السماء تُمطر لأجل تائب ..
إن كانت الأرض قد تحركت وطُويت ، فإن السماء والسحب كذلك تتحرك لأجل تائب ..
أورد
ابن قدامة في كتابه ( التوابون ) هذه القصة الرائعة لعبد تاب من بني
إسرائيل حيث لحق ببني إسرائيل قحطٌ في عهد موسى عليه السلام فاجتمعوا إلى
موسى وقالوا يا نبي الله ادع لنا ربك أن يسقينا الغيث فقام معهم وخرجوا إلى
الصحراء ليستسقوا وهم سبعون ألفاً أو يزيدون ، فقال موسى : إلهنا اسقنا
غيثك وانشر علينا رحمتك وارحمنا بالأطفال الرضّع والبهائم الرتّع والشيوخ
الركّع فما ازدادت السماء إلا تقشعاً وما ازدادت الشمس إلا حرارة ، فقال :
يا رب استسقيناك ولم تسقنا ؟؟ قال الله يا موسى : إن فيكم عبداً يبارزني
بالمعصية منذ أربعين عاماً فأْمره أن يخرج من بين أظهركم .
قام
ينادي فيهم قائلاً : يا أيها العبد العاصي الذي بارز الله بالمعصية أربعين
عاماً اخرج من بين أظهرنا ، فيوحي الله إلى موسى أنه تلفت هذا العبد يميناً
وشمالاً لعله يخرج غيره فعلم أنه المقصود بذلك فقال في نفسه إن خرجتُ
افتضحت على رؤوس بني إسرائيل وإن بقيت هلكت وهلكوا جميعاً بالقحط والجدب
فما كان منه إلا أن أدخل رأسه في ثيابه وقال : يا رب عصيتك أربعين وأمهلتني
واليوم أقبلتُ إليك طائعاً تائباً نادما ، فاقبلني واسترني بين الخلق
هؤلاء يا أكرم الأكرمين ، فلم يستتم الكلام حتى علت السماء سحابة فأمطرت
كأفواه القرب ، فقال موسى كليم الله لربه سبحانه وتعالى يا رب سقيتنا ولم
يخرج من بين أظهرنا أحد !!
فقال الله يا موسى أسقيتكم بالذي منعتكم
به ، بنفس العبد الذي منعتكم به أسقيتكم به ، قال موسى يا رب أرني هذا
العبد الطائع التائب والنادم ، قال يا موسى :
لم أكن لأفضحه وهو يعصيني
أفأفضحه وهو يطيعني .. ؟!