اللهم صل و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا ..
اجعل الله صاحبا .... ودعِ الناس َ جانبا ...
قال : صحبة غير الله ضياع ..ثم حسرة الأبد ..
فاجعل الله صاحبا ، ودعِ الناسَ جانبا ...
قلت : ما ليَ بدٌ من الخلق ..
قال : فاصحبْ من يعينك على طاعة الله سبحانه ، ويشدك إليه ، ويربطك به ..
وانبذ عنكَ من يشغلك عن ربك جل جلاله ..
ووطن نفسك على أن كل من شغلك عن ربك ، ولو ساعة من نهار أو ليل ، فإنما هو قاطع طريق ليس إلا ..
وهل يعقل أن تصاحب قاطع طريق ، ويميل إليه قلبك ؟ ..
قلت : كثيراً ما اضطر إلى صحبة أمثال هؤلاء .. بسبب ظروف عمل
أو صلات قرابة ، أو جوار أو دراسة ونحو ذلك ..
قال : المضطر يأكل الميتة ، ولكن بقدرٍ ولا يزيد ..
وهؤلاء كن معهم بقالبك ، أما قلبك فيبقى مشدوداً إلى الله سبحانه .
قلت : هذه تتعسر عليّ ..
قال : أولاً وطن نفسك على أن هذا هو ميدان مجاهدتك لنفسك ،
فإن صدقت الله في هذه المجاهدة ، ساق إليك الخير من حيث لا تحتسب كما قال :
( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) ..
ثم ذكّر نفسك دائماً : أنك ترغب أن تربح على الناس ،على أن يربحوا هم عليك ..
قلت : زدني توضيحاً ..
قال : اعلم أنه إذا انتصبت هذه الفكرة في عقلك واستقرت فيه ،
فإنك لا تتعامل مع أحد إلا وأنت عازم على أن تربح عليه ما يزيدك قربا من ربك ، وليس العكس ..
وهذا يجعلك تتعامل معه بما يكون سببا في زيادة رصيدك عند ربك سبحانه .
وهناك ما هو أعجب من ذلك ..
قلت : ما هو ؟
قال :
إذا صدقت في هذا ، وأحسنت مجاهدة نفسك في هذه الدائرة ،
وجدت صداها وبركتها بوضوح ، هذه واحدة ، والثانية :
أن عدوى هذه البركة ستسري إلى الطرف الآخر إن كان فيه خيراً ،
شعر بذلك أو لم يشعر ..وبهذا تكون قد ربحت مرتين ..
قلت : هذا كلام جديد والله أسمعه لأول مرة ..فجزاك الله عني خيراً ..
قال : المعاني التي تحرك القلوب إلى الله وتهيجها لمزيد من القرب منه ،
تبقى جديدة أبداً ، وكلما أعدتها ازدادت صقلاً ..
وكلما انفعلت معها وأنت تتحدث عنها ، شعر الطرف الآخر كأنه يسمعها لأول مرة ..
قلت : الله أكبر .. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ..
قال : نعم هو ما تقول .. ولكن الله جعل أسبابا وسن سنناً ،
ومن عمل بتلك الأسباب ، وسار على تلك السنن ، منحه الكثير ،
وأعطاه أكثر مما وعده ..
قلت : أسأل الله أن يعينني على ذكره وشكره وحسن عبادته ..
قال : فاحمد الله إذن حمداً كثيراً على أن يسر لك مثل هذه المعاني ،
في الوقت الذي حرمها غيرك وهم بالملايين ...!
قلت : الحمد لله حمداً كثيراً طيبا مباركاً فيه كما يحب ربي ويرضى
دمتم في رعاية الله وحفظه