بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الموحدين، وعلى آله وصحبه
ومن بعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد :
فمما لايخفى على مسلم عاقل متبع غير مبتدع، أن التوحيد والدعوة إليه هو مهمة
الرسل أجمعين، بل هو غاية إرسالهم كما قال المولى عز وجل
(( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ))
وقال تعالى
(( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون )) ، ومن المعلوم أيضا أن عبادة الدعاء
هي من أجل
أنوع العبادات، ولقد صحّ
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الدعاء هو العبادة )، لاأريد
الإطالة كثيرا وكذلك لاأريد أن أشعب الموضوع فهو أكثر من أن يحصر
في مجلدات فكيف بمقال صغير، لذلك سأطرق جزءا من محور من محاور
الموضوع في هذا المقال .
أقول :
لقد نبه الإمام السيوطي رحمه الله في هذا الباب على أمر لم أره لغيره فوالله
قد أبدع فيه إبداعا وأجاد فيه إجادة لم أرها ـ حسبما أعلم ـ لأحد غيره .
حيث قال في كتابه الماتع الإتقان في علوم القرآن :
((فإن قيل كيف جاء وإذا سألك عبادي عني فإني قريب وعادة السؤال
يجئ جوابه في القرآن بقل ......))
أي
أنّ الآيات التي جائت في كتاب الله وفيها سؤال للنبي صلى الله عليه وسلم
من قبل الصحابة عن أمور التشريع وغيره جائت منصوصة بيسألونك ومن
ثم بقل / ومن الأمثلة لكي يتضح المراد :
(( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما ))
(( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس ))
(( يسألونك ماذا ينفقون قل العفو ))
(( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير ))
(( ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير ))
(( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى ))
(( يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات ))
(( يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي ))
(( يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول ))
(( يسألونك عن الروح قل الروح ))
(( ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا ))
(( ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا ))
وهكذا فكل آية جاء فيها يسألونك جاء الجواب فيها مبتدئا بقل، هذا في كل
ماجاء في كتاب الله من خلال الاستقراء والتتبع إلا في آية واحدة ،
ولكن ماهذه الآية ياترى ولماذا اختلفت عن غيرها من
الآيات (( أليس الله بأحكم الحاكمين )) بلى، فما الحكمة من ذلك :
نجيب بما أجاب به الإمام السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن وقبل أن أكتب
الجواب لابد
أن نذكر الآية ففيها بيت القصيد والآية هي قوله تبارك وجل في علاه :
(( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان ))
غريب قد حذف في هذه الآية ماكان معتادا في السياق فما السبب ؟!!
تأمل أخي الحبيب جيدا قبل أن أجيب !!!!
ياهل ترى مالسبب؟
هل عرفت السبب ؟!!!!!!!!
أنا أعرف السبب ولذلك بطل عندي العجب :
السبب وبيت القصيد :
هو لتبيان أن لاواسطة بين الخالق والمخلوق في الدعاء الذي هو أجلّ أنواع
العبادات ولذلك حذفت الأداة المعتادة في السياق (( قل )) ،
هذا ما أفاده ذاك الإمام رحمه الله .
بقوله
((فإن قيل كيف جاء وإذا سألك عبادي عني فإني قريب وعادة السؤال
يجئ جوابه في القرآن بقل قلنا حذفت للإشارة إلى أن العبد في حالة الدعاء
في أشرف المقامات لا واسطة بينه وبين مولاه))