نسر الأبداع عضو ذهبي
المهنه : المزاج : الجنس : بلدي : عربي وكفي محافظة : المحرق عدد المساهمات : 120 نقاط : 360 تاريخ الميلاد : 16/11/1998 تاريخ التسجيل : 19/06/2013 العمر : 25
| موضوع: هـــؤلاء الـيتــامـى الأربعاء يونيو 19, 2013 12:37 pm | |
| - اقتباس :
-
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هـــؤلاء الـيتــامـى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي الطفولة حقها من الاهتمام والرعاية، كان يلاعب الأطفال ويسابقهم ويخاطبهم على قدر عقولهم ويوصي الآباء بالعدل بينهم حتى في القُبلة. وحفلت كتب السيرة ومؤلفات حديثة بتوصيف الأسرة المسلمة والعلاقات السوية التي تربط بين أفرادها والحقوق المكفولة لكل فرد فيها.
ولكن في عالم اليوم حدِّث ولا حرج! لقد أوشك حق الأبناء في الجلوس إلى آبائهم على الانقراض، ولِمَ لا؟! والكثير من آباء اليوم لا يعدو كونه ممول للأسرة ظناً منه بأن حقوق الأبناء هي توفير سبل ووسائل الراحة الجسدية والعيش الرغيد. فأصبح الأب اليوم هو الحاضر الغائب... فماذا كانت النتيجة؟! يجيب عن هذا التساؤل واقعنا الأليم الذي تفشت فيه المخدرات والجرائم الأخلاقية والموبقات ولا سيما أن مجتمعنا قد قطع شوطاً كبيراً في دخول جحر الضب "أي تقليد غير المسلمين". نرى وسائل الإعلام لا تألو جهداً في التحذير من مخاطر المخدرات، ولكن قلما نجد أحداً يدعو إلى ضرورة الترابط الأسري وأن يكون الأب هو الحاضر الحاضر وليس الحاضر الغائب وبألا تستبدل الأم بالخادمة. يقول الدكتور نجيب الكيلاني ـ رحمه الله ـ في كتابه "الإسلام ومعركة الحياة" :
"إن أي مشروع لنجدة الجيل الجديد وإنقاذه من السقوط القاتل لن تكون له قيمة إلا إذا أعيد بناء الأسرة على أسس تربوية إسلامية صحيحة ومتينة ويسوق ـ رحمه الله ـ قصة حدثت في المجتمع الغربي ولكنها لا تختلف كثيراً عن واقع مجتمعنا اليوم والذي غدت فيه مثل هذه الأحداث بمثابة سوس ينخر في جدار الأسرة المسلمة ويهددها بالانهيار يقول فيها:
منذ سنوات قليلة مات جراح أمريكي شهير وهو في الثانية والخمسين من عمره، وأمريكا في العادة تحتفي صحافتها وإعلامها بالمشاهير من الرجال والنساء في أي مكان هناك، ويلعب الصحفيون دوراً بارزاً في الكشف عن الخفايا والأسرار ولا تتردد الصحف في دفع المبالغ الباهظة لمعرفة دقائق الأمور وبخاصة المثير منها، لكن الجراح الشهير الذي مات لم يكن وراءه أسرار وفضائح، كان مجرد موهبة فذة افترسها "سرطان الرئة" فسقط طريح الفراش، وبدا الأمر غريباً حداً ما لأن هذا الجراح شخَّص آلاف الحالات المشابهة في وقت مبكر أحياناً، وفي وقت متأخر أحياناً أخرى، لقد ظهرت عليه بعض الأعراض التي تثير الريبة، لكنه لم يكترث لها وربما خيل إليه ـ كجراح كبير ـ أنه محصن ضد هذا المرض الخطير. ولما تطورت حالته إلى الأسوأ رأى أن يجري فحصاً مبدئياً، وأصابه الذهول في البداية ومع الاستمرار في الفحوص والأبحاث تبين له أن الخطر قد بلغ مرحلة متقدمة واستسلم للأمر الواقع وجاء أحد الصحفيين إليه ذات يوم وسأله عن شعوره الآن وهو على أعتاب الموت قال الجراح: إنني أشعر بندم عميق لسببين اثنين، أولهما أنني لم أكن أعطي لزوجتي وأطفالي حقوقهم الأسرية، وثانياً أنه كان بإمكاني أن أتوقف عن التدخين ببساطة، لكنني ـ برغم تأكدي من أخطاره ـ ظللت أدخن بشراهة ـ لقد بقيت أعمل كثيراً وأدخن بشراهة ولا أعود إلى البيت إلا منهكاً"... وقفت طويلاً أمام هذه الكلمات (والتعليق للدكتور نجيب الكيلاني ـ رحمه الله). إن الكيان الأسري مهدد في كثير من بلدان العالم، كثير من الآباء لم يعد لديهم الوقت ليجلسوا في بيوتهم ويتحدثوا مع زوجاتهم وأبنائهم ويحاولوا البحث عن مشاكلهم وما يصاحبها من اضطراب أو قلق أو جهل وتكون الكارثة بحجم أكبر إذا ما كانت الأم هي الأخرى منشغلة بعمل أو وظيفة منتظمة أملاً في رفع المستوى الاقتصادي للأسرة.
لقد فقدت الأسرة الجديدة في كثير من أنحاء العالم صفة التوازن وأصبح ـ بالتبعية ـ لكل فرد عالمه الخاص وحتى الرضيع لم يعد يحصل على حقه الطبيعي من حنان الأم ومن الرضاعة الطبيعية، وأصبحت دور الحضانة أو المربية بديلاً عن الأسرة "الأب والأم والإخوة والأخوات" ولا يمكن الفصل بين ما أصاب الجيل الجديد في أمريكا وغيرها من انحرافات ومخدرات "إيدز" وجرائم وبين تقاعس الأسرة في أداء رسالتها... لأنه ليس بإمكان الفتيان والشباب أن يصنعوا لأنفسهم فلسفات تربوية وأخلاقية صحيحة كيف والأسرة لم تحصنهم التحصين الكافي ضد الانحراف؟!
لقد تغلبت قيم الشارع وأندية الفساد على قيم الأسرة وأصبح الفتى أكثر تأثراً برفاقه من أمه وأبيه ومدرسته. نعم قد تكون هناك عوامل كثيرة تبعاً للبيئات والظروف الفكرية والسياسية والاجتماعية، ولكن تبقى الأسرة هي المؤثر الأول في صنع السعادة أو بذر بذور الشقاء. فبعض الآباء ليست لديهم فكرة واضحة عن عالم أبنائهم بل بلغ الأمر ببعضهم أنه يجهل في أي صف بالمدرسة يدرس ولده!
إن الانصراف عن الأبناء إلى المهام الحياتية مهما كانت كبيرة لايسقط حق الأبناء في الجلوس إلى آبائهم وتبادل الحديث والرأي معهم والاهتمام بأمورهم، إن مئات الملايين من أطفال عالم اليوم يتامى.
نعم يتامى برغم وجود الأب والأم وقد لاندرك حجم المأساة إلا في وقت متأخر.
منقول عن مجلة المجتمع دمتم برعاية الباري وحفظه | |
|