هذه جوانب من الحب في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يظن بعض الرجال أن احترامه لزوجته أمام الآخرين، وتقديرها، والنزول على رغبتها تقلل من شأنه، وينقص من رجولته، وتفقده قوامته.
والعكس صحيح فاحترام الزوجة ، وتقديره مشاعرها يجعلها تكن لزوجها في نفسها كل حب، واحترام، وتقدير، واعتراف بفضله وكرمه.
ولنا
في رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم خير قدوة، فقد كان يعيش بين أزواجه
رجلاً ذا قلب وعاطفة ووجدان، حياته مليئة بالحب، والحنان، والمودة،
والرحمة.
عائشة بنت الصديق رضي الله عنها
مع زوجته عائشة التي يحبها
كثيراً ، يراها تشرب من الكأس فيحرص كل الحرص على أن يشرب من الجهة التي
شربت منها، حب حقيقي لا يعرف معنى الزيف ، لإن صارالحب في زماننا اليوم
شعاراً ينادى به وكلمات تقذف هنا وهناك فإنها في نفس محمد عليه الصلاة
والسلام ذات وقع وذات معنى قل من يدركه ويسعد بنعيمه.
وهو
يسابقها في وقت الحرب ، يطلب من الجيش التقدم لينفرد بأم المؤمنين عائشة
ليسابقها ويعيش معها ذكرى الحب في جو أراد لها المغرضون أن تعيش جو الحرب
وأن تتلطخ بالدماء.
لا ينسى أنه الزوج المحب في وقت الذي هو رجل الحرب.
وفي
المرض ،حين تقترب ساعة اللقاء بربه وروحه تطلع الى لقاء الرفيق الأعلى ،
لا يجد نفسه إلا طالباً من زوجاته أن يمكث ساعة احتضاره عليه الصلاة
والسلام , إلا في بيت عائشة ،لماذا؟
ليموت بين سحرها ونحرها ، ذاك حب أسمى وأعظم من أن تصفه الكلمات أو تجيش به مشاعر كاتب.
ذاك
رجل أراد لنا أن نعرف أن الإسلام ليس دين أحكام ودين أخلاق وعقائد فحسب بل
دين حب أيضاً ، دين يرتقي بمشاعرك حتى تحس بالمرأة التي تقترن بها وتحس
بالصديق الذي صحبك حين من الدهر وبكل من أسدى لك معروفاً او في نفسك ارتباط
معه ولو بكلمة لا اله إلا الله ، محمد رسول الله .
حب لا تنقض صرحه الأكدار ، حب بنته لحظات ودقات قلبين عرفا للحياة حبا يسيرون في دربه.
هي
عائشة التي قال في فضلها بأن فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر
الطعام، وهي بنت أبو بكر رفيق الدرب وصاحب الغار وحبيب سيد المرسلين.
هي
عائشة بكل الحب الذي أعطاها إياه ، حتى الغيرة التي تنتابها عليه ، على
حبيبها عليه الصلاة والسلام، غارت يوما من جارية طرقت الباب وقدمت لها طبق
وفي البيت زوار لرسول الله من صحابته ، فقال للجارية ممن هذه ، قالت : من
ام سلمة ، فأخذت الطبق ورمته على الأرض، فابتسم رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم وقال لصحابته ، غارت أمكم ! ويأمرها بإعطاء الجارية طبقا بدل
الذي كسرته.
أحب فيها كل شيء حتى غيرتها لمس فيها حباعميقا له ، وكيف لا تحب رجلا كمثل محمد عليه الصلاة والسلام.
في
لحظة صفاءبين زوجين يحدثها عن نساء اجتمعن ليتحدثن عن ازواجهن ويذكر لها
قصة ابو زرع التي احبته زوجته واحبها ، وكانت تلك المرأة تمتدح ابو زرع
وتعدد محاسنه ولحظاتها الجميلة معه وحبهما ثم ذكرت بعد ذلك طلقها منه بسبب
فتنة امرأة ، ثم يقول لها رسول الله : كنت لك كأبو زرع لأم زرع ، غير اني
لا أطلق . فرسول الله هو ذاك المحب لمن يحب غير انه ليس من النوع الذي
ينجرف وراء الفتنة فهو المعصوم عليه الصلاةوالسلام.
لكن هذا الحب لا يجعله ينسى او يتناسى حبا خالداً لزوجة قدمت له الكثير وهي احب ازواجه الى نفسه ، لا ينسيه خديجة.
ففي
لحظة صفاء يذكر لعائشة خديجة ، فتتحرك الغيرة في نفسها ، الرجل الذي تحب
يتذكر اخرى وان كانت لها الفضل مالها ، فتقول له : ما لك تذكر عجوزا أبدلك
الله خيرا منها ( تعني نفسها ) ، فيقول لها ، لا والله ما أبدلني زوجا خيرا
منها ، يغضب لامرأة فارقت الحياة ، لكنها مافارقت روحه وما فارقت حياته
طرفة عين.
احب عائشة لكن قلبه احب خديجة ايضا ،قلبه اتسع لأكثر من
حب شخصين ، قد يحار في العقل اذا ما علمت رجلا احب جماهيرا من الناس لا
تحصيهم مخيلتك ، فالحب الذي زفه للناس حبا حملته اكف أيدي وقدمته للأمم
،ولله در الصحابي القائل ( نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج الناس من عبادة
العباد الى عبادة رب العباد ، ومن جور الأديان الى عدل الاسلام).