بسم الله
والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه
ماذا يريد أعداء الإسلام ؟؟؟؟
يثير أعداء الإسلام من وقت لآخر شبهاً ومغالطات، يقصدون من خلالها إثارة الشكوك عند الشباب المسلم حتى يزعزعوا من قلبه اعتقاده ودينه. ومن هذه الشبهات:
1. الجهاد:
فقد أثار أعداء الدين أن الجهاد الذي يدعو إليه الإسلام همجية، وأن الإسلام يحب سفك الدماء والحرب، ويعادي السلم والأمن.
والجواب عن ذلك: أن الجهاد في الإسلام إنما شُرع لنشر الحق وإقامة العدل، ولتأسيس نظام عادل ليقوم الناس بالقسط، حتى تتم سعادة البشر وفلاحهم. وإقامة الجهاد الإسلامي ليس من أجل أن تستبد أمة بالخيرات، أو ينفرد شعب بالثروات كما فعله الاستعمار الغربي بالأمم المستضعفة في مشارق الأرض ومغاربها، حيث جاسوا الديار عبثاً وفساداً، واستبدوا بمنابع الثروات دون أصحابها الأصليين. وإنما هو لهدف سام وغاية نبيلة وهي إزالة العقبات التي تعترض نشر دعوة الإسلام، وتحرير الناس من العبودية للعباد، وتركهم أحراراً وما يختارون.
ولابد لكل دولة تريد أن تحفظ مهابتها ودينها أن تكون قوية مستعدة لكل المخاطر التي تهددها وتتربص بها، وما فتئت أمم الدنيا تعدّ لنفسها القوة بمختلف الأساليب والأنواع وحسب الظروف.. كل ذلك حتى تحمي نفسها وتدافع عن حقها؛ فإن الحق لا يقوم مالم تسانده قوة وتحيط به.
يقول ابن تيمية رحمه الله: "لابد للناس من كتاب هاد، وحديد ناصر ".
وها نحن ترى العالم الإسلامي لما ترك الجهاد وإعداد العدة التي أمر الله بها كيف أصبح فريسة في يد أعدائه، ينهبون خيراته ويسلبونه ثرواته.
2. المرأة:
(ثامناً: المرأة ومكانتها في الإسلام ). سيأتي الحديث عنها.
3. الرق:
أثار أعداء الإسلام أن الدين الإسلامي دعا إلى تحقير الأرقاء، وشرع قضية الرق حتى يظل بعض الناس عبيداً لبعض، فيتسلط الحر على العبد ويستذله.
والجواب:
أن الإسلام وقف من مسألة الرقيق موقفاً لم يقفه غيره من الملل والنحل.. فقد كانت مصادر الرق ومنابعه عند ظهور الإسلام كثيرة جداً، بينما طرق التحرر ووسائله تكاد تكون معدومة، فقلب الإسلام في تشريعاته النظرة، وسن التشريعات التي تساعد على إزالة الرق من المجتمع والتحرر، وسدّ مسالك الاسترقاق الناتجة عن طريق الخطف والغصب والاستيلاء بالقوة، قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته: رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرّاً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه العمل ولم يعطه أجره ) رواه البخاري.
وما انتشر الرق ذلك الانتشار الرهيب في قارات الدنيا إلا عن طريق الاختطاف، بل كان المصدر الأعظم في أوربا وأمريكا في القرون الأخيرة.
ثم إنك حين تقلب عينيك في نصوص القرآن والسنة لا تجد نصاً يأمر بالاسترقاق، بينما تحفل آيات القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بالمئات من النصوص الداعية إلى العتق والتحرير، فقد فرض الله نصيباً في الزكاة لتحرير العبيد، وكذا وردت نصوص شرعية في كفارات القتل الخطأ والظهار والأيمان والفطر في رمضان تساعد على تحرير العبيد، إضافة إلى إثارة عواطف المسلمين من أجل العتق والتحرير ابتغاء وجه الله.
4. قضية الحدود:
أثار الأعداء أيضاً شبهات حول الحدود، وأنها أحكام همجية غير متحضرة، وليس فيها رفق ورحمة.. والجواب:
إن تشريع الحدود والعقوبات في الإسلام في أعلى درجات الرأفة والرحمة ليس للمجرم فحسب، بل للمجتمع بأكمله. ولئن كانت تلك العقوبات تبدو قاسية وفظة عند النظر إليها نظرة سطحية بلا تمعن ولا تفكير، ولكن نجد حين إيقاع العقوبات آثار الأمن والسلام في المجتمع، وردع وزجر المجرمين.
