mohmohamed مرشح لفريق الابداع
المهنه : المزاج : الجنس : بلدي : مصر محافظة : القاهره عدد المساهمات : 1755 نقاط : 5241 تاريخ الميلاد : 20/10/1990 تاريخ التسجيل : 28/04/2013 العمر : 34
| موضوع: الرحمه والحب الأحد مايو 12, 2013 4:51 pm | |
| الرحمة اقوى من الحب
الرحمة اقوى من الحب
الرحمة عاطفة إنسانية راقية مركبة، ففيها الحب، و فيها التضحية، و فيها إنكار الذات، و فيها التسامح، و فيها العطف، و فيها العفو، و فيها الكرم. و كلنا قادرون على الحب بحكم الجبلة البشرية. و قليل منا هم القادرون على الرحمة. ذكر الحب في القرآن مرة واحدة فى قصة امرأة العزيز التي شغفها فتاها ( يوسف ) حبّا وقال نسوة في المدينة امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً."
فماذا فعلت امرأة العزيز حينما تعفف يوسف الصدّيق؟ و ماذا فعلت حينما دخل عليهما الزوج؟ لقد طالبت بإيداع يوسف السجن و تعذيبه. (( قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) )) ( يوسف ) و ماذا قالت لصاحباتها و هي تروي قصة حبها؟ (( وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32) )) ( يوسف ) إن عنف حبها اقترن عندها بالقسوة و السجن و التعذيب. و ماذا قال يوسف الصدّيق؟ (( قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ (33) )) ( يوسف )لأنه أدرك ببصيرته أن الحب سجن، و أن الشهوة قيد إذا استسلم له الرجل أطبق على عنقه حتى الموت.. و رأى أن مكثه في السجن عدة سنوات، أرحم من الخضوع للشهوة التي هي سجن مؤبد إلى آخر الحياة. إن الحب لا يظل حبا صافيا رفافا شفافا، و إنما ما يلبث بحكم الجبلة البشرية أن يصبح جزءا من ثالوث هو: الحب و الجنس و القسوة، و هو ثالوث متلاحم يقترن بعضه ببعض على الدوام. و لهذا لا يصلح هذا الثالوث أن يكون أساسا لزواج.. و لا يصلح لبناء البيوت، و لا يصلح لإقامة الوشائج الثابتة بين الجنسين. و من دلائل عظمة القرآن و إعجازه أنه حينما ذكر الزواج، لم يذكر الحب و إنما ذكر المودة و الرحمة و السكن. سكن النفوس بعضها إلى بعض. و راحة النفوس بعضها إلى بعض. و قيام الرحمة و ليس الحب.. و المودة و ليس الشهوة. (( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً )) ( الروم – 21 ) إنها الرحمة و المودة.. مفتاح البيوت. و الرحمة تحتوي على الحب بالضرورة.. و الحب لا يشتمل على الرحمة،. و الرحمة أعمق من الحب و أصفى و أطهر. و لذلك جاء كتاب الحكمة الأزلية الذي تنزل علينا من الحق.. يذكرنا عند الزواج بالرحمة و المودة و السكن و الذين خبروا الحياة و باشروا حلوها و مرّها، و تمرسوا بالنساء يعرفون مدى عمق و أصالة و صدق هذه الكلمات المنزلة. و إنما الإنسان وحده هو الذي امتاز بهذا الإطار من المودة و الرحمة و الرأفة، لأنه هو وحده الذي استطاع أن يستعلي على شهواته؛ فيصوم و هو جائع و يتعفف و هو مشتاق. و الرحمة ليست ضعفا و إنما هي غاية القوة، لأنها استعلاء على الحيوانية و البهيمية و الظلمة الشهوانية. الرحمة هي النور و الشهوة هي النار. و أهل الرحمة هم أهل النور و الصفاء و البهاء، و هم الوجهاء حقا. و الرحماء قليلون، و هم أركان الدنيا و أوتادها التي يحفظ بها الله الأرض و من عليها. و لا تقوم القيامة إلا حينما تنفد الرحمة من القلوب، و يتفشى الغلّ، و تسود المادية الغليظة، و تنفرد الشهوات بمصير الناس، فينهار بنيان الأرض و تتهدم هياكلها من القواعد. | |
|