشر له وجه
الشكر لجماعة الإخوان المسلمين، مشيداً بدورها المؤثر فى حل أزمة
الأمريكيين المتهمين فى قضية التمويل الأجنبى وأشاد بدور اجتماعاته الأخيرة
فى القاهرة بقادة حزب الحرية والعدالة وبعض أعضاء مجلس الشعب فى حل
الأزمة.
فيما نفى نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، خيرت الشاطر،
صلة الجماعة بذلك.. وبعد كل هذا الغموض فى تلك القضية، التى أثارت الرأى
العام بأكمله شهوراً طويلة نحتاج إلى معرفة المسئول الذى سمح بالتدخل فى
أعمال القضاء المصرى وأهان كرامة المصريين جميعاً وعلى الحكومة والمجلس
العسكرى الكشف عما حدث باعتباره جريمة سياسية ولابد من وقوف البرلمان وقفة
حاسمة أيضاً ومحاسبة المتورطين فى تلك الجريمة المهينة.