ثم إن تلك الحدود والعقوبات لا تطبق حتى يتأكد بأن الفرد الذي ارتكبها ليس له مبرر ولا شبهة اضطرار. فالشرع حين قرر قطع يد السارق اشترط أن لا تكون هناك شبهة بأن السرقة نشأت عن ألم الجوع، ولذلك لم ينفذ عمر بن الخطاب رضي الله عنه حد السرقة في عام الرمادة، حيث كانت الشبهة قائمة في اضطرار بعض الناس للسرقة.
ولننظر في حال المجتمعات التي لم تطبق الحدود الشرعية على المجرمين، واستعاضوا عن ذلك بالسجون، كيف ازداد الإجرام واستفحل، وكيف أصبح السجن مدرسة يتعلم فيها المجرم أساليب شيطانية أخرى من زملائه الآخرين، فانتشرت الجرائم وتطورت وسائلها وتشكلت عصابات تفوق إمكاناتها ووسائلها، وتجهيزاتها بعض الدول والحكومات.
5. قضية الحرية:
ومما أثاره أعداء الدين أن الإسلام يكبت الحريات ويمنعها، ويضيق الخناق على الرأي الآخر، والجواب:
أن الإسلام جاء ليضمن الحرية للإنسان وجعلها من أهم قيمه ؛لأنها فطرة الله التي فطر الإنسان عليها، ولأنها إحدى مقومات الشخصية الرئيسة للإنسان، وسواء في ذلك الحرية الدينية، أو حرية الرأي والتعبير.
فقد أعلن الإسلام الحرية الدينية وكفلها للناس بصورة لم تعهدها الإنسانية قديماً أو حديثاً، ولم يحدث في تاريخ الإسلام أن أكره إنسان على ترك دينه واتباع الإسلام، ولا منع إنسان من ممارسة عبادته في محل عبادته وعلى الطريقة التي يفرضها دينه، ولم يعرف أن حاكماً مسلماً هدم كنيسة أو أقفل بيعة أو حولها إلى مسجد، بينما هُدّمت المساجد في الأندلس كلها وحوّلت إلى كنائس، عندما استولى الصليبون على الأندلس. ومنع المسلمون في بلاد كثيرة من الجهر بإسلامهم.
كذلك الإسلام دعا إلى استعمال الفكر والعقل في الكون دون حدود، فإذا كان قد أطلق حرية التفكير فإنه من الطبيعي أن يتبعها بحرية التعبير عن هذا الفكر بشتى أنواع التعبير، سواء كان باللسان أو القلم، وهذا يسمى بحرية الرأي. ولكن ضمن حدود الشرع والأدب.
ولقد حضّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه على أن يقولوا الحق مهما كانت الظروف، وأن لا تأخذهم في التعبير عما يعتقدونه من الصواب لومة لائم، قال أبو علي الدقاق: (من سكت عن الحق فهو شيطان أخرس ) وقال صلى الله عليه وسلم: (سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله ) رواه الطبراني، وقال الهيثمي: فيه ضعف.
والشيء الوحيد الذي منعه الإسلام وضيق الخناق عليه هو: الدعوة إلى إضعاف الدين والخُلُق، أو الترويج للإلحاد والزندقة باسم الحرية، وهذه دعوة خبيثة يجب مصادرتها والحجز عليها ومنعها بشتى الطرق.
المرأة المسلمة
1. مكانة المرأة المسلمة:
جاء الإسلام ليعيد للبشرية توازنها المنشود، ويخرجها من ظلمات الجاهلية والهوى إلى نور الهدى والإسلام، وإن من أعظم القضايا التي جاء الإسلام بتصحيحها: قضية المرأة بكافة أبعادها، حيث أصَّلَ حقوقها، وبيّن واجباتها، وأظهر مكانتها ودورها في الحياة.
فكانت المرأة في الإسلام قسيمة الرجل، فلها الحقوق المعتبرة، وعليها من الواجبات ما يلائم تكوينها وفطرتها، وفي الحديث: (إنما النساء شقائق الرجال )، رواه أبو داود والترمذي، وصححه السيوطي، وحسنه الألباني.
فالمرأة والرجل في الإنسانية سواء {فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى } [القيامة: 39]. وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء ً} [النساء: 1].
وهما في التكاليف والعبادة والثواب والعقاب سواء، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَة ً} [النحل: 97].
وعليها من الواجبات والمسؤوليات، والموالاة والنصرة ما على أخيها الرجل، قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَه ُ} [التوبة: 71].
ثم إن المرأة هي عماد المجتمع وينبوعه، فلم يغفل ديننا الحنيف حقها الأوفى من التكريم، أماً وزوجة وبنتاً وأختاً ورحماً.
فهي أم، تنال التكريم والاحترام، ولا يساويها أحد في حقها على أبنائها، بما أسدت من جميل، وما تحملت من متاعب {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا } [الأحقاف: 15].
وفي الحديث: أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال: أمك . قال: ثم من؟ قال: أمك . قال: ثم من ؟ قال: أمك . قال: ثم من ؟ قال: أبوك ) رواه البخاري ومسلم.
وجعل الإسلام عقوقها من أكبر الكبائر، وفي الحديث: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قلنا : بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ) رواه البخاري ومسلم.
والزوجة في الإسلام مكرمة، وقد وصفت في القرآن بأنها سكن للرجل، وأن علاقتهما علاقة مودة ورحمة، قال عز وجل: {وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون َ} [الروم: 21].
وخير الناس في الإسلام أوفاهم بحقوق زوجته، وفي الحديث : (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، وصححه السيوطي.
وهي بنتاً زينة الدنيا، وحجاب عن النار لمن أحسن تربيتها وتأديبها، وفي الحديث: (من كان له ثلاث بنات، فصبر عليهن وأطعمهن، وسقاهن، وكساهن من جدته، كن له حجاباً من النار يوم القيامة )، رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني.
جدته: أي غناه.
فهذا بعض ما للمرأة المسلمة من المكانة، سمت به على كل بنات جنسها ممن لم ينعمن بنعمة الإسلام، ويتشرفن بالانتساب إليه.
2. دور المرأة في المجتمع الإسلامي:
لقد رسم الإسلام المعالم الكبرى التي ينبغي للمرأة المسلمة في كل زمان ومكان ألا تخرج عنها في حياتها. فجعل البيت هو المكان الطبيعي للمرأة، واهتم الإسلام بدور المرأة فيه اهتماماً بالغاً، وفي قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } [الأحزاب: 33]. إيماءة لطيفة إلى أن يكون البيت هو الأصل في حياتهن، وهو المقر، وما عداه يكون استثناء طارئاً، إذ البيت سكن للأسرة، يلتقي فيه أفرادها على المودة والرحمة، وفي كنفه تنبت الطفولة، ويدرج النشء، وإنما يحصل ذلك عندما تقوم المرأة بدورها في بيتها.
وقد دلت الدراسات الاجتماعية والتربوية، بل والاقتصادية على أهمية دور المرأة في بيتها، وعن حاجات أفراد الأسرة إليها، زوجاً، ليسكن إليها زوجها، ويريح نفسه من عناء العمل والكد والتعب، وطفلاً؛ يحتاج إلى أمه في كل لحظات حياته من لحظة حمله إلى أن يبلغ مبلغ الرجال.
إن عمل المرأة في بيتها عمل مقدس، تؤجر عليه وتثاب، وله أعظم الأثر في الاستقرار النفسي والاجتماعي للمجتمع المسلم.
وإذا كان البيت هو المكان الطبيعي لعمل المرأة؛ بما يتناسق مع فطرتها وطبيعتها؛ فإن الشريعة الإسلامية أجازت للمرأة العمل خارج بيتها عند الحاجة؛ بشروط وضوابط تتلخص في الآتي:
1. أن يتوافق العمل مع طبيعتها وحاجات المجتمع:
ولقد ضرب الرعيل الأول أحسن الصور في ذلك، فقد كانت نساء الصحابة القدوةَ في أعمالهن: في الدعوة إلى الله، وفي طلب العلم النافع، والدفاع عن بيضة الإسلام عند الحاجة. وفي الأمور الاجتماعية كمعاونة المحتاجين، والتربية والإرضاع، وغير ذلك، مما سنعرضه في نماذج من النساء في صدر الإسلام.
2. الالتزام بالحجاب، مع ترك الاختلاط أو الخلوة أو التبرج والسفور.
3. أمن الفتنة، فإن الشريعة الإسلامية جاءت بسد ذرائع الفساد والشر، وقد أرشد أمهات المؤمنين - قدوة نساء العالمين - فقال: {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } [الأحزاب: 32].
4. ألا يستغرق العمل وقتها، أو يتنافى مع طبيعتها:
وذلك أن الإسلام يعطي الأولوية للبيت من اهتمام المرأة؛ ولأن عمل المرأة خارج البيت إذا استغرق وقتها وجهدها، أثر على حقوق الزوج، ورعاية الأبناء.
وإنما يهدف الإسلام بذلك إلى بناء المجتمع المتكامل المترابط، الذي يعيش أفراده على الطهر والعفاف، والراحة والوئام.
3. قضايا شرعية:
1. الحجاب:
شرع الإسلام الحجاب ليبطل ما كانت تموج فيه الجاهلية من عشوائية الصلات بين الرجال والنساء.
فالحجاب في الإسلام يشمل جميع الآداب الشرعية التي تحفظ المرأة المسلمة من الابتذال، والمجتمع المسلم من الفساد، فهو يشمل:
1. اللباس الشرعي، فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تكشف شيئاً من بدنها إلا لضرورة أو حاجة، كالشهادة أو العلاج إذا لم تتوفر الطبيبة.
2. أن تسدل على ثيابها عند الخروج جلباباً، وهو الثوب الواسع، أو العباءة الفضفاضة، قال تعالى : {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْن َ} [الأحزاب: 59].
3. ألا تخرج من بيتها متبرجة، ولا متطيبة، لأن الله المؤمنات من إبداء الزينة عند الخروج {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } [الأحزاب: 33].
4. أن تحفظ جوارحها؛ فتغض بصرها عما حرم الله، ولا تخضع بالقول، ولا تتمايل في مشيتها، بل تكون مثال المؤمنة الصيّنة العفيفة، قال تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } [النور: 31].
والالتزام بالحجاب يورث تزكية الفرد، وصلاح المجتمع. وما انحلت عرى كثير من المجتمعات المعاصرة، واستشرى فيها الفساد إلا لما أهملت العمل بهذه الشعيرة العظيمة.
2. الطلاق:
من حكمة الله عز وجل أن شرع الطلاق، عندما يتعذر الوفاق بين الزوجين، وتستحكم النفرة، وتخفق كل وسائل الإصلاح والتوفيق، فهنا يكون العلاج -رغم مرارته - هو الطلاق، وفي الحديث (أبغض الحلال إلى الله الطلاق )، رواه أبوداود وابن ماجه، وضعفه الألباني.
ذلك أن الإسلام عظم شأن الزواج، وجعله من أعظم المواثيق، قال تعالى: {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } [النساء: 21]. وأمر بالمعاشرة بالمعروف {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } [النساء: 19]. كما أمر الإسلام بمعالجة المشكلات الزوجية بكل السبل والوسائل المتاحة، حتى تعود إلى الموافقة والمتابعة، ثم أمر الأسرة أن تتدخل للتحكيم والإصلاح عن طريق (المجلس العائلي )، كما قال تعالى: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا } [النساء: 35]. فإذا استنفدت كل الوسائل، نظم الإسلام عملية الطلاق، بأن يطلقها، وهي طاهر في طهرٍ لم يجامعها فيه، أو وهي حامل، حتى يكون قرار الفراق بعيداً عن أي مؤثرات نفسية، كأن تكون المرأة حائضاً.
إن هذا كله يدل على كمال هذه الشريعة، وكمال هذا الدين، الذي جاء ليكفل سعادة البشرية في كل شؤونها وأحوالها.
3. تعدد الزوجات:
من واقعية الشريعة الإسلامية أنها راعت قوة الدوافع الجنسية لدى الإنسان وتظرت إليها نظرة واقعية، ولم تنظر إليها باستخفاف، ولا باستقذار، كما فعلت بعض الملل والنحل، ولم ترض للإنسان أن يقاد من غرائزه وحدها، كما فعلت بعض الفلسفات… فشرعت إشباع الدافع الجنسي بطريقة نظيفة، تضمن بقاء الإنسان، وكرامة الإنسان، وارتفاع الإنسان عن الحيوان، وذلك بتشريع "نظام الزواج"، وقد أشار القرآن إلى ذلك بعد ذكره ما حرم الله من النساء، وما أحل وراء ذلك بشرطه، ثم قال: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا } [النساء: 26-28].
فالمفهوم من وصف الإنسان بالضعف في هذا المقام، ضعفه أمام الغريزة الجنسية.
وانطلاقاً من هذه النظرة الواقعية للحياة والإنسان، كانت إباحة تعدد الزوجات كما شرعه الإسلام.
فما دام في الزوجات من يعتريها المرض ويطول، ومن تمتد بها الدورة الشهرية إلى ثلث الشهر أو أكثر، ومن ترغب عن الرجل، ولا تقبل عليه إلا بصعوبة، وما دام كل الرجال لا يستطيعون التحكم في غرائزهم، فلماذا لا نتيح لهم طريق الزواج الحلال في العلانية والنور، بدل البحث عن الحرام في الخفاء والظلام؟!.
وإذا كان من النساء من ابتليت بالعقم، وفي الرجال من يكون قوي الرغبة في الإنجاب، فلماذا لا نتيح له تحقيق رغبته في الولد بالزواج من امرأة أخرى ولود، بدل كسر قلب الأولى بالطلاق، أو تحطيم رغبة الرجل بتحريم الزواج الثاني عليه.
وإذا كان عدد الصالحات للزواج من النساء أكثر من عدد القادرين عليه من الرجال بصفة عامة، وبعد الحروب بصفة خاصة، فليس أمام العدد الزائد إلا واحد من ثلاثة احتمالات:
1. أن تقضي الفتاة عمرها في بيت أهلها عانساً، محرومة من حقها في إشباع عاطفة الزوجية وعاطفة الأمومة، وهي عواطف فطرية غرسها الله في كيانها، لا تملك لها دفعاً.
2. أو البحث عن متنفس غير مشروع من وراء ظهر الأسرة والمجتمع والأخلاق.
3. أو الزواج من رجل متزوج، قادر على إحصانها، واثق من العدل بينها وبين ضرتها.
أما الاحتمال الأول: ففيه ظلم كبير لعدد من النساء، بغير جرم اقترفنه.
والاحتمال الثاني: جرم في حق المرأة، وفي حق المجتمع، وفي حق الأخلاق، وهو -للأسف - ما سار عليه الغرب، فقد حرم تعدد الزوجات، وأباح تعدد الصديقات والعشيقات، أي: أن الواقع فرض عليهم التعدد. ولكنه تعدد لا أخلاقي ولا إنساني، لأن الرجل يقضي من ورائه وطره وشهوته، دون أن يلتزم بأي واجب، أو يتحمل أية تبعة، تأتي نتيجة لهذا التعدد.
أما الاحتمال الثالث: فهو وحده الحل العادل، والنظيف، والإنساني والأخلاقي، وهو الذي جاء به الإسلام.
4. القرار في البيوت:
جاء الإسلام ليضع معالم ومنهج الحياة الاجتماعية في المجتمع المسلم؛ فحدّد وظيفة الرجل؛ بما يناسب طبيعته واستعداده ومواهبه، وحدّد وظيفة المرأة بما يناسب طبيعتها وفطرتها ومواهبها.
وجاءت الشريعة بما يناسب فطرة المرأة؛ فجعلت البيت هو المكان الطبيعي لعملها؛ يقول تعالى -مخاطباً أمهات المؤمنين - {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } [الأحزاب: 33]. وإنما خوطبت أمهات المؤمنين، ليقتدي بهن من هنَّ دونهن من نساء المؤمنين، ولئلا يظن أن في ذلك الحكم إهانة لهن؛ بل هو تكريم وتشريف لهن.
وهذا الحكم موافق للحاجات النفسية لأفراد الأسرة: زوجاً، وأولاداً.
فالزوج: يحتاج للسكن إلى زوجته بعد عناء العمل، وإلى من يعينه على مشاق الحياة.
والأولاد: يحتاجون إلى الرعاية والحضانة في صغرهم، ثم إلى التربية والتوجيه في كبرهم؛ مما لا يستطيع الاضطلاع به غير الأم؛ ولقد أخفقت كل الوسائل الحديثة التي ابتدعتها حضارة العصر البائسة لشغل هذا الدور بدلاً عن الأم؛ مما كان له أكبر الأثر على أوضاع المجتمعات نفسياً واجتماعياً وتربوياً.
ولقد صدق عليه الصلاة والسلام: (والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعيته ) رواه البخاري ومسلم.