حكاية مدفع رمضان
ان،الذي كان يضرب لإعلان حلول الشهر ومواقيت الإفطار والإمساك، تقليد كان متبعا في العديد من البلدان الإسلامية في الماضي. ولا يزال موجودا في بعض هذه البلدان . صوت المدفع لمن عرفه وسمعه كان نوعا من الطقوس المحببة ينتظره الصائمون وغير الصائمين، ولا يزال ذكرى جميلة تثير الحنين لماض كانت فيه وسائل الإعلان والاتصال أبسط وأكثر بدائية.
تتضارب الروايات التاريخية حول أصول نشأة تقليد مدفع رمضان، ولكن جميع المراجع تتفق على أنه بدأ في مصر. هناك رواية تقول أن هذا التقليد بدأ عام 1811 في زمن والي مصر محمد علي باشا، حينما امتلك جيشه مدافع حديثة الصنع، فأمر بإحالة القديمة على المستودعات ووضع واحداً منها في القلعة كتذكار لإنتصاره. في أحد أيام رمضان انطلقت من القلعة طلقة مدفعية مع آذان المغرب، فظن الناس أن هذا كان لإبلاغهم بحلول موعد الإفطار، ففرحوا للأمر وأرسلوا الوفود للتعبير عن الشكر. منذ ذلك الوقت أمر والي مصر بإطلاق المدافع مع آذان المغرب وعند الإمساك، حتى أصبح تقليداً متبعاً خلال شهر رمضان.
رواية أخرى، وهي على الأرجح غير صحيحة، تقول أن فكرة مدفع رمضان أوجدها نابليون بونابرت حينما كان يحتل مصر، حيث أراد أن يقوم بعمل ما يرضي به أهلها، فأمر بنصب المدافع على قلعة القاهرة وتطلق منها قنابل البارود، إيذاناً بحلول شهر رمضان، ليصبح في ما بعد تقليداً متبعاً في رمضان.
رواية ثالثة تتكلم أيضا عن دور الصدفة التي أدت إلى فكرة ضرب مدفع رمضان في مصر في عهد المماليك، حيث أنه مع غروب أول أيام شهر رمضان من عام865 للهجرة رغب السلطان المملوكي "خوش قدم" في تجربة مدفع كان تلقاه هدية من صاحب مصنع ألماني، وصادف ذلك وقت الغروب، فظن الناس أنه تنبيه لهم بدخول وقت الإفطار، فخرجوا بعد الإفطار لشكره. ولما رأى سرورهم، قرر المضي بإطلاق المدفع كل يوم إيذاناً بالإفطار.
رواية رابعة تقول أن الحاجة فاطمة ابنة الخديوى إسماعيل كانت تعشق الخير والعلم، وتبرعت بكامل أرضها لإنشاءالجامعة الأهلية"جامعه القاهرة"، وكل مجوهراتها الثمينة للإنفاق على تكاليف البناء. كان الجنود يقومون بتنظيف أحد المدافع, فانطلقت قذيفة خطأ مع وقت آذانالمغرب في أحد أيام رمضان ،فاعتقد الناس أنه نظام جديد للإعلان عن موعد الإفطار،فعلمت الحاجة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل بهذا الأمر، فأصدرت فرمانًا ليتم استخدام هذا المدفع عند الإفطار والإمساك وفي الأعياد الرسمية.
المهم طبعا أن المدفع كان وسيلة ناجعة لتنبيه الصائمين أيام لم تكن الكهرباء ولا مكبرات الصوت ولا الإذاعة أو التلفزيون أو الخليوي والأنترنت أو...موجودة. الحنين إليه اليوم ليس لدواعي التنبيه ، بل للمحافظة على تراث جميل هو جزء من تاريخ طويل...