السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
ܔೋܔ خواطر إيمانية ܔೋܔ
من
صاحبك لدنياك فكن على حذرٍ فوريٍ منه، فإنه صلاحية صحبته تنتهي فور انقضاء
حاجته الدنيوية منك، بل لعله ينقلب عليك عدوّاً وحاسداً لما رآه عليك من
نعم الله تعالى، أما من صاحبك لدينك ولم يرغب في دنياك، فاعضض على صحبته
بالنواجذ لأن بركتها تمتد إلى قيام الساعة، بل يظلك الله بصحبته في ظلّهِ
يوم لا ظلَّ إلا ظلّه
يا ترى
هل ما نحياه في هذه الدنيا هو الحقيقة أم أنه الحلم والخيال الذي يسرق
أيام عمرنا دون أن نشعر لنواجه على حين غرّة الحقيقة المفزعة التي سوف
نستيقظ عليها يوم الفزع الأكبر حين البعث والنشور؟! أكاد أصرخ في كل ما
حولي من ديكورات وخلفيات هذا الحلم الذي نعيشه أن انكشفي فما وراءك من
أهوال أشد بكثير من إغراءاتك السفيهة _ سريعة الزوال _ والتي لا تورث
صاحبها إلا خزي الدنيا وعذاب الآخرة
السم
الزعاف الذي يدسه الشيطان في أيام حياتنا هو الغفلة التي تحجب العقل عن
التفكر في العواقب والقلب عن استشعار مراقبة الخالق؛ وبالتالي تنساق كافة
أعضاء الجسد تباعاً لمؤثرات الشهوة في ظل التأثير على يقظة العقل والقلب،
فالعين بالنظر والأذن بالسمع واللسان بالنطق والفرج يصدق ذلك أو يكذبه،
فإذا كان يوم القيامة وجد العبد حصاد عمره جبالاً من الأوزار ينأى عن حملها
كانت الغفلة وحدها السبب فيها، فتحت تأثيرها وقعت منه المعصية
وتحت تأثيرها نسي ما كان منه من فعل تلك المعصية
وتحت تأثيرها غفل عن أن الله يحصي عليه كل معصية!!
حتى تراكمت منه وصارت كالجبال!!
فانتزع
زمام نفسك من رحى الدوران في تلك الغفلة، حتى تسعد بنجاة لا يعرف لها
طريقاً أحد من هؤلاء الغافلين، واعلم أنه ما أنت إلا عدد وكل يوم يمر عليك
ينقص من هذا العدد، حتى تجد نفسك في نهاية المطاف بين يدي من لا تخفى عليه
خافية
اللذة العاجلة مطب
للنفس البشرية، والسعيد من استطاع تطويع هذه الرغبة حسبما يرضي الله تعالى،
حتى يصل بها إلى مرتبة استشعار حلاة الإيمان وزينته في قلبه، وبغض الكفر
والفسوق والعصيان، وحينها فقط يمكنه بلوغ مرتبة الراشدين
إذا
أردت النجاة بصدق فتعامل في جميع شؤون حياتك من منطلق الضعف مع الله
والمذلة له وتسليم جميع الأمور إليه سبحانه، والجأ من حولك إلى حوله ومن
قوتك إلى قوته، ومن ضعفك وعجزك إلى سلطانه وقدرته؛ فإنك حيينها سوف تستشعر
دفء القرب من الله وقوة الصلة به، وحلاة الشوق والحنين إليه، وإياك ثم إياك
أن تغتر بنفسك وتظن فيها القدرة على فعل أي شيء دونما عونه ومشيئته، فإنك
بذلك تؤذن بهلاك نفسك وإلقائها في وادٍ سحيقٍ من المذلة والمهانة يصعب معه
استشعار أنك حتى ولو ذبابة أو أن لك قيمة أحقر الذباب
عجيبة
تلك النفس التي لا حدود لتمردها، فتراها حين تستشعر العجز والحرمان جزعة
خائفة تلتمس النجاة في أي اتجاه، وتراها حين تستشعر الغنى والمنعة متمردة
طاغية تستحقر كل ما حولها ولا تذعن لموعود الله، وهي بين الحالتين مدَّاً
وجزراً، ولا سبيل لإنماء خيّرها وتقليل شرِّها سوى بإرغامها على الإذعان
لصوت الحق الذي يحدو بها إلى رحاب الله تعالى، ففي ظلال رحابه سوف يتطاير
شرها ويتكاثر خيرها حتى لا يكاد يعرف الشيطان لها سبيلاً، وحيينها فقط سوف
تسعد بها ولها الحياة، وسوف يزداد شوقها جنَّات الله .