كان هناك أب في الخامسة والثمانين من عمره وابنه في الخامسة والأربعين
وكانا في غرفة المعيشة، وإذ بغراب يطير بالقرب من النافذة ويصيح..
فسأل الأب ابنه: - ما هذا؟!
الابن : - غراب
وبعد دقائق عاد الأب وسأل للمرة الثانية..
- ما هذا؟!
- الابن باستغراب: إنه غراب!!
ودقائق أخرى عاد الأب وسأل للمرة الثالثة..
- ما هذا؟!
- الابن (وقد ارتفع صوته): إنه غراب.. غراب.. يا أبي!!
ودقائق أخرى عاد الأب وسأل للمرة الرابعة..
- ما هذا؟!
فلم
يحتمل الابن هذا، واشتاط غضبًا وارتفع صوته أكثر وقال: - ما لك تُعيد
عليَّ نفسَ السؤال، فقد قلت لك إنه غرابٌ هل هذا صعبٌ عليك فهمُه؟!
عندئذ
قام الأب وذهب لغرفته ثم عاد بعد دقائق ومعه بعض أوراق شبه ممزَّقة وقديمة
من مذكراته اليومية، ثم أعطاها لابنه وقال له : - اقرأها.
بدأ
الابن يقرأ : اليوم أكمل ابني 3 سنوات، وها هو يمرح ويركض من هنا وهناك،
وإذ بغراب يصيح في الحديقة فسألني ابني : - ما هذا؟ فقلت له إنه غراب، وعاد
وسألني نفس السؤال لـ23 مرةً، وأنا أجبتُه لـ23 مرةً، فحضنتُه وقبَّلتُه،
وضحكنا معًا حتى تعب فحملته وذهبنا فجلسنا.
سبحان الله..!!
قال
الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاّ َتَعْبُدُواْ إِلاَّ
إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَن عِندَكَ
الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلا
تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ
الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَة وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي
صَغِيرًا* رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ
صَالِحِينَ فإنه كان للأوابين غفورًا﴾ (الإسراء: 23- 25